موقع أنصار الله – محمد المطري
تتصاعد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة في المحافظات المحتلة إزاء تردي الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات الأساسية.
وتشهد المحافظات الجنوبية الخاضعة للاحتلال السعودي والإماراتي واقعا مأساوياً منذ قرابة عشر سنوات، حيث يعاني المواطن من صعوبة بالغة في الحصول على الخدمات الأساسية، أبرزها الكهرباء والتعليم والصحة والغذاء.
ولا تقتصر معاناة أبناء المحافظات الجنوبية على ما سبق ذكره وحسب، بل يعاني من انعدام شبه تام للأمن، وهو ما جعل تلك المناطق بيئة خصبة لانتشار عصابات الإجرام والسرقة والنهب والقتل، الأمر الذي جعل حياة المواطنين عرضة للخطر.
وبالرغم من تحريك تحالف العدوان السعودي والإماراتي لأدواته المرتزقة لقمع المتظاهرين، كما حدث خلال السنوات الماضية، غير أن تفاقم الأوضاع المعيشية في تلك المحافظات أسهم مؤخرا في توسيع رقعة الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، لتشمل عدن ولحج وأبين وشبوة وغيرها من المحافظات المحتلة، تقود تلك الاحتجاجات نساء، ما جعل أدوات المرتزقة تعجز عن قمع المظاهرات.
وتطالب المظاهرات النسوية الاحتلال السعودي والإماراتي بتوفير الكهرباء والماء وتحسين الصحة ودفع مرتبات الموظفين، وكذا وقف الانهيار المتواصل للعملة المحلية والتي وصل مؤخرا إلى 2450ريال مقابل الدولار الواحد.
وفي هذا السياق يرى محافظ عدن طارق سلام أنه منذ سيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي على المحافظات الجنوبية والوضع الخدمي في تردٍ مستمر، لافتا إلى أن المواطنين بتلك المحافظات ينامون ويستيقظون على جحيم من المعاناة وأنين الألم، الذي طغى على كل مفاصل الحياة وبات يواجه شبح الموت نتيجة الأزمات المتلاحقة التي أرهقت كأهله المثقل بالجراح والألم.
ويقول -في تصريح خاص لموقع أنصار الله- "عدن ثغر اليمن الباسم وعروس البحر بات أبناؤها اليوم يعيشون أبشع فصول المعاناة، لاسيما مع أزمة الكهرباء التي تنقطع لأكثر من 20 ساعة يومياً، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، مياه الشرب غير منتظمة، والنفايات تتكدس في الشوارع، التعليم متهالك، والمستشفيات بلا إمكانيات، أما العملة الوطنية فقد انهارت إلى آخر مستويات السقوط، وباتت لاتسمن ولا تغني من جوع في ظل وضع اقتصادي منهار بشكل كامل".
ويتهم سلام مرتزقة الاحتلال السعودي والإماراتي في خلق واقع معيشي صعب على المواطن، بالتزامن مع فشل ذريع في إدارة أبسط الملفات الخدمية من قبل سلطات المرتزقة، رغم الموارد والضرائب ونقاط الجبايات الممتدة على طول المحافظات، وحجم النهب المهول للثروات الوطنية التي باتت في متناول الفاسدين والمجرمين.
ويشير إلى أن المرتزقة حولوا موارد الدولة إلى ملكية خاصة بهم وأسيادهم، وقاموا بتهريب العملات الصعبة إلى حسابات بنكية خارجية، ما فاقم من حجم الانهيار الاقتصادي الذي تشهده المحافظات الجنوبية المحتلة.
وأمام تلك التحديات والواقع المرير الذي تشهده المحافظات المحتلة، يطرح سلام عددا من الخيارات تجاه أبناء الجنوب لتفادي الوضع المأساوي، منها الانتفاضة المسلحة ضد أدوات تحالف العدوان السعودي والإماراتي والاستمرار في التجمهر الشعبي الواسع في مختلف المدن والمحافظات، إضافة إلى إحياء الأنشطة والبرامج المعبرة عن الواقع المأساوي، ونقلها عبر مختلف وسائل الإعلام.
وفيما يتواصل مشهد الفوضى الأمنية في المحافظات المحتلة يجد المواطنون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع موجة الغلاء المتصاعدة، إذ أن قيمة المواد الغذائية وصلت أرقاما قياسية يصعب على أبناء تلك المحافظات استيعابها.
ووفق المرصد الاقتصادي اليمني "بقش" فإن أسعار المواد الغذائية في انهيار متواصل، حيث أظهرت إحصائية يوم 21 مايو وصول سعر القمح في المحافظات الجنوبية إلى 55 ألف ريال، في حين وصل سعر البنزين بتلك المحافظات إلى 33 ألف ريال، ما يعكس حجم التخبط الاقتصادي وانعدام الرؤية الاقتصادية في الجنوب المحتل.
ويؤكد محافظ شبوة اللواء الركن عوض محمد بن فريد العولقي أن أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة انصدموا من الوعود الكاذبة التي كان يسوق لها الاحتلال السعودي والإماراتي وأدواتهما فور سيطرتهما على تلك المحافظات.
وفي تصريح خاص لموقع أنصار الله يعتبر العولقي الغليان الشعبي في المحافظات المحتلة نتيجة طبيعية لما يعانيه أبناء الجنوب من أوضاع معيشية مزرية وصعبة وانعدام كلي لكل الخدمات الأساسية.
ويوضح أن التحالف السعودي والإماراتي انتهجا أساليب قذرة في نهب ثروات الجنوب، قبل أن توقف القيادة الثورية والسياسية هذا العبث، مبيناً أن دول الاحتلال لم تقدم للناس في هذه المحافظات حتى أدنى الخدمات الأساسية.
ويرى أن تردي الخدمات الأساسية وغياب غالبيتها كالكهرباء أوجدت قناعة تامة لأبناء المحافظات الجنوبية في ضرورة انها الاحتلال.
وفي الوقت الذي تغرق فيه المحافظات المحتلة بالأزمات الأمنية والاقتصادية والمعيشية، يتبادل قطبا الاحتلال السعودي والإماراتي -ممثَّلَين بما يسمى المجلس الانتقالي وحكومة ما يسمى بالمجلس الرئاسي- أصابع الاتهام حول تردي الأوضاع المعيشية وانهيار العملة وغياب الخدمات بتلك المحافظات.
وبدلا من البحث عن حلول إيجابية تفضي إلى تحسين الأوضاع المعيشية تنقذ أبناء الجنوب من شبح الغلاء وعتمة الظلمة، تمارس أدوات الاحتلال السعودي والإماراتي سياسة القمع والإخفاء القسري تجاه الأكاديميين والسياسيين والاجتماعيين والعلماء وكل من له صوت مؤثر في الجنوب المحتل يطالب بتحسين الأوضاع المعيشية ويدعو لإنهاء الفساد الإداري المستشري في كل مفاصل الحياة.
ويعتبر العولقي سياسة القمع والقتل والتدمير والانتهاكات الإنسانية نهجاً أساسياً اعتاد عليه مرتزقة العدوان السعودي والإماراتي منذ عشر سنوات وحتى اللحظة، لافتا إلى أن الانتهاكات الإنسانية طويلة ويصعب حصرها.
ويكشف تحقيق وثائقي نشرته قناة "بي بي سي" في العام 2020م تورط الاحتلال الإماراتي في اغتيال مئات السياسيين في الجنوب المحتل، ما يجعل الفوضى الأمنية والانهيار المعيشي أمراً مدبَّراً ومدروساً من قبل الاحتلال السعودي والإماراتي، يهدف إلى تغذية الصراعات بتلك المحافظات لضمان بقائها تحت مظلة الاحتلال.
ووفق العولقي فإن الاحتلال السعودي والإماراتي يسعون من خلال الانهيار المعيشي والفوضى الأمنية الخلاقة إلى تغذية الصراعات وجعلها واقعاً مفروضاً يقود الجنوب المحتل صوب التقسيم والتجزئة إلى كانتونات وسلطنات صغيرة، من خلال تشجيع ونشر الثارات والتناحر تحت عناوين طائفية وسياسية ومناطقية، واتباع سياسة فرِّق تسُدْ، وهي سياسة المحتل البريطاني.
وأمام تلك المخططات التآمرية يتنامى الوعي لدى أبناء المحافظات المحتلة تجاه مخاطر استمرار الاحتلال السعودي والإماراتي، ويعكس ملامح الوعي من خلال المظاهرات الشعبية في الساحات، والتي تطالب بإنهاء الاحتلال السعودي والإماراتي على حد سواء.
وعلى أثر ذلك يتوافد الكثير من أبناء الجنوب الأحرار الى العاصمة صنعاء، ويتواصلون مع القيادة الثورية والسياسية الوطنية، لاتخاذ موقف حازم من الاحتلال وأدواته، وبالتالي فإن تحرير المحافظات الجنوبية يقع نصب عيني أحرار اليمن في الشمال والجنوب.