تآمر العرب على العرب

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||رفعت البدوي*/ العهد الاخباري
 
لم تعد قرارات العرب او البيانات الصادرة عن اجتماعاتهم ومؤسساتهم ولا عن جامعتهم العربية ولا حتى المبادرات الصادرة عن القمم العربية محط اهتمام اي من الدول ولا المنظمات الدولية او الأممية ولا في داخل المجتمع العربي الذي بات مقتنعاً بأن ما من قرار او مبادرات عربية ممكن ان تسلك طريقها للتنفيذ او أن تحدث تحولاً في مسار الاحداث اقليمياً ودولياً.
فها هي القمة العربية التي انعقدت على ضفاف البحر الميت في الأردن لم تكد تنتهي من تلاوة بيانها الختامي المتضمن إدانة بناء المستعمرات الإسرائيلية، حتى وجه رئيس وزراء العدو الاسرائيلي نتنياهو صفعة قوية للقمة وبيانها وذلك بعد ترؤسه جلسة طارئه للحكومة الامنية المصغرة اتخذ فيها قراراً فورياً بمصادرة أكثر من 2000 دونم من الاراضي الفلسطينية وإقامة مستعمرة في الضفة الغربية للمرة الأولى منذ 20 عاما.
 
هذا الجمع العربي والحضور اللافت لملوك وأمراء ورؤساء عرب إضافة لمقررات القمة لم يترك اي أثر من شأنه ردع العدو الاسرائيلي من الاستمرار في ممارسة سياسة التحدي والتمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني صاحب الأرض الفلسطينية.
لقد اضحى القرار العربي صوتاً في واد لا يسمع صداه خصوصاً بعد تسلل عرب الاعتدال نحو “إسرائيل” وتمسكهم بسياسة المبادرات العقيمة التي وعدوا انفسهم بانها ستجلب لهم السلام وانهار العسل، لكنها في واقع الامر لم تجلب للعرب الا الخزي والضعف والوهن، ما تسبب في انهيار شبه كامل في المنظومة العربية التي فقدت أي تأثير فعلي في تقرير مصير اوطاننا العربية وارتهان قرار عرب الاعتدال وثرواتهم ومقدرات بلادهم لامريكا ومصارفها التي تسخر بدورها كل امكاناتها لصالح العدو الاسرائيلي وهذا ما سمح لدول خارجية عدة بالتدخل في الشؤون العربية وان تعمل طبقاً لمصالحها واجندتها، فارضة نفسها كقوة فاعلة في رسم مستقبل العرب نيابة عنهم، ومن دون اي اعتبار لمصالح العرب انفسهم.
 
فها هو العدو الاسرائيلي وبمساعدة ومساندة انكلترا واميركا إضافة للقوى الغربية، جميعهم اتخذوا قراراً في العام 1948باستباحة الاراضي الفلسطينية وارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين العرب بعد هدم منازلهم وتهجيرهم ولم تزل عملية الاستباحة لفلسطين مستمرة حتى يومنا هذا دون اي اعتبار للعرب او لقراراتهم واداناتهم ولا حتى لقرارات الامم المتحدة والمنظمات الدولية والسبب ضعف وهوان وتآمر بعض العرب على العرب.
وها هي الولايات المتحدة الامريكية وانكلترا استباحتا الأراضي العراقية في العام 2003 تحت حجج واهية تبين فيما بعد انها ادعاءات كاذبة وملفقة وبدون اي اعتبار للعرب وقراراتهم والسبب هو تآمر العرب على العرب.
وها هي امريكا وبريطانيا وفرنسا و”اسرائيل” تستبيح الاراضي الليبية وعملت ولم تزل تعمل على نهب ثروات ليبيا وقتلت وقسمت شعب ليبيا دون اي اعتبار للعرب والسبب هو تآمر العرب على العرب.
وها هي تركيا تستبيح الاراضي السورية بحجة محاربة الارهاب واقامة مناطق امنة، كاشفة عن نوايها الحقيقية ألا وهي اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد وذلك دون أي اعتبار للعرب وكل ذلك بسبب تآمر العرب على العرب.
وهاهي اميركا وانكلترا تحاولان فرض واقع جديد في شمال الاراضي السورية باقامة مثلث امني على الاراضي المشتركة السورية العراقية بحماية من أميركا وانكلترا واسرائيل وتركيا بهدف اقامة دولة “إسلامية” خادمة للمصالح الاسرائيلية دون اي اعتبار للعرب وذلك بسبب تآمر العرب على العرب.
 
 
 
 
ان العرب لا يتخذون قراراً نافذاً الا اذا كان بهدف التآمر على العرب والتزاماً بمصالح اميركا و”اسرائيل” المضادة لمصالح الأمة العربية.
في العام 1967 وبعد الهزيمة العربية في الحرب مع العدو الاسرائيلي تداعى العرب الى قمة الخرطوم وفي عز الهزيمة خرجت الخرطوم باللاءات الثلاث لا صلح لا تفاوض لا اعتراف بالعدو الاسرائيلي.
وبعد اتفاق كامب ديفيد 1979 تغير وضع العرب ليدخل العرب عهد الانهزام والاستزلام والتآمر وكانت البداية تآمر العرب على سوريا في حرب 1973 التي تركت وحيدة في ساحات المعارك ضد العدو الاسرائيلي الى ان وصل بنا بعض العرب الى مفهوم جديد اطاح باللاءات كما اطاح بكرامة العرب وبات العرب يميلون الى نعم للصلح، نعم للتفاوض، نعم للاعتراف، وايضاً نعم للمصافحة، ونعم للزيارات المتبادلة، ونعم للتحالف مع العدو الاسرائيلي.
وفي عام 1969 اقدمت عصابات العدو الصهيوني على حرق المسجد الاقصى في القدس اولى القبلتين وثالث الحرمين وأهم مقدسات المسلمين، يومها قالت غولدا مائير رئيسة وزراء العدو انذاك انني لم انم طوال الليل وانتابني شعور مخيف بقرب نهاية “اسرائيل” وكنت ارتعد خوفاً من هجوم العرب علينا وابادتنا رداً على احراق المسجد الاقصى لكن ومع طلوع شمس اليوم التالي لم ألحظ اي تحرك للعرب نحو القدس عندها ادركت ان العرب نائمون ولن يشكلوا اي خطر على “اسرائيل”.
ان بعض العرب لم يعتبر العرب انفسم كأمة لها شعبها وهويتها ولها ارضها ومقدساتها ولها مجدها وعزتها وكرامتها، بيدَ ان بعض العرب جعلوا من العرب وثرواتهم النفطية عبارة عن خزنة نفطية ومالية مرتهنة للقرار والمزاج الامريكي المعادي للعرب.
بتنا بحاجة الى نظام عربي جديد يؤمن بالعرب وبتعزيز قدرات بالشعب العربي في التقدم والبحث العلمي والصناعي، نظام ساعٍ الى توحيد الرؤى والمساعي لاجل تفعيل العمل العربي المشترك، نظام لا يسعى لأن يكون جزءاً من مؤامرة العرب على العرب، يصون الهوية العربية والأرض والحقوق العربية ويحميها لا يتنازل عنها، نظام غير مرتهن للارادة الغربية، متحرر من القيود، حراً في قراراته، نظام عربي مؤمن ان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، مؤمن بالمقاومة ومفهوم المقاومة ضد اعداء الامة، نظام مدعوم من جيشه وشعبه، نظام متحالف مع القوى المؤمنة بتحرير الأرض والمقدسات العربية.
بتنا بحاجة الى نظام عربي مؤمن بأن الكيان الصهيوني عدو وأن هذا العدو هو بيت الداء وهو المسبب الرئيس لمآسي وفرقة العرب وانه لا يمكن لهذا الكيان ان يكون حليفاً للعرب في يوم من الايام، نظام مؤمن بان فلسطين ارض عربية محتلة وشعب فلسطين عربي الهوية.. نظام مؤمن بوجوب تحرير فلسطين من من براثن الاحتلال.
 
(*)مستشار وباحث في الشؤون الاقليمية
قد يعجبك ايضا