قراءة في خطاب السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف لعام 1435هـ
لم يخرج منتشيا بالانتصارات بل بالأسف على سقوط دماء من كفروه وسبوه وأباحوا دمه وحرضوا عليه ليل نهار .. لم يهدد بمزيد من الانتصارات ولم يفرض شروطا على من اعتدوا.. بل خرج بتواضع لم نسمع حتى في كلامه نبرة عالية كما تعودنا عليه في خطاباته السابقة بالرغم من موقفه القوي في الميدان والسياسة .. وهذا يدل على رحمة هذا القائد وسعة صدره وعدم عداوته لأحد وفي الوثيقة الأخيرة التي نشرت عنه تمثل أيضا دليلا على عظمة هذا القائد الذي ينطلق من ثقافة إلهية قرآنية ومستمدا من أخلاق جده قائد الأمة الأعظم محمد صلوات الله عليه واله
- في هذا الخطاب الاستثنائي والهام بداء السيد برسم سياسة ومواقف أنصار الله على المستوى الخارجي وتحديد المواقف مما يحصل في المنطقة فكانت البداية بوقوفه مع كل شرفاء المنطقة ودعوته لهم بالوقوف صفا واحدا ضد المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يستهدف المنطقة بكاملها . ثم دعا إلى دعم الشعب الفلسطيني ورفض التدخل في سيادة البلدان العربية والإسلامية
كما أشاد بدور حزب الله على مستوى لبنان والمنطقة ووقف معه ضد حملات التشويه التي يتعرض لها الحزب المقاوم مؤكدا بأنها ستبوء بالفشل
وهذا له دلالة تتمثل بتوسع خط المقاومة والجهاد من إيران إلى حزب الله إلى المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها إلى أنصار الله فاكتمال هذا الهلال المقاوم وتوسعه سينعكس إيجابا على قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ..
طبعا الأعداء يعرفون ذلك وهم قد صنفوا أنصار الله ضمن هذا المحور من أول نشأتهم لكن ما يميز هذا الخطاب انه بداء بإعلان مواقف تجاه الأحداث الدولية والإقليمية وبالمعنى الاستراتيجي أن أنصار الله انتقلوا من الإطار المحلي وقضاياه إلى الإطار العربي والإسلامي وأصبح لهم بعدين محلي وخارجي مما يؤكد أنهم أصبحوا قوة إستراتيجية في المنطقة لها تأثيرها على قضايا الأمة العربية والإسلامية
- أما على المستوى المحلي فنجد دعوته للمرة الثانية بطرد المارينز من اليمن وضرورة المصالحة الوطنية وتأكيده على موقفه الوطني الوحيد ضد استباحة أمريكا للسيادة اليمنية
لكن ابرز ما جاء في الخطاب دعوته إلى التعاون والإخاء وان يده ممدودة إلى الكل بلا استثناء لما فيه صالح الوطن وهذه الدعوة لها دلالات كبيرة لا سيما وأنها أتت بعد انتصارات في كل الجبهات التي فرضت عليهم فهي ليست من منطلق ضعف بل يؤكد بان أنصار الله ليس لديهم أي عداء مع إي احد سواء فكريا أو سياسيا أو قبليا وإنما ينطلقون من مصلحة الوطن
وفي ذات الوقت مثلت هذه الدعوة إحراجا واختبارا صعبا لبعض القوى السياسية التي ترفع شعار الوطنية ويرمون خصومهم بللا وطنية وأصبحت الكرة الآن في ملعب القوى السياسية التي ننتظر موقفها تجاه هذه الدعوة .. فهل سيستجيبون ويبادرون فعلا إلى التعاون والإخاء وترجمة شعاراتهم إلى واقع عملي ؟ أم أنهم سيستمرون في تضليلهم وخداعهم لأبناء الشعب بشعارات الوطنية والحفاظ على امن البلد واستقراره ؟ كما تمثل فرصة سانحة لكل القوى للانخراط في هذا المشروع الوطني لان ما يناسب هذه المرحلة قد لا يناسب مرحلة وظروفا أخرى ..
قد يقول القائل كيف يدعوا إلى التعاون والإخاء وهو من قام بقتل وطرد من في مركز دماج ؟ فكان الرد الواضح والصريح بان ما تم في الأيام الماضية هو مواجهة الاعتداء على أنصار الله ( وهناك الأدلة الكثيرة التي تؤكد ذلك منها اشتراك مركز دماج في الحروب الست مع النظام ضد أنصار الله وبعد توسع أنصار الله بعد الحرب السادسة لم ينتقموا من هذا المركز أو يقوموا بإغلاقه وووو ) وللتوضيح للبعض بأنه لم يكن في الاتفاق أي شرط بخروج التكفيريين من المركز كما يدعي البعض وان من قام بهذا الطلب هو الحجوري نفسه بناء على توجيهات خارجية من السعودية وأمريكا له بالانتقال إلى مكان آخر لان الأهداف المراد تحقيقها على يد الحجوري لن يستطيعوا تحقيقها في دماج لعدة أسباب جغرافية وإقليمية وتغير الظروف وغيرها لا داعي لذكرها الآن ..
بل كان السيد أكثر وضوحا عندما قال ليس لدينا أجندة ضد أي احد داخليا وخارجيا وفي هذه رسالة لكل الدول الإقليمية التي تعادي وتحارب وتمول الحروب ضد أنصار الله بما فيها الحروب الأخيرة
فللمشككين : إذا كنتم جادين فها قد أتت الفرصة للإخاء وإغلاق باب الفتنة والتآمر على الوطن فهل ستقبلونها وتقابلوها بحسن نية ؟ أما إذا اصريتم فواجب الدفاع عن النفس حق مشروع وكما خسرتم سابقا ستخسرون لاحقا
وفي ما يخص الحوار فقد أوجز السيد خلاصة المشكلة في تأخر الحوار وعدم الوصول إلى نتائج لصالح المواطن هو بسبب تآمر القوى النافذة عليه وبالذات المرحلة التأسيسية لما لها من انعكاسات ايجابية لصالح المواطن وسلبية ضد مصالح هذه القوى ووصف الحل لكل ما يجري بإزاحة هذه القوى النافذة والفاسدة والمتنفذة على مقدرات وخيرات البلد من مراكز الدولة وهذا هو الحل الوحيد لمشاكل اليمن ولن يخرج اليمن مما يعيشه من أزمات إلا به سواء عاجلا أم آجلا