وكما قلنا سابقاً: لا تستطيعون أبداً لا تستطيعون أبداً ما دام لدينا - كمؤمنين - إيمانٌ بالله وبصدق قوله هو، أن كل ما ينطلق من عبارات تدل على مسارعة باتجاه فوق أو باتجاه تحت، إلى اليهود والنصارى فإنها تنبئ عن مرض في القلوب، وإن أول من هدد كل من تنطلق من فمه, أو يتحرك بما يدل على مرض في قلبه، إن أول من هدده هو الله حيث يقول: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، بل هدد بأن حقائق أمركم ستكشف هناك: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} (المائدة:53) أليس هذا تهديد إلهي؟.
نحن كل ما صدر منا، وكل صرخة نرفعها، كل اجتماع نعمله كهذا أو غيره نحن إنما تأثرنا بوسائل إعلامكم فماذا تريدون أنتم عندما تعرضون علينا أخبار ضربات اليهود والأمريكيين والإسرائيليين هنا وهناك في أفغانستان وفي فلسطين, وفي كل بقعة من بقاع هذا العالم، عندما تعرضونها علينا ماذا تريدون أنتم من خلال العرض؟.
عندما تأتي أنت أيها المذيع وتعرض علينا تلك الأخبار، وعبر الأقمار الصناعية لنشاهدها، فنشاهد أبناء الإسلام يُقًتَّلُون ويُذبحون، نشاهد مساكنهم تهدم، هل تظن أننا سننظر إلى تلك الأحداث بروحية الصحفي الإخباري الذي يهمه فقط الخبر لمجرد الخبر. وتهمه نبرات صوته وهو يتحدث واهتزازات رأسه. إن كنت لا تريد من نبرات صوتك أن توجد نبرات من الحرية, نبرات في القلوب، في الضمائر تصرخ بوجه أولئك الذين تقدم لنا أخبارهم، إن كنت لا تريد باهتزاز رأسك أن تَهز مشاعر المسلمين هنا وهناك، إن كنت إنما تحرص على نبرات صوتك وعلى اهتزازات رأسك لتظهر كَـفَنيِّ إعلامي، نحن لا ننظر إلى الأحداث بروحيتك الفنية الإعلامية الإخبارية، الصحفية, نحن مؤمنون ولسنا إعلاميين ولا صحفيين ولا إخباريين, نحن نسمع قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (الصف:2-3) نحن ننظر إلى ما تعرضه على شاشة التلفزيون بنظرتنا البدائية، نحن لا نزال عرباً لم نَتَمَدّن بعد، وببساطة تفكيرنا كعرب مسلمين لا تزال في نفوسنا بقية من إبَاءٍ، بقية من إيمان، فنحن لسنا ممن ينظر إلى تلك الأحداث كنظرتك أنت.
لنقول لهم: إذا كنتم لا تريدون من خلال ما تعرضون أن تحدثوا في أنفسنا أن نصرخ في وجه أولئك الذين يصنعون بأبناء الإسلام ما تعرضونه أنتم علينا في وسائل إعلامكم فإنكم إنما تخدمون إسرائيل وأمريكا وتخدمون اليهود والنصارى بما تعرضون فعلاً؛ لأنكم إنما تريدون حينئذٍ بما تعرضون أن تعززوا في نفوس أبناء الإسلام في نفوس المسلمين الهزيمة والإحباط, والشعور باليأس والشعور بالضَّعَة، أو فاسكتوا فلا تعرضوا شيئاً، ولكن لو سكتم فلم تعرضوا شيئاً ستكون إدانة أكبر وأكبر، ستكونون بسكوتكم تسكتون عن جرائم، تسكتون عن جرائم اليهود والنصارى في كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي ضحيتها هم أبناء الإسلام، هم إخوانكم من المسلمين.
هذه الحقيقة التي يجب أن نعرفها وأن نقولها لأولئك، وأن نرفض الحقيقة التي يريدون أن يرسخوها في أنفسنا هم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، حقيقة الهزيمة، حقيقة (الهزيمة النفسية)، لا نسمح لأنفسنا، لا نسمح لأنفسنا أن نشاهد دائماً تلك الأحداث وتلك المؤامرات الرهيبة جداً جداً، ثم لا نسمح لأنفسنا أن يكون لها موقف، سنكون من يشارك في دعم اليهود والنصارى عندما نرسخ الهزيمة في أنفسنا، عندما نَجْبُن عن أي كلمة أمامهم.
إذاً فهمنا بأنه ليس من صالح أي دولة كانت أن تُظهِر للآخرين ما يخيفهم عندما يتحدثون ويصرخون في وجه أمريكا وإسرائيل، عندما يرفعون صوتهم بلعنة اليهود الذين لعنهم الله على لسان أنبيائه وأوليائه.
ثم سنسهم دائماً في كشف الحقائق في الساحة؛ لأننا في عالم ربما هو آخر الزمان كما يقال، ربما - والله أعلم - هو ذلك الزمن الذي يَتَغَرْبَل فيه الناس فيكونون فقط صفين فقط: مؤمنون صريحون/ منافقون صريحون.. والأحداث هي كفيلة بأن تغربل الناس، وأن تكشف الحقائق.
دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الصرخة في وجه المستكبرين
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 17/1/2002م
اليمن - صعدة