أكّد الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، في كلمة له بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، أنّ "عيد التحرير غيّر مسار المنطقة سياسيًا وثقافيًا وجهاديًا"، مشيرًا إلى أنّ "المقاومة صنعت تحرير لبنان واستقلاله الجديد"، داعيًا في الوقت نفسه إلى أنْ "تنسحب "إسرائيل" وتؤدّي كل التزاماتها وبعدها لكل حادث حديث"، مشدّدًا على أنّ "الدولة هي المسؤولة"، مطالبًا إياها بأنْ "تتحرّك بفعالية أكبر".
وقال الشيخ قاسم إنّ "نشأة المقاومة كانت طبيعة جدًّا مع شعب أبِيّ لا يقبل الذل ولا الاحتلال ولا أنْ يكون مستسلمًا للعدو "الإسرائيلي"، مذكّرًا بأنّ "المقاومة بدأت تنمو في الستينات والسبعينات وبرز الإمام السيد موسى الصدر كإمام للمقاومة وإنشائه حركة المحرومين".
وتابع قوله: "في عام 1978 صدر قرار 425 يدعو "إسرائيل" إلى أنْ تنسحب من الأراضي اللبنانية وأنشأت ما سُمّي وقتها "دولة لبنان الحر" برعايتها ورئاسة الرائد سعد الحر، وهي كانت خطوة أولى لاقتطاع جزء من لبنان وإقامة المستوطنات في لبنان".
وأشار إلى أنّه "في عام 1999 بدأ يتنافس رؤساء الوزراء في الكيان على الانسحاب من لبنان، وحاولوا أنْ يعقدوا اتفاقًا مع لبنان لكنْ لم يفلحوا، وحاولوا عبر سورية ولكنْ لم ينجحوا".
ولفت إلى أنّ "الإسرائيلي" خرج قبل الموعد المتوّقع وخرج في الليل ولم يخبر عملائه أنّه سيخرج".
واعتبر الشيخ قاسم أنّ "25 أيار 2000 انتصار كبير جدًّا للمقاومة والشعب المضحّي الذي استطاع أنْ يكسر "إسرائيل" بخروجها من دون قيد أو شرط من جنوب لبنان".
وفيما أكّد أنّ "عيد التحرير غيّر مسار المنطقة سياسيا وثقافيًا وجهاديًا ونقلنا من الاحباط إلى الأمل ومن الهزيمة إلى النصر"، بيّن أنّه "بعد عيد المقاومة والتحرير أصبحت المقاومة مكوّنًا أساسيًا من مكوّنات لبنان لأنّ مشكلة العدو ما زالت موجودة".
وأضاف "المقاومة والتحرير مرحلة مختلفة تمامًا عن المرحلة السابقة، وكل الفضل في التحرير والنصر لله تعالى وهو نصر إلهي لأنّ القلّة انتصرت على الكثرة".
وذكَر الشيخ قاسم أنّ "المقاومة صنعت تحرير لبنان واستقلاله الجديد، وعيد المقاومة والتحرير قلب المعادلة"، مذكّرًا بأنّ "نشأة المقاومة كانت طبيعية جدًا مع شعب لا يقبل الذل والاحتلال".
وقال الشيخ قاسم: "لا بدّ من توجيه شكر خاص إلى قائد الجيش العماد هيكل الذي أصدر بيانًا يعبّر عن وطنيته ووطنية الجيش، حيث قال: "إنّها مناسبة تاريخية بإنجازاتها والتحرير إنجاز".
وجدّد الأمين العام لحزب الله تأكيده أنّ "الفضل بالتحرير يعود إلى الله أولًا وإلى الإمام الصدر وقادة المقاومة الشيخ حرب والسيد الموسوي والسيد نصر الله"، مشيرًا إلى أنّ "المقاومة نشأت لضرورة في المواجهة لأنّ المقاومة هي الحل الطبيعي عندما لا يكون قادرًا، وهي نقلت لبنان من الضعف إلى القوة، وتبيّن أنّها الخيار الوحيد للتحرير".
وأردف: "بعد انسحاب "الإسرائيلي" عام 2000، بقي الجنوب اللبناني من دون قوات طوارئ دولية لسنة، وعندما لم يستيطعوا أنْ يفرضوا شيئًا أرسلوا قوات دولية".
ووجّه الشيخ قاسم الشكر إلى "فخامة الرئيس المقاوم العماد إميل لحود ورئيس مجلس الوزراء الأسبق الرئيس سليم الحص رحمه الله".
وحيّا "الشهداء والجرحى والأسرى والأهل الذين حضنوا وكل الذين حضنوا الجيش والشعب والمقاومة".
وأعاد الشيخ قاسم التذكير بأنّه "لم تحصل ضربة كف واحدة بعد الانسحاب، وسلم الأخوة العملاء الذين اعتقلوهم إلى الدولة للمحاكمة وذهبوا إلى الأهالي وطمأنوهم والذين لا يتحمّلوا وزرًا، ومن هرب تركوه يهرب ولم تحدث فتنة طائفية أو غيره في المنطقة التي تحرّرت".
وأضاف: "المقاومة مستمرّة هي خيار الشعب والمؤمنين بها والمقاومة خيار وشعب وإرادة، واعلموا أنّ هذا الشعب المعطاء والأبي وهذه العوائل التي تحتضن المقاومة وهؤلاء الناس الذين تصدّوا بصدورهم العارية للعدو "الإسرائيلي" ويربّون أبناءهم على القوة والعزة ولا يرضون أنْ يكون مستسلمين سينجحون دائمًا ويحققون الأهداف".
شدد على أنّ "عيد المقاومة والتحرير هي المقدّمة التي صنعت كل ما بعده، وانتهت قدرة "إسرائيل" من التوسّع في لبنان، وسنبقى دائمًا في مقولة وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة لنصنع المستقبل والتحرير".
وقال: "عندما نرى امرأة جريحة وزوجها شهيد تتحدّث أنّها قادرة على العطاء أكثر وأكثر".
ونبّه الشيخ قاسم إلى أنّ "السلاح أداة تُستَخدم وقت الحاجة وبالطريقة المناسبة وبتقدير المصلحة، والمقاومة هي فعل إرادة وشعب وخيار".
وأشار إلى أنّ "الدولة اللبنانية عقدت اتفاقًا لوقف إطلاق النار بشكل غير مباشر مع العدو، والدولة اللبنانية التزمت ونحن التزمنا كمقاومة بالكامل".
وشدّد على أنّ "هذه المقاومة هي رفض للاحتلال وعدم الاستسلام، والمقاومة خيار أحيانًا تقاتل وتردع وأحيانًا تصمد وتمنع وأحيانًا أخرى تصبر وتبقى جاهزة".
وتابع قوله: "نحن الآن مستمرون في تَلقّي العدوان "الإسرائيلي"، وليكن واضحًا لدى الجميع: لا تطلبوا منا شيئًا بعد الآن، فلتنسحب "إسرائيل" وتؤدّي كل التزاماتها وبعدها لكل حادث حديث".
وجزم الشيخ قاسم بأنّ "أميركا تتحمّل المسؤولية لأنّها هي التي ترعى استمرار العدوان كما رعته هنا وفي غزة"، مطالبًا الدولة بأنْ "تتحرّك الدولة بفعالية أكبر".
وخاطب الدولة بالقول: "طالبوهم (للصهاينة) أسكتوهم اصرخوا في وجوههم، فلبنان يجب أنْ يكون قويًا واثقًا حرًّا مع أبنائه ومع شعبه".
وأكّد أنّ "الدولة هي المسؤولة، وإذا فشلت في أدائها فإنّ الخيارات الأخرى موجودة"، مشدّدا على أنّ "المقاومة لا تسكت على ضيم ولا تستسلم وهي تصبر وتعطي وقتًا، لكن يجب التحرّك".
وأكّد أنّ "أميركا بطولها وعرضها لم تتمكّن من الاستمرار بعدوانها على اليمن فانسحبت أمام هؤلاء الأبطال الشجعان الذين قدّموا من أجل غزة وفلسطين".
وفي حين اعتبر أنّ "شهداء هذه المرحلة هم شهداء أولي البأس من الناس ومن المقاومين والجرحى وكل التحية إلى هؤلاء الذين يقدّمون"، بيّن الشيخ قاسم أنّ "كل الأضرار التي تحصل الآن هي أضرار بسبب استمرار العدوان".
وجدّد الشيخ قاسم تأكيده أنّه إذا "إسرائيل" استغلّت القوة العسكرية للضغط علينا بعدوانها المستمر فهذا سيزيدنا تصميمًا وإصرارًا".
وواصل قائلًا: "تقولي لي متى، لا أعرف، ولكنّ الظلم الكبير لا يمكن أنْ يستمر"، ذاكرًا أنّ "المقاومة منهج واتجاه والسلاح أداة تُستخدم وقت الحاجة والطريقة المناسبة وتقدير المصلحة".
وزاد قائلًا: "فليكن واضحًا، "إسرائيل" ستسقط "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا". نحن أبناء الحسين (ع) الذي أعطى كل شيء وأخذ كل شيء، نحن أبناء الشهيد السيد حسن نصر الله وهذا لا يجعلنا نتخلّف عن الركب بل إلى الأمام، و"ما حدا يهدّدنا نحن ما منتتهدّد" وأمامنا خيارين إمّا النصر وإمّا الشهادة".
وحذّر من أنّه "إذا كانت أميركا تعتقد أنّها بالضغط على المسؤولين اللبنانيين وعلى لبنان أنّها تسيتطيع تحقيق الشروط "الإسرائيلية" أقول لها: لن تحقّقوا ما لم يتحقّق في الحرب".
ورأى الأمين العام لحزب الله أنّ "أهل غزة قدموا لعشرين شهر العطاءات والدم وتعرّضوا لإبادة جماعية وتدمير وعمل لا إنساني وانفلات وحشي غير عادي بدعم أميركي طاغوتي لكنّهم (الصهاينة) لم يستطيعوا أنْ يحققوا أهدافهم".
وحدّد الشيخ قاسم مصير "إسرائيل" بأنّها "إلى الهاوية، وهي مستمرة بدعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاستمرار في العدوان"، ناصحًا ترامب بأنّه "أمام فرصة العمر للتحرّر من قبضة "إسرائيل".
وقال الشيخ قاسم: "بصماتنا موجودة في كل الاستحقاقات، ونحن في كل شيء إيجابي يحدث في لبنان"، مبيّنًا أنّ "إعادة الإعمار دعّامة الاستقرار الأَوّلي، وعلى الحكومة أنْ تتحرّك بفعالية أكثر، ولا مبرّر للحكومة اللبنانية بالتأخُّر بإعادة الإعمار، فـ"لبنان المستقر ينفعنا وينفع الآخرين، و"ما حدا يبتزّنا بالاستقرار والإعمار".
وواصل قوله: "قرارنا سيبقى مستقرًا، فلنقف بجرأة وسيركض وراءنا الآخرون".
وأضاف: "من البداية كنّا نقول نريد إجراء الاستحقاق البلدي في موعده برغم العدوان وما يحصل عند الحدود، كنّا نؤكد أنّ إجراء الاستحقاق في موعده ضرورة".
وأردف قوله: "عندما رأيت السيارات التي تتوجّه إلى الجنوب عشيّة الاستحقاق تذكّرت السيارات التي كانت تتوجه عام 2000، فالمشهد واحد".
وحيّا الأمين العام لحزب الله "أهل الجنوب لعطائهم وموقفهم"، موجّهًا "الشكر للعاملين في الماكينات والدولة والناس"، قائلًا: "كل الشكر على هذا الفوز الصاخب وهو فوز استثنائي".
وفي ما أوضح أنّ "التزكية فاقت الـ50 بالمئة في بعض المحافظات وهذا إنجاز"، اعتبر أنّ "المشاركة الفعالة التي حصلت وخاصة لجمهور حزب الله وحركة أمل كانت مشاركة مهمّة جدًّا مع الحلفاء والعائلات".
واستدرك بقوله: "حتى الذين شكلوا لوائح مخالفة أوجّه لهم الشكر لأنّهم ساهموا في نجاح الاستحقاق الانتخابي".
وإذ شدّد على أنّ "الاتخابات البلدية مدماك إدارة الدولة"، قال الشيخ قاسم: "هذه الانتخابات خضناها بعقلية الجمع الوطني وكنّا صمّام أمان اجتماعي وتوازن وطني بين مكوّنات البلد، وانتخابات بيروت شاركنا فيها بلائحة ضمّت الكثير من القوى".
وتابع قائلًا: "نحن قدّمنا مصلحة البلد في أنْ يكون هناك توازن ليشعر المسيحيون أنّهم غير مستهدفين وأنّ الجميع يعمل معًا في دائرة بلدية واحدة".
كما وجّه الشكر إلى "الأهل في بيروت والضاحية قبلة الأحرار والجنوب اللبناني طليعة التحرير والصمود والإباء وجبل لبنان في موقع المؤازرة والدعم والشمال موطن التكاتف".
وقال: "نحن خضنا الانتخابات برغبة وطنية وعنوان جامع وبحس إنمائي، نحن لا نريد أنْ نلغي أحدًا. بالعكس، فتحنا يدنا للتعاون مع الجميع. في مشغرة، الرئيس مسيحي وشارك الآخرون ونجحت اللائحة. في بعلبك، واجهنا الاتجاه الذي أراد أنْ يعطي عنوانًا مذهبيًا للانتخابات وفازت لائحة التنمية والوفاء في بعلبك مع فارق 6000 وأكثر".
وبيّن أنّ "التزكية التي رعيناها هي تفاهم مع الناس، وكنّا ندعم قبل الانتخابات البلدية منذ 9 سنوات وسنستمر بالدعم، وبعد الانتخابات نعتبر أنّ المنافسة الحقيقية بين الناس هي على الخدمة".
ورأى أنّ "حزب الله وحركة أمل أثبتوا أنّهم صمام أمان اجتماعي وتوازن وطني"، موضحًا أنّ "تحالف حزب الله وأمل هو أكبر تحالف استراتيجي ومؤثّر، والبعض ينزعج وهذا التحالف يتقدّم الى الأمام".
وخاطب الشيخ قاسم اللبنانيين بقوله: "مبارك لكم عيد المقاومة والتحرير، وإنْ شاء الله كل أيامنا أعياد، و"إسرائيل" ستنهزم ومعكم أيّها الشعب العزيز إن شاء الله نعمر ضيعنا".
المصدر : العهد