حرب ترامب الأولى بدأت… في اليمن

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || لقمان عبد الله / الاخبار اللبنانية
 
تفويض صلاحيات إضافية للبنتاغون في «عمليات محاربة الإرهاب» (أ ف ب)
تحوّل جسّ النبض الأميركي الأول، المتمثل في الإنزال على محافظة البيضاء اليمنية، إلى قرار اتخذته إدارة دونالد ترامب بشنّ ما يشبه «الحرب» تحت عنوان مهاجمة «القاعدة» الذي «يريد تنفيذ عمليات عالمية» انطلاقاً من اليمن، حيث الساحة الرخوة المناسبة لكي يعود عهد التدخل المباشر على شاكلةٍ تخالف حربي أفغانستان والعراق، وحتى العمليات ــ الجوية غالباً ــ كتلك التي في سوريا أو التي تجري بالتنسيق مع بغداد
 
 
رغم استمرار الجدل حول نجاح الإنزال الأميركي الأول في خلال الحرب اليمنية، في كانون الثاني الماضي، بين أخذ وردّ، وبعد أقل من 24 ساعة على إنزال ثانٍ أول من أمس في محافظة أبين، جنوبيّ اليمن، ترافق مع سلسلة غارات على مناطق أخرى، نقلت مصادر محلية أن قوات أميركية ــ على الغالب ــ شنّت فجر أمس، هجوماً هو الأعنف على منطقة موجان، شرق بلدة شقرة، استخدمت فيه طائرات مروحية وأخرى من دون طيار.
 
وفق المعلومات، بدأت العملية بقصف كثيف من بارجات حربية استهدف جبال موجان، ثم أُنزِل جنود عبر مروحيات ليشتبكوا لأكثر من ساعة مع عناصر من تنظيم «القاعدة» يتحصنون في تلك المناطق الجبلية، وقد تزامن هذا الإنزال مع هجوم موازٍ نفذته وحدة قتالية ــ لم تحدد هويتها بعد ــ على مواقع للتنظيم في منطقة الصعيد في محافظة شبوة.
رغم حديث «القاعدة» عن «تصدٍّ بطولي للأميركان»، نشر التنظيم أمس، صوراً لقيادات فيه كانوا قد قتلوا أول أمس، في هجوم أبين وغارات شبوة. وذكر بيان لـ«القاعدة» أنَّ هؤلاء سقطوا بقصف أميركي في وقت صلاة العصر، ومن بينهم رؤوف البريكي الملقب بالزبير العدني، وأسامة حيدرة الملقب بأبو البراء العدني، وسراقة ورصاص ورضوان العدني، وفق ما نقل موقع «العربي».
 
وتضاربت الأنباء حول حدوث الإنزال، ففيما ذكرت مصادر حدوث الإنزال جوياً، قالت مصادر عسكرية إنَّ الإنزال كان بحرياً عبر بارجات ترابط قبالة سواحل أبين، لكن البنتاغون تحدث عن 20 غارة دون التطرق إلى إنزال.
في هذا السياق، يدرس البيت الأبيض تفويض المزيد من الصلاحيات إلى وزارة الدفاع لاستخدام الضوء الأخضر في «عمليات محاربة الإرهاب»، كما نقل موقع «ديلي بيست» عن مسؤولين أميركيين. وذكر الموقع أنَّ هذا الإجراء هو جزء من تصعيد الحرب على تنظيم «داعش»، موضحاً أنَّ الرئيس دونالد ترامب أشار إلى أنه يريد أن يحظى وزير الدفاع جيمس ماتيس، بحرية تنفيذ مهمات حساسة بسرعة، ما يعني إنهاء عملية الموافقة على هذه العمليات، التي كانت تأخذ وقتاً طويلاً في ظل إدارة باراك أوباما، الذي كان منتقدوه يشيرون إلى أنه كان يوقف مهمّات عدة، لساعات أو أيام.
هذا التفويض سيسري على مناطق القتال والحروب، حيث يحصل القادة العسكريون الأميركيون على الصلاحية لتنفيذ هذه المهمات. أما خارج هذه المناطق، أي في المناطق غير الخاضعة لأيّ سلطة أو غير المستقرة، مثل الصومال، وليبيا، اليمن، فيمكن الحصول على الموافقة من المكتب البيضاوي لشنّ هجمات عبر الطائرات من دون طيار، أو من طريق القوات الخاصة.
في المقابل، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبنسر، وصفه هذه الخطوة بـ«الفلسفة أكثر مما هي تغيير في السياسة»، مضيفاً أنَّ ترامب «يعتقد أن هؤلاء الذين على الأرض خبراء» في ما يجب فعله.
من ناحية أخرى، يرى المنتقدون أنَّ إعطاء الجيش المزيد من السلطة يمكن أن يؤدي إلى نتائج إشكالية، لافتين إلى المهمة التي نفذتها قوات العمليات الخاصة في اليمن، في إشارة إلى كانون الثاني، والتي أدت إلى مقتل ستة جنود في البحرية الأميركية، إضافة إلى عدد من المدنيين. وهي أيضاً تعني أن البنتاغون هو من سيتحمل المسؤولية واللوم، إذا سارت الأمور بنحو غير صحيح.
في غضون ذلك، ذكرت شبكة «سي ان ان»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، قولهم إنَّ «الولايات المتحدة تعمل الآن على تحديد مواقع ومراقبة مئات الأشخاص أو الاتصالات، التي وجدت كجزء من الاستخبارات التي جرى تحصيلها في الغارة التي شُنّت، الشهر الماضي، في اليمن، والتي استهدفت القاعدة». ويُعتقد أن بعض هؤلاء الأشخاص موجودون في الغرب، لكن ليس في الولايات المتحدة.
وكانت «نيويورك تايمز» قد نقلت عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن «الكومبيوترات والأجهزة الخليوية التي استولي عليها في العمليات الخاصة، منحت معلومات عن الهجمات التي يمكن أن تشنّها القاعدة في المستقبل، بما فيها لمحة عن المتفجّرات التي تصنعها المجموعة، وأساليب التدريب الجديدة التي تعتمدها».
تعقيباً على ذلك، ذكر الباحث ميكا زينكو في تقرير نشره على مدوّنته التابعة لـ«مجلس العلاقات الخارجية»، أنه حتى هذه النقطة، يمكن القول إنَّ «ترامب أكثر تدخلاً من أوباما»، مشيراً إلى «السماح بالغارات بطائرات من دون طيار، وغارات العمليات الخاصة في أماكن غير قتالية (مثل اليمن وباكستان، الصومال)». وأوضح زينكو أنه في خلال ولايتي أوباما وافق الأخير على 542 غارة محددة الأهداف، أي بمعدل غارة كل 5.4 أيام، فيما وافق ترامب منذ تنصيبه إلى اليوم، على 25 غارة بطيارة من دون طيار، أو بهجمات جوية، أي بمعدل غارة كل 1.6 يوماً».
ولفت زينكو إلى أنَّ ترامب «عندما كان مرشحاً للانتخابات، كان مضلِّلاً بعمق، بشأن نوع العمليات العسكرية التي يمكن أن يدعمها». وأعطى مثلاً على ذلك بأنَّ ترامب «ادعى أنَّه عارض الاجتياح الأميركي للعراق، فيما كان قد دعمه، كذلك عارض التدخل في ليبيا، بينما تبنّاه بقوة».
وأضاف الباحث الأميركي: «ترامب والموالون له كانوا قد لمّحوا، أكثر من مرة، إلى أنه سيكون أقل دعماً للحروب الخارجية المكلفة والدموية، بالمقارنة مع أوباما، وامتداداً إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون»، مستدركاً: «هذا الأمر قد يكون صحيحاً، لكن البيت الأبيض يدرس نشر المزيد من الأميركيين في سوريا، وتخفيف القواعد على شنّ ضربات جوية، وأيضاً زيادة حجم المساعدات القتالية للمجموعات المسلحة في سوريا».
زينكو خلص إلى «أننا اليوم ضمن الإدارة الثالثة بعد هجمات 11 أيلول، نستمر في اتباع عدد من السياسات المتشابهة، التي فشلت في التقليل من عدد المسلحين المتطرّفين»، مضيفاً: «الحرب العالمية على الإرهاب تبقى غير خاضعة للمساءلة ضمن واشنطن، بغض النظر عمّن هو ساكن البيت الأبيض». وتعقيباً على العمليات في اليمن، طالب زينكو عبر «تويتر»، الكونغرس والمراسلين والنقاد بإدراك «مدى التوسّع غير المسبوق للتورّط الأميركي في اليمن».
إلى ذلك، نظمت «حركة أنصار الله» مسيرة كبيرة في ساحة باب اليمن في العاصمة صنعاء، تحت شعار «البأس الشديد»، وذلك وسط تحليق طائرات دون طيار كانت وزارة الدفاع في حكومة «الإنقاذ» قد أزاحت الستار عنها قبل أيام.
قد يعجبك ايضا