عقدت لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي جلسة استماع بالغة الأهمية مع قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، كشف خلالها سلسلة من الاعترافات المثيرة حول تراجع النفوذ العسكري الأمريكي وتصاعد التحديات غير المسبوقة التي فرضتها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر.
وفي إفادته أمام اللجنة، وصف الجنرال كوريلا الوضع في البحر الأحمر بأنه دخل مرحلة جديدة تحمل في طياتها مخاطر استراتيجية كبرى، معترفاً بأن وقف إطلاق النار الحالي لا يلغي الخطر الذي بات يشكّل "سابقة خطيرة"، على حد تعبيره.
وأوضح أن التكتيكات الميدانية المتطورة التي استخدمها الحوثيون تقدم نموذجًا جديدًا يهدد قدرة الولايات المتحدة على فرض سيطرتها البحرية ليس في المنطقة فحسب، بل في مسارح عمليات أخرى حول العالم.
وأضاف الجنرال أن تآكل مبدأ حرية الإبحار الذي طالما اعتمدت عليه واشنطن في البحر الأحمر قد ينسحب على نقاط اختناق استراتيجية عالمية أخرى، ما يهدد حركة التجارة الأمريكية ووصولها إلى الأسواق الدولية الحيوية.
ولفت إلى أن مضيق باب المندب بات اليوم "نقطة الاختناق البحرية الوحيدة في العالم التي تتطلب عملية عسكرية مدروسة لضمان المرور الآمن"، في إشارة واضحة إلى حجم المأزق العملياتي الذي تواجهه البحرية الأمريكية في هذه المنطقة الحساسة.
وفي تحليله لطبيعة التهديد، اعتبر كوريلا أن " الحوثيين نجحوا في تثبيت أنفسهم كقوة إقليمية مؤثرة بعدما رسخوا حضورهم العسكري والسياسي كلاعب رئيسي في معادلات المنطقة".
وتابع الجنرال أن الولايات المتحدة باتت أمام خيارين أحلاهما مر: "إما التنازل عن هذه المساحة أو الاستمرار في تحمل خطر استخدام القوة في كل مرة تعبر فيها هذا الممر البحري الضيق"، وهو ما يعكس حجم الحرج الاستراتيجي المتصاعد لدى صناع القرار العسكري في واشنطن.
وفي معرض تقييمه للمتغيرات الإقليمية الأوسع، أشار قائد القيادة المركزية إلى أن المنطقة بأسرها لم تعد كما كانت قبل عامين، مؤكداً أن تداعيات هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول لا تزال تتردد بقوة في وعي العديد من شركاء واشنطن، مما دفع المنطقة إلى تحولات لم يكن يتوقعها أحد. وأضاف قائلاً: "كل الأمور التي كان يتم اعتبارها حقائق بشأن الشرق الأوسط، اختفت فجأة... ونحن نقف اليوم على حافة هاوية تطل على مياه مجهولة".
وتعكس هذه الاعترافات حجم التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط، في ظل صعود اليمن كقوة اقليمية جديدة تمكنت من تقويض واحدة من أهم ركائز التفوق الأمريكي في الممرات الدولية.