موقع أنصار الله . تقرير | يحيى الشامي
فيما تُواصل "حكومة" العدو الصهيوني تجاهل عمق الجروح التي أحدثتها معركة طوفان الأقصى، تتكشف تقارير داخلية من كيانه الغاصب عن اتساع الفجوة بين الواقع الصهيوني المُنهك وسياسته العدوانية المستمرة. فبينما يُصرّ كيان العدو على تأكيد قوته العسكرية، تُظهر التصريحات المُسرّبة من داخل مؤسساته أنه يدفع ثمناً باهظاً لا يُقاس بالخسائر المادية، بل بالانهيار النفسي والاجتماعي الذي بات يُهدد كيانه من الداخل وعلى المدى المتوسط والبعيد.
أكد السياسي الصهيوني "ياريف أوبلنهايمر" في تصريحات نقلتها وسائل إعلام العدو أن "الظاهرة لن تختفي تماماً، لأن ما يُوَلِّد الصدمة هو القتال ذاته"، مُشيراً إلى أن "الثمن الذي يدفعه الجيش ليس فقط في الذين لا يعودون، بل في مَن يعودون مُعاقين نفسياً"، وهو ما يُعدّ إشارة تُظهر أن مؤسسات العدو تُدرك أن الحروب المُتتالية تُنتج "عبئاً اجتماعياً وصحيّاً" يفوق قدرتها على المعالجة، وهو ما يُنذر بانهيارٍ تراكمي قد يفجّر شرارة انقسامات داخلية عميقة.
لم تنحصر أزمات العدو بآثار المواجهات العسكرية، بل تحولت حالات الانتحار داخل جيشه إلى ظاهرة مُقلقة، وفقاً لتحليلات الخبراء الصهاينة أنفسهم. ففي تصريح صادم، اعترف "إيتان لاسري" الخبير الصهيوني بشؤون الإدارة، بـ"تزايد أعداد المنتحرين"، مُشدّداً على أن "هؤلاء ليسوا مجانين"، بل ضحايا فشل نظام العدوان في دعمهم، ودعا إلى "مشروع خاص لإنقاذ عشرات الآلاف من العائلات في الشمال والجنوب"، في إشارة مُوجعة إلى أن حكومة العدو تُهمّش احتياجات من وصفهم بـالعصابات المُنهكة بعد أن استُخدموا كوقود للحرب.
أما "يوسي تاتيكا" المستشار الاستراتيجي الصهيوني فقد كشف عن "تضافر عوامل معقدة تدفع الجنود إلى الانتحار"، مُذكّراً بـ"قضية الجندي الذي أحرق نفسه احتجاجاً على الإهمال"، في إشارة صريحة إلى أن ما يسمى "جهاز الدولة" الصهيوني لا يُقدّم الحماية لعناصره، بل يُضاعف معاناتهم بسياسته القاسية.
ورغم محاولات "حكومة" العدو الترويج لجهود واسعة لإعادة تأهيل عصاباته، فإن إعلامه ذاته يُقرّ بأن "الأضرار أكبر من أن تعالج"، مع إشارات مُتفرقة إلى أن جهات داخل الكيان تُقلل من حجم الكارثة لتجنب هزة ثقة داخلية، وهي التناقضات التي تُظهر أن كيان العدو يعيش فعلاً أسوأ أيامه، حيث يتحول من كيانٍ يُروّج لقوته إلى مجتمعٍ يُعاني من "كوابيس الحرب" التي لا تنتهي، حتى داخل جدران منازله.
التساؤل الذي يطرحه المراقبون ومن بينهم خبراء ومحللون صهاينة، ويطرح على نحوٍ جدي وعلي سبيل التحذير من أزمة قادمة حقيقية وكارثية هو: إلى متى تستمر ما تسمى"الحكومة" في إهمال تحذيرات خبرائها؟ فبينما يُصرّ قادتها على تجديد العدوان عن طريق الاستمرار في اختلاق المبررات والمصوّغات التي قد تدفع لمواجهة جديدة في غزة، تزداد "الندوب" عمقاً، وتتسع الفجوة بين واقع المجتمع الصهيوني الداخلي المُنهك وسياسته التوسعية الطامعة بالمزيد من الأراضي. ومن الواضح أن العدو يسير في طريقٍ لا يُنذر إلا بانهيارٍ تام، فـ"الجروح النفسية" التي لا تُشفى ستصبح سلاحاً يُمسك به المجتمع الصهيوني نفسه ليُنهي وجود كيانه الغاصب من جذوره على نحو عملية الانتحار الذاتي للمشروع الصهيوني التوسعي، وهذا يتم ذاتياً بصرف النظر عن عوامل زواله المهيّأة فعلاً والممكنة واقعاً، من قبيل أنه غير قابل للحياة ولا مقبول في المنطقة.
وتُظهر التصريحات الصادمة من داخل معسكر العدو أن الثمن الباهظ ليس مجرد عبارة، بقدر ما هو واقعٌ يُهشِّم كيانه من الداخل، ويرسم مساراً مظلماً للصهاينة المحتلّين الذين لن ينجوا من كوابيسهم، حتى لو نجوا من ساحات القتال.