|| صحافة ||

مع تصاعُد هجمات حركة "أنصار الله" في البحر الأحمر، تزايدت التساؤلات حول فاعلية بعثة "أسبيدس" التي أطلقها الاتحاد الأوروبي، مطلع عام 2024، تحت شعار "حماية حرية الملاحة"، خصوصاً بعدما نجحت الحركة، خلال الأيام القليلة الماضية، في إغراق سفينتَي "ماجيك سيز" و"إترنيتي سي". ويرى مراقبون أن البعثة باتت أقرب إلى كونها قوّة رمزية منها إلى تحالف ردعي، في ظلّ خشية الاتحاد من حصول اشتباك مع اليمن، بعد فشل عدّة محاولات من جانب الولايات المتحدة، تمثّلت بتحالف "حارس الازدهار"، والضربات الجوية في عهد الرئيسَين السابق جو بايدن، والحالي دونالد ترامب.

وفي المقابل، أظهر اليمن تطوّراً ملحوظاً في قدراته البحرية، وهو ما يشكّل تحدّياً مباشراً ليس فقط للممرّات البحرية، بل أيضاً لمكانة أوروبا كلاعب أمني فيها. وقد كشف غرق السفينتَين المذكورتَين عن فجوة عملياتية واضحة، إذ لم تتحرّك أيّ قطعة بحرية بشكل مباشر لإنقاذ الطواقم أو صدّ الهجمات، ما أثار تساؤلات حول فاعلية قواعد الاشتباك ومحدودية مهمّة البعثة.

وإزاء ندرة الخيارات أمام البعثة، تتزايد الدعوات، في الأوساط السياسية والدبلوماسية الأوروبية، إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، باعتبار ذلك خطوة حيوية وضرورية لاحتواء التوتّرات المتفاقمة في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الأزمات في اليمن والبحر الأحمر. وعبّر عدد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عن قلقهم من استمرار العمليات العسكرية، ذلك أن استمرار الحرب في غزة يفاقم الأزمات الإقليمية، ويزيد من خطر تصعيد النزاعات في مناطق أخرى؛ علماً أنّ ثمة اختلافاً في مواقف الدول الأعضاء، بين من يبدي دعماً محدوداً لإسرائيل، ومن يتّخذ مواقف أكثر حيادية أو مؤيّدة للفلسطينيين.

 

يزداد الضغط على الدول الأوروبية لتقديم إجابات واضحة حول مصير "أسبيدس"

ووفقاً لمراقبين، فإن الفشل لاحَق البعثة منذ انطلاق مهامها، في ظلّ عجزها عن وقف الهجمات اليمنية على السفن، ولا سيما تلك المرتبطة بإسرائيل. وفي مراحل سابقة من عمل "أسبيدس" في البحر الأحمر، رُصدت مؤشرات إلى وجود تنسيق غير مباشر أو تفاهمات ميدانية ضمنية مع حركة "أنصار الله"، وهي معطيات أُُثيرت على خلفية امتناع الحركة عن استهداف سفن تابعة للبعثة في بدايات عملها، على رغم تصاعد الهجمات على السفن الأميركية والبريطانية في حينه. ورأى مراقبون في ذلك نوعاً من "قواعد الاشتباك غير المعلنة"، استُدلّ عليها من خلال سلوك ميداني حذر من الطرفين، وتجنّب متبادل للتصعيد. كما أشارت تقارير إلى أن البعثة الأوروبية كانت تتحاشى توفير حماية مباشرة للسفن المرتبطة بإسرائيل، وهو ما فُهم كاستجابة غير مباشرة لمطالب "أنصار الله"، ورغبة في عدم استفزازها.

وسط هذا الواقع، يزداد الضغط على الدول الأوروبية لتقديم إجابات واضحة، فهل ستستمر "أسبيدس" كغطاء سياسي فقط؟ أم أنها ستتحوّل إلى بعثة ذات أنياب حقيقية قادرة على حماية الملاحة في أحد أخطر الممرّات البحرية في العالم؟ علماً أن واشنطن بقدراتها العسكرية الضخمة وإمكاناتها الاستخبارية الهائلة لم تستطع إيجاد حلّ حاسم في اليمن، فكيف الحال بأوروبا التي لا تمتلك في الأصل، مجتمعةً، قدرات الجيش الأميركي؟ ويبدو أن العجز عن التحرّك في وجه التهديدات اليمنية، والاكتفاء بدور المراقب، جعلا بعض الأصوات ترتفع للمطالبة بإعادة النظر في جدوى استمرار البعثة بصيغتها الحالية.

 

ويشمل الانتشار البحري الأوروبي الحالي في البحر الأحمر السفن التالية:

إيطاليا (القيادة الحالية للبعثة): الفرقاطتان "أندريا دوريا"، و"فيرجينيو فاسان".

فرنسا: الفُرقاطات "فوربان"، و"شوفالييه بول"، و"لورين".

اليونان: الفرقاطة "بسارا" (استُبدلت بالفرقاطة "هيدرا").

بلجيكا: الفرقاطة "لويزماري".

هولندا: سفينة الدعم والإمداد "كاريل دورمان".

 

لقمان عبدالله: الاخبار اللبنانية