ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم
موقع أنصار الله || من هدي القرآن || السيد حسين بدر الدين الحوثي
{حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} واتباع ملتهم هو أيضاً أن تتخلى عن ملتك, وعن أمتك وعن شخصيتك وهويتك التي أنت عليها، هذا هو ما لا بد منه، وإلا فأنت ما تزال غير مرغوب فيه، وغير مرضي عنه مهما حاولت.
هنا في اليمن بدأت الأشياء كذلك تتجلى، والموضوع الذي نريد أن نتحدث عنه الليلة هو ما سمعنا من خلال مقابلة بالأمس في التلفزيون، مقابلة من مبعوث لشبكة [سي إن إن] الأمريكية يتحدث مع الرئيس ويسأله في القضايا المحرجة والحساسة، الرئيس عاد في رمضان إلى اليمن وكما سمعنا من كلامه بالأمس أنه كان قد تحاور مع أولئك فعاد إلى اليمن وهو مطمئن.. وهو مطمئن؛ فقال للناس أن يسكتوا، هو كان يقول بالشكل الذي يوحي بأن هناك في اليمن إرهابيين، وكان يردد كلمة [ونحن عانينا من الإرهاب] ووعد أولئك بأن يقف معهم ويساعدهم على مكافحة الإرهاب، لكن ظهر من خلال كلام أمس أنهم يحاولون بأي طريقة يتمحلون الكلام ويلفقون الدعايات والإتهامات لليمن ليجعلوا منه بلداً إرهابياً يحتضن الإرهاب ويدعم الإرهاب ويسانده.
بدأ الكلام بالأمس يوحي بهذا؛ لأن النظرة أصبحت إلى اليمن كالنظرة التي لمسناها مع السعودية من جانب أولئك. فمن خلال الكلام سمعنا أن هناك حملة دعائية ضد اليمن، ومن تلك الحملات أنه يقال عن اليمن بأنه بلد.. أي كلمة يعني توحي فعلاً بأن هناك حملة دعائية شديدة, وأنها فعلا لا بد أن تصنف اليمن ضمن الدول الإرهابية.
قالوا عن اليمن قال المراسل: يقولون – الأمريكيون وهناك الحملات الدعائية ضد اليمن – : إن اليمن ملاذاً جيداً للإرهابيين, ملاذاً جيداً للإرهاب! وعندما تأتي حملة دعائية طبعاً الحملات الدعائية والإعلامية من هذا النوع تكون مرتبطة بسياسة معينة للكبار, لأولئك.
يريدون من خلالها أن تهيئ الرأي العام العالمي ليترسخ لديه فكرة أن اليمن بلد إرهابي. أنه إذا يمكن أن يتعامل معه كما يتعامل مع السعودية ومع أي بلد آخر يصنف بهذا. الرئيس ظن بأنه إذا قال للآخرين نريد أن نسكت اسكتوا عن الكلام في أمريكا وفي هؤلاء.. اسكتوا عنهم، قد يظن بأنه عندما يبرز استعداده للتعاون معهم، وأنه عندما يقول للناس أن يسكتوا أن أولئك سيرضون عنه، وأنهم بالتالي سيسكتون وبالتالي فلن يكون هناك أي تدبير من جانبهم يضر باليمن.
إذا كانت هذه المشاعر لديه وافترضنا أنها لديه فإنها أيضاً تعبر عن أن من يحمل تفكيراً كهذا في مواجهة أولئك أنه مخدوع بهم، وأنه ظن أن بالإمكان أن يرضوا عنه، وأنه ظن أن بالإمكان أن يكون هو وبلده بمعزل عن مؤامراتهم وكيدهم.
لو رجع هو أو أي شخص يحصل لديه هذا الشعور إلى قول الله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}(البقرة: من الآية120) لكان هو من لا يمكن أن يثق بهم، لكان هو من يأخذ حيطته اللازمة في مواجهة كيدهم ومؤامراتهم وما يمكن أن يدبروه للناس؛ لأنهم إذا كانوا لا يرضون عنا وهم أعداء وامتلكوا قدرات.. فما هو المحتمل أن يعملوا؟ أليس المحتمل أن يعملوا كل شيء حتى تكون ملتهم هي الماثلة أمام الجميع، وحتى تكون ملتنا غائبة لا وجود لها، أو أن يحملوا من أمكن على أن يكون في واقعه مؤيد لملتهم وعلى ملتهم.
ألم نسمع أيضاً عبارة أخرى جاءت من الرئيس وقد يكون هو لا يعرف بالتحديد آثارها، هي سبق مثلها من أنور السادات أيام ما اتجه للمصالحة مع إسرائيل قال: اليهودية والنصرانية هذا كلام أنور السادات [اليهودية والنصرانية والإسلام كلها ديانات سماوية]. الرئيس قال: [لسنا ضد اليهودية ولا ضد النصرانية هي كلها ديانات سماوية].
هذه العبارة، هذه العبارة قد يكون لها أثرها من جانب الله سبحانه وتعالى، الحديث عن اليهودية الآن، الحديث عن النصرانية الآن, ووجه اليهودية ووجه النصرانية هو هذا الفساد القائم.. هل يمكن أن نقول بأنها هي ديانات وأنها ديانات سماوية؟ والله قال عنهم من قبل ألف وأربع مائة سنة في القرآن الكريم: أنهم حرفوا وغيروا وبدلوا، فكيف يمكن أن نعتبرهم على ما هم عليه فنشهد بأنهم هم كيهود على ما هم عليه أنهم على ديانة سماوية.
يمكن أن نصدق بالتوراة التي جاءت من عند الله وهي الكتاب الإلهي الذي نزل على موسى، لكن تصديقنا بالتوراة لا يعني تصديقنا باليهودية القائمة الآن، كما أن تصديقنا بالإسلام هو أيضاً لا يعني تصديقنا بأن تلك العقائد المنتشرة في أوساط المسلمين هي الإسلام.. ألسنا ننقدها؟. ننقدها على أساس أنها ليست من الإسلام داخل أمتنا.
بدأت المقابلة أمس وذلك المبعوث من تلك الشبكة التلفزيونية يطرح أسئلة حساسة، منها قضية أفغانستان، وقضية أسامة: يقال أن أسامة أصلاً هو من أصل يمني، جده من اليمن, وأسامة قد يكون له أتباع في اليمن. وهناك إرهابيون من تنظيم القاعدة في اليمن, وهل هناك علاقة بين حادثة السفينة [كول] وبين حادث نيويورك، ومن هذا القبيل يحاول بأي طريقة.
إن قلنا بأن هذا عبارة عن مراسل صحفي فالعادة أنه عندما يطرح أسئلة من هذا النوع إنما لأن الدعاية الإعلامية هناك هي تقول هكذا، أي هي من يربط ما بين حادث السفينة وبين حادث نيويورك أنه من طرف واحد هذا الطرف – يريدون أن يرسخوا هذا – أن هذا الطرف هو في اليمن وفي أفغانستان. إذاً فإذا كنا تعاملنا مع أفغانستان على هذا النحو فيجب أن نتعامل معهم أيضاً في اليمن على هذا النحو. فالمراسل عادة هو يحاول أن يحصل على أي كلام ينقله.
وإما أن يكون كلاماً يؤيد ما يطرح من جانب الرئيس مثلاً أو كلام ينـزله؛ لأن العادة عند الصحفيين أنه إذا كان هناك جهة يقال عنها شيء ويتجه الكلام إليها الصحفيين أيضاً وشبكات التلفزيون تتجه إلى ذلك الطرف لتعمل مقابلة معه ولقاء معه تعرف موقفه، تعرف ما يقال حوله تعرف؛ لتقدمه للآخرين، هذا هو العمل الصحفي.
إذا كان هناك صراع بين أطراف أليسوا يتجهون إلى هذا الطرف يقابلوه وإلى هذا الطرف ليقابلوه وينـزلوا في كتاباتهم وفي صحفهم أو ينشرونه ويبثونه في قنوات التلفزيون، يبثون الخبر من هذه الجهة ومن هذه الجهة.
جاء في الأسئلة حول أفغانستان وكان مما فهمناه من كلام الرئيس: أن أمريكا لم تكن لديها ما تعتمد عليه بالنسبة لذلك العمل الذي عملته في أفغانستان إلا قرائن وشبه قرائن وأمارات، أي أنها لا تتثبت؛ لأنه قال هكذا: إذا كانت أمريكا عملت ما عملته في أفغانستان ولم يكن لديها إلا قرائن؛ وحركة طالبان قالت هي لن تسلم أسامة إلا بأدلة, يكون هناك أدلة تشهد, أو تكفي لإدانته في ذلك الحادث ممكن.
هل طالب الأمريكيون بالأدلة أو قدموا الأدلة أو عملوا محكمة يقدمون لها ما لديهم ضد هذا الشخص. كما يقدم هو من طرفه ما ينفي تلك الأدلة أو ما يثبت في الأخير، ما يجعل المحكمة في الأخير تثبت بأنه متورط في هذا.. هل انتظرت أمريكا لهذا؟. لا. أي أنها تتصرف تصرف العدو مع هذه الشعوب، وعدوك هو من يكتفي بشبهة معك ليعمل كل ما يعمله ضدك ولا ينتظر أدلة، ولا ينتظر محاكمة ولا ينتظر شيء، فعندما يرى نفسه متمكنا يضربك بدون أن ينتظر للأدلة. أي أنه بالإمكان أن تتعامل مع اليمن على هذا النحو، وهناك الكلام الكثير: هناك إرهابيون, هناك كذا.
وسألوه: هل أن اليمن بحاجة إلى مساعدة عسكرية, أو من أي نوع يحتاج إلى مساعدة.. أسئلة من هذا النوع، أسئلة عن اتفاقية بتمويل السفن الأمريكية هل ما تزال قائمة. حتى سؤال عن إسرائيل كيف ينظر هو إلى إسرائيل؟ كان الجواب جيداً بالنسبة لإسرائيل، أنها تعتبر دولة إرهابية. لكن الغلطة أن تقال لإسرائيل دولة، يجب أن لا ينطق العرب بأن إسرائيل دولة، هي كيان صهيوني؛ كيان صهيوني لا يستحق أن يطلق عليه أنه دولة له شرعية في وجوده كدولة كأي دولة أخرى في المنطقة.. وقال أنها دولة إرهابية؛ أنها دولة إرهابية في العالم أو أكبر دولة إرهابية في العالم على الإطلاق.
لاحظ هم في حملاتهم الدعائية أيضاً يحاولون أن يرسخوا شرعيات معينة في أذهاننا، عندما يأتي شخص من الأشخاص من الزعماء هؤلاء وهو ينطلق معهم بحسن نية, أو ينطلق معهم يقدم لهم خدمة: يكافح الإرهاب، فكافح في بلده إرهابيين اعتبروا عمله ذلك نفسه إدانة له، أي عملك هذا يشهد على أن هناك إرهاباً في بلدك إذاً إذا كان هناك إرهاب في بلدك فإن الحلف الذي قام هو قام على أساس أن يعطي أمريكا الصلاحية الكاملة لتتولى هي ضرب الإرهاب، ومن رؤيتها هي؛ برؤيتها هي.