المسلمون ومعركة المصير
ليس مجرد صدفة ولا امتحان زمن الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم ، كما أنه ليس وليد اللحظة ولم تفرضه أحكام الطبيعة الذي يؤمن البعض بها أكثر من إيمانه بأن لكل قضية أسبابها ، إن هذا الواقع السيء والمزري نتاج لانحراف ظاهر وبيّن كان سبباً لكل هذه الكوراث على الأرض ، فقد غيّر موازين كثيرة لم يكن مرسوم لها أن تتغير ، كان السبب الرئيس حقاً في إذلال أمة ، في انحطاط أمة ، في استعباد أمة ، في شقاء أمة ، في هزيمة وسحق أمة ، في تشريد ونهب وقتل وسلب وقهر أمة محمد صلوات الله عليه وعلى آله ، ذلك الإنحراف يتمثل في رفض المسلمين توجيهاً من الله سبحانه وتعالى وتبليغاً من الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في غدير خم حين العودة من حجة الوداع في جموع المسلمين في السنة العاشرة للهجرة حين قال وهو ممسك بيد الإمام علي عليه السلام : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ) .
عندما لم يسّلم المسلمون لله في القضية الأهم والأبرز والأكبر والأخطر وضربوا بتوجيهات الله ورسوله عرض الحائط هانوا وذلوا واستعبدهم الأعداء وقتلوهم وشردوهم وفرضوا عليهم ولاية من نوع آخر هي الولاية اليهودية!! ، فأصبح كل زعيم أو ملك أو رئيس يعتلي سدة الحكم يعمل وبكل جهد وإخلاص لليهود والنصارى ” أمريكا وإسرائيل ” باعتباره يرى لهم المنة والفضل كونهم من نصّبوه رئيساً أو مليكا ، فأصبح من يملك أن يقول هذا هو الرئيس، هذا هو الملك ، هم اليهود والنصارى “أمريكا وإسرائيل” بعد أن كانت بيد المسلمين لو أنهم امتثلوا لتوجيهات الله ورسوله ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ).
الشهيد القائد في محاضرة ( حديث الولاية ) مما قاله فيها وهو في معرض حديثه عن ولاية الأمر وعن أن اليهود من اصبحوا يمتلكون الإشارة والتعيين في من يلي أمر هذه الدولة أو تلك قال : ( وهل يُتَوقَّع من أمريكا، هل يُتَوقَّع من تل أبيب أن تقول للأمة (هذا) إلا إشارة إلى رجل لا يهمه سوى مصلحة أمريكا؟ يكون عبارة عن يهودي يحكم الأمة مباشرة، أو أمير يهودي أو شبه يهودي يحكم إقْلِيماً معيناً فيكون الجميع كلهم ينتظرون من الذي ستقول له أمريكا أو تل أبيب (هذا)).
ويقول أيضاً : ( وإن الأمة لأحوج ما تكون إلى أن تفهم ما هي ولاية الأمر في دينها، ما هي ولاية الأمر في إسلامها، ما هي ولاية الأمر في قرآنها. يجب أن تفهم، وإذا لم نتفهم فسيفهمنا الأمريكيون وعملاؤهم ليقولوا لنا: هكذا ولاية الأمر، وهكذا يكون ولي الأمر، وستراه يهودياً أمامك يَلِي أمرك.
إن الجهل، إن جهل الأمة في ماضيها بولاية الأمر, وأهمية ولاية الأمر هو الذي جعلها ضحية لسلاطين الجور، وإن الجهل الذي امتد من ذلك الزمن، وفي هذا الحاضر هو نفسه الذي سيجعلها ضحية لأن يملك تعيين ولاية أمرها وتثقيفها بمعاني ولاية الأمر فيها, وتعيين من يَلِي أمرها, هم اليهود الصهاينة من الأمريكيين والإسرائيليين. إن الأمة أحوج ما تكون إلى ثقافة صحيحة بكل ما تعنيه الكلمة، ثقافة ((حديث الغدير))، ثقافة ((حديث الولاية)) ((أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
إن هذا الحديث مع تلك الآية القرآنية تعطي ثقافة كاملة لهذه الأمة تحصنها من الثقافة التي تُقَدَّم إليها لتكون قابلة لأن تُفرض عليها ولاية أمْرٍ يهودية ) . إذاً اليهود يسعون منذ انحرف المسلمون ورفضوا توجيهات الله إلى أن يكونوا هم من يملكون تعيين ولاة الأمر لهذه الأمة وللأسف أصبحوا فعلاً هم من يملكونها ، فلا رئيس إلا بنظرهم ولا مليك إلا بأمرهم ، ولم يكتفوا بهذا بل وصلوا إلى تعيين حتى مدراء اقسام الشرطة ! ، وهذا يدل على العمق الذي وصلوا إليه في اختراق هذه الأمة ، لذلك المسلمون اليوم في معركة مصيرية معركة لي الذراع بين الإرادة الوطنية لهم وتحررهم واستقلاهم وانعتاقهم من الوصاية الأجنبية وبين الإرادة الخارجية لاستعبادهم واحتلالهم ، وعليهم أيضاً أن يخوضوا معركة فاصلة وكبيرة حتى يعد لهم أمرهم ويكونوا هم لوحدهم دون أي تدخل خارجي من يملكون قرار أنفسهم ومهمة تعيين وليّ أمرهم ، مالم يخض المسلمون هذه المعركة فإن ولاية الأمر اليهودية سائرة بنا إلى الحضيض وبأيادي عربية وللأسف الشديد .