أحمد العسيري: متحدّث فاسد لنظام أفسد!
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||الوقت التحليلي
البيض الفاسد على شاكلته يقع. لم يكن مشهد رمي البيض الفاسد على الناطق باسم تحالف العدوان السعودي على اليمن، اللواء أحمد عسيري، أمراً مألوفاً لدى الكثيرين من المشاهدين العرب وغيرهم.
ليس السبب في ذلك أن العسيري ومن يمثّل لا يستحق البيض وما هو أفسد، بل لأن الآلة الإعلامية السعودية الضخمة نجحت في عكس صورة مخالفة للواقع لدى الرأي العالم العالمي الغربي، في حين أن أموال النظام السعودي أسكتت العديد من السياسيين والأمميين، ليس آخرها الضغوط التي مارستها على الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون لرفعها من “القائمة السوداء” في تقرير الأمم المتحدة السنوي عن الأطفال.
الناشط البريطاني سام والتون الذي حاول منع العسيري “الفاسد” من دخول المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في لندن، بسبب سياسة الرياض وجرائمها ضد الشعب اليمني هو احد الأصوات الأوروبية التي ضاقت ذرعاً بالجرائم السعوديّة، والتقارير الحقوقيّة التي فاقت الـ100 تقرير ضد الجرائم السعودية بحقّ المدنيين في اليمن، لاسيّما النساء والأطفال.
وأما عند سؤال الشاب الثلاثيني الناشط في المجال الحقوقي عن السبب في ذلك، يوضح أن ما أقدم عليه، كان عبارة عن محاولة مواطن، لإلقاء القبض على “مجرم حرب”، ومُدافع رئيس عن جرائم الحرب في اليمن، خاصّة أن القانون البريطاني يسمح له كمواطن بإصدار مذكرة اعتقال أحمد العسيري بسبب مشاركته في جرائم الحرب المرتكبة في اليمن، مستنداً والتون إلى جملة من التقارير لمؤسسات حقوقية مثل “هيومن رايتس وتش” ومنظمة “العفو الدولية” وتقارير للأمم المتحدة.
لم تكن اعتراضات والتون هي الأولى من نوعها، بل اعتقلته الشرطة البريطانية في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي بعدما اقتحم الشركة البريطانية المصنّعة للسلاح، إلا أنّ كل هذا لم يمنع السعودية من اتهام “إيران وعملاءها”، وفق إحدى الصحف المحليّة. تلك الذريعة التي تحضر دائماً عندما يُراد تسويغ أي فعل أو تبريره، رغم أن الشعب السعودي نفسه، لا بل من يصدرون هذه البيانات يدركون أنّها لا تساوي الورقة التي كتبت عليه.
تساؤلات محقّة
قد يتساءل البعض ما جدوى هذه الخطوات الفردية؟ ويتساءلون قبل ذلك عن أسباب هذه الخطوة التي كانت غريبة بعض الشيئ؟ وما هي الخطوات التالية الممكنة؟ وهل ستؤثر على أداء السعودية؟
لا شكّ أن أسباب هذه الخطوة قد تبدو واضحة ونردّها هنا إلى أمرين رئيسيين: الأول، وهو الأهم، عدم قدرة آلة الإعلام السعودية على تغطية حجم الجرائم التي باتت تتناقلها وسائل الإعلام الغربية، الأمر الذي رسّخ قناعة إجرام النظام السعودي لدى الكثيرين من الأوروبيين الذين لا يعتنون بالسياسة بشكل عام، والسياسة الشرق أوسطيّة بشكل خاص. هذا الأمر هو أحد أسباب تراخي الأنظمة في التعاطي مع السعودية خشية الاتهامات من شعبها، وهو ما سمح أيضاً للسعودية بإبرام المزيد من الصفقات التي ستكون بمثابة الملح على الجرح الاقتصادي لهذه الدول. الأمر الثاني أيضاً، والذي قد يندرج في إطار الأمر الأوّل هو نجاح بعض وسائل الإعلام العربية واليمنيّة في إيصال هذه الأصوات بعيداً حيث تحاول السعودية منع ذلك من خلال حجب بعض القنوات عن الأقمار الاصطناعيّة.
فيما يتعلّق بجدوى هذه الخطوة، قد تبدو برئية وضعيفة بعض الشيئ، إلّا أنّها مقدّمة لخطوات متتالية، قد يقدم عليها والتون وأصدقاؤه لاحقاً في إطار مواجهة “مجرمي الحرب”، خاصّة أنّ الناشط البريطاني أكّد أنّه “لا يتردد في الإجابة عن استمراره في الاعتراض والتظاهر بشتى الطرق الشرعية ضد المسؤولين السعوديين في حال زيارتهم لأراضي المملكة المتحدة”، وفق مقابلة صحفية أجرتها معه قناة الميادين. وقد أوضح أنّه حاول اعتقال العسيري لأنه “يمثل نظاماً مازال يقتل آلافاً من اليمنيين بطريقة فاضحة للقانون الدولي”. وأضاف “فشلت في اعتقاله بسبب حراسه واستخدامهم القوة لإبعاده عني”.
وأما عن الخطوات التالية، فربّما يعمد والتون إلى إطلاق عريضة برلمانية تطالب باعتقال عسيري أو من يمثّله في حال قدومه إلى بريطانيا في حال نجحت بالحصول على أكثر من 100 ألف صوت. ولكن هل ستؤثر هذه الأفعال على الأداء السعودي؟ لا نعتقد أن النظام السعودي يفقه هذه الأفعال، فهو لا يتراجع إلا بقوّة السلاح أو القرارات الدوليّة.
لم نستغرب إنكار العسيري تصرّف الناشط الحقوقي البريطاني ونسب هذا الفعل لغير أهله، فمن نسب مجزرة الصالة الكبرى في صنعاء لمجهول، وثم اتهم عملائه فيها لاحقاً، لن يتوانَ عن هذا الأمر. بل من يرمي عشرات الآلاف من الأطفال والنساء بالصواريخ والقذائف بحجة استعادة الشرعية دون أن يرف له جفن، لا نستبعد أن يستنكر رميه ببيضة فاسدة، بل يحاول تسييسها لصالح بلاده.
باختصار، لا نهوى رمي أحد بالبيض، أو حتى أن يرمه غيرنا على أيّ كان، ولكن نتوقّع أن ترتفع هذه الوتيرة وتتطوّر خلال الأيام القادمة حتى تتوقّف السعوديّة عن جرائمها في اليمن، فهل ستكتفي السعودية بالردّ بحركات “مسيئة” كما فعل العسيري الفاسد؟ أم أن موفد السعودية سيتعرّض للاعتقال؟