تقرير . اختتام الدورات الصيفية وتكريم الطلاب المشاركين في مدرستي الإمام علي، والإمام الهادي، سلام الله عليهما
في مشاهد تعكس صحوة مجتمعية وانسجاماً رسمياً غير مسبوق، اختتمت الدورات والأنشطة الصيفية لهذا العام، محققة نجاحاً باهراً فاق كل التوقعات. لم تكن هذه الدورات مجرد برامج تعليمية عابرة، بل تحولت إلى رسالة مدوية، وجهها الشعب اليمني والأمة بأسرها إلى كل من يحاول النيل من عزيمتها أو استلاب هويتها. إنها إعلان واضح بأن الأجيال الصاعدة لن تكون أبداً تابعة أو خاضعة، بل ستكون الدرع الحصين الذي يتصدى للمخططات العدائية، والقوة الدافعة التي تقود الأمة نحو نهضتها وتطورها المنشود.
لقد عكست مخرجات هذه الدورات مستوى رفيعاً من الوعي والتكامل بين الجانبين الرسمي والشعبي، حيث استشعر الجميع مسؤوليتهم المشتركة في دعم هذه المبادرات الحيوية. فالدورات الصيفية، بما تقدمه من علم وثقافة قرآنية وهوية إيمانية راسخة، باتت المحور الأساسي في تنشئة جيل محصن ضد الأفكار الهدامة ومخاطر "الحرب الناعمة"، جيل قادر على بناء مستقبله ومستقبل أمته بعزيمة وإصرار.
في السياق، لخص الأستاذ الدكتور أحمد عبدالملك الخزان مدير عام دار رعاية وتأهيل الأيتام -في كلمته خلال حفل اختتام الدورات الصيفية وتكريم الطلاب المشاركين في مدرستي الإمام علي، والإمام الهادي، سلام الله عليهما، والذي أقيم بحي الكويت، مديرية التحرير بأمانة العاصمة صنعاء- أهداف هذه الدورات قائلاً: "اليوم، نجني ثمار هذه الجهود، وأولها تعلم الثقافة القرآنية التي هي الرؤية الإلهية للأمة. إننا بهذه الجهود نبني جيلاً قوياً، متسلحاً بالإيمان، وقادراً على مواجهة التحديات". وأشاد الخزان بالمواهب والإبداعات التي قدمها الطلاب في مختلف المجالات، من الاختراعات العلمية إلى الفنون الأدبية.
أكد الخزان أن هذه الدورات تمثل استثماراً حقيقياً في مستقبل الأمة، موضحاً أن أولى هذه الثمار وأهمها هي "تعلم الثقافة القرآنية، التي تمثل الرؤية الإلهية التي ترسم للأمة مسارها في جميع قضاياها". وشدد على ضرورة أن "نربي أنفسنا وأجيالنا على هذه الثقافة، لتكون تحركاتنا متوافقة مع منهج الله سبحانه وتعالى".
وأعرب عن فخره بالجيل الصاعد قائلاً: "نشهد اليوم بزوغ هذا الجيل العظيم الذي تشبّع بالثقافة القرآنية، واغتنم فرصة الدورات الصيفية لتحصيل مختلف العلوم؛ من علوم القرآن الكريم والحديث والفقه والسيرة النبوية، إلى جانب ترسيخ المبادئ والقيم والأخلاق النبيلة". وأضاف أن الأنشطة المتنوعة والكشفية المصاحبة قد ساهمت بشكل كبير في صقل مواهب الطلاب وتنمية مهاراتهم.
وتابع قائلاً: "لقد شهدنا خلال مهرجان المواهب إبداعات مذهلة واختراعات واعدة. رأينا أبناءنا الطلاب يتألقون في مختلف المجالات، كتلاوة القرآن الكريم، والإلقاء الشعري، والتمثيل المسرحي، ورقصة البرع التقليدية، فضلاً عن ابتكاراتهم العلمية".
وأكد أن الهدف من هذه الجهود هو "بناء جيلٍ قوي، متسلحٍ بالإيمان والثقافة القرآنية". وربط الخزان بين ما وصلت إليه الأمة من "ذلة ومهانة" وابتعادها عن ثقافتها الأصيلة، مشيراً إلى أن "العودة الصادقة تكمن في تربية هذه الأجيال على القرآن".
واستشهد بقول السيد القائد الذي وجه خطابه للعدو قائلاً: "ويلٌ لكم من الجيل الصاعد"، موضحاً أن القائد يدرك تماماً أن الجيل المتسلح بالثقافة القرآنية "سيكون جيلاً قوياً في مواقفه، صلباً في علاقته بالله، متوكلاً عليه، وحكيماً في تحركاته المستمدة من القرآن الكريم".
وعبّر عن إعجابه الشديد بما يراه في الأجيال الجديدة من فصاحة وإيمان، قائلاً: "إن كلماتهم النابعة من نور القرآن تدهش المفكرين، ونحن أحياناً نعجز أن نتحدث بمثل إيمانهم وروحانيتهم التي نشاهدها في مقاطعهم على الشاشات".
وهنأ الخزان الطلاب المكرمين، قائلاً: "هم أهلٌ لهذا التكريم والتشجيع". كما وجه دعوة للآباء الذين لم يتمكن أبناؤهم من الالتحاق بالدورات الصيفية هذا العام إلى "اغتنام الفرصة وتسجيلهم في المراكز المستمرة على مدار السنة، لضمان استمرارهم في نهل هذه الثقافة القرآنية"، داعياً بالتوفيق للجميع.
هذا التوجه الرسمي وجد صداه المباشر لدى أولياء الأمور الذين لمسوا أثره على أبنائهم. وفي شهادته، قال نبيل أحمد جحاف، وهو أحد أولياء الأمور: "نحن راضون تمام الرضا عن جهود الأساتذة الأفاضل. لقد أُعجبتُ كثيراً بحرص ابني على الذهاب للمركز صباحاً للحفظ، وعودته عصراً للتسميع. هذا الالتزام والحماس أرضاني أيّما رضا، ودفعني لأعزم على أن يلتحق ابني بالمركز طوال العام. بارك الله فيكم وفي جهودكم".
ووصف جحاف، المدارس الصيفية لهذا العام بأنها "ناجحة بشكل كبير جداً"، معبراً عن امتنانه العميق للقائمين عليها، مؤكداً أن "مما يميز الدورات الصيفية، حُسن التنظيم وتنوع الأنشطة التعليمية والتثقيفية والرياضية والترفيهية وغيرها، والتي من خلالها يكتسب الطلاب والطالبات الكثير من المعارف والعلوم والمهارات، ويصقلون مواهبهم المتعددة".
لم تكن هذه الشهادات مجرد كلمات، بل هي انعكاس لواقع ملموس في كل زاوية من زوايا أمانة العاصمة. ففي مديرية التحرير، وتحديداً في مدرسة الإمام الهادي الصيفي، تتجلى قصة نجاح أخرى. فقد شهدت المدرسة هذا العام إقبالاً مميزاً، حيث توافد الطلاب من مختلف الأحياء للمشاركة في برامجها المتنوعة.
الأستاذ محمد عبد الله يحيى الهادي، مسؤول المدرسة، أكد أن الدورة الصيفية التي امتدت لخمسين يوماً، حققت نجاحاً كبيراً في صقل مهارات الطلاب وتنمية معارفهم. وأوضح الهادي أن الطلاب استفادوا بشكل كبير من الأنشطة المتنوعة التي قدمتها المدرسة، حيث تمكنوا من حفظ أجزاء من القرآن الكريم، وعدد من الأحاديث النبوية الشريفة.
ولم يقتصر البرنامج على الجانب الديني فحسب، بل شمل مئات الأنشطة اليومية والأسبوعية والنوعية التي جرى تنفيذها بإشراف آلاف العاملين والكوادر التعليمية والتربوية، ما يعكس المستوى المتميز للإشراف والتنظيم. تنوعت الأنشطة لتشمل مسابقات في القرآن الكريم، مسابقات منهجية ورياضية، وفعاليات في الخطابة، الإلقاء، الشعر، الإنشاد، المسرح، الرياضة، الثقافة، والعلوم. كما أولت المدرسة اهتماماً خاصاً بالابتكارات العلمية وصقل المواهب والمهارات لدى الطلاب.
بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ أنشطة ترفيهية، حرفية، وزراعية، ودروس تطبيقية. وشملت المبادرات حملات نظافة، زيارات لرياض الشهداء والمساجد التاريخية، ومبادرات اجتماعية وبيئية وإنسانية. هذا التنوع خلق بيئة جاذبة ومحفزة للطلاب، وعزز لديهم القيم الإيمانية والأخلاق الحميدة، وغرس مبادئ التعاون، الإحسان، النزاهة، والأخوة الإيمانية.
وأشاد مسؤول المدرسة بالسلوك المثالي للطلاب، مؤكداً أنهم كانوا نموذجاً يُحتذى به في السلوك والأخلاق والآداب، واكتسبوا قدراً وفيراً من العلم والمعرفة. ووجه الهادي دعوة للآباء لحث أبنائهم على الالتحاق بالمساجد والمراكز الصيفية بعد عيد الأضحى المبارك، مشدداً على أهمية هذه المراكز في حماية الأبناء من مخاطر "الحرب الناعمة" التي قد يتعرضون لها في الشوارع أو عبر الاستخدام المفرط للهواتف. وأكد أن الهدف الأسمى من هذه الدورات هو تنشئة جيل صالح، نموذجي، تفتخر به الأمة الإسلامية، عبر الاهتمام بالقرآن الكريم وعلومه، وتعلم الحديث الشريف والآداب الفاضلة.
وفي أجواء احتفالية بهيجة، أقيم حفل اختتام الدورات الصيفية، بحضور مدير عام مديرية التحرير، ناجي الشيعاني، ومسؤول التعبئة العامة، المهندس عبداللطيف الولي، وقيادات ووجهاء وعقال، وشخصيات اجتماعية، وأولياء الأمور الذين توافدوا لمشاهدة ثمار جهود أبنائهم.
شهد الحفل فقرات إبداعية مبهرة قدمها خريجو المدارس الصيفية، عكست ما اكتسبوه من معارف ومهارات خلال فترة الدورة. استُهل الحفل بتلاوات مباركة لآيات من الذكر الحكيم، قدمها مجموعة من الطلاب بأصوات ندية، أضفت على الأجواء روحانية خاصة. تلتها فقرات متنوعة شملت فن الخطابة المؤثرة، والمواعظ الهادفة التي لامست القلوب، بالإضافة إلى الزوامل والأناشيد المعبرة التي نالت استحسان وإعجاب الحاضرين جميعاً.
وفي لفتة تقديرية، اختتمت الفقرات بتكريم أوائل الطلاب من المدرستين، وذلك على مستوى المجالات المتعددة التي تم تقديمها خلال الدورة الصيفية لهذا العام. كما شمل التكريم الأساتذة والمعلمين الأفاضل، الذين بذلوا جهوداً جبارة وتفانياً منقطع النظير في تعليم وتخريج هذه الأجيال المستنيرة بهدى الله، والمزودة بمختلف علوم الحياة والمعرفة. لقد كان هذا التكريم بمثابة شهادة حية على العطاء اللامحدود الذي قدمه هؤلاء المربون، وإيماناً بدورهم المحوري في بناء جيل واعٍ ومسؤول.