ما يمكن قراءته من الإضراب الذي شلّ سفارات الكيان الإسرائيلي!

موقع أنصار الله  || أخبار عربية ودولية || متابعات

رغم التقارير الغربية التي تتحدث عن الاستقرار الاقتصادي، السياسي والاجتماعي الذي يعيشه الكيان الإسرائيلي والهالة التي تحاول حكومة الكيان إحاطة نفسها بها، إلا أن المؤشرات الحسية تشير إلى عكس ذلك كليا. فالإضرابات في القطاعات المختلفة تؤكد أن الكيان يمر بأزمة جزء منها اقتصادي ولها أبعادها السياسية والاجتماعية والتي لا يمكن إنكارها.

 

أما الإضرابات فقد قام أكثر من 1200 من موظفي السفارات الإسرائيلية في الخارج بإضراب الأربعاء احتجاجا على تدني رواتبهم ومخصصاتهم المادية إضافة إلى التأخير في استلام مخصصاتهم. يذكر أن هذه الرواتب والمخصصات لم يتم تعديلها منذ ستين عاما حسبما ذكرت صحف إسرائيلية.

 

ولهذا الإضراب الكثير من الدلالات السياسية والاقتصادية المهمة، بداية لا يمكن التغاضي عن أن المضربين هم من السلك الدبلوماسي، وهذا أمر ليس فقط سابقة وإنما مؤشر خطير عن تدهور غير مسبوق في إدارة الخلافات ضمن البيت الواحد. مما أوصل الأمور إلى مرحلة يقوم دبلوماسيو الكيان بالإضراب وتعطيل أكثر من مئة سفارة حول العالم لإيصال صوتهم ومطالبهم إلى الحكومة.

 

وبالعودة إلى هؤلاء الدبلوماسيين الذين يشكلون العصب الحيوي وواجهة الكيان في الخارج فقد أدوا من خلال إضرابهم إلى تعطيل كافة البرامج واللقاءات الدبلوماسية في الخارج، وكأن صوتهم لا يمكن أن يصل إلى مسامع أصحاب القرار في الكيان إلا عبر القنوات الأجنبية ودونما أي مراعاة لهالة “إسرائيل” الكيان القوي المسيطر على كافة الأمور.

 

وحول هذا الأمر فقد كتبت صحيفة “يديعوت احرونوت” أن موظفي وزارة الخارجية يؤكدون أنه على الرغم من المطالبات الكثيرة بتحسين ظروف العمل وزيادة الرواتب والمفاوضات التي تمت مع الحكومة إلا أن أصحاب القرار لا يريدون حل مشاكلهم والأمور وصلت إلى حائط مسدود. وكان موظفو وزارة الخارجية قد هددوا منذ ما يزيد عن شهر بالإضراب في حال التأخير في دفع رواتبهم أو عدم الاستجابة لمطالبهم دون أن يلقوا أذناً صاغية. يذكر أن هؤلاء الموظفين كانوا قد تقدموا بشكوى على الحكومة ووزارة الاقتصاد منذ أربع سنوات مطالبين بتحسين ظروفهم مشكلين اتحادا للتفاوض مع الحكومة للوصول إلى أهدافهم.

 

طبعا هذا الإضراب ليس يتيما في الكيان، بل إن الكثير من الإضرابات العمالية تحصل بشكل مستمر، للمطالبة بتحسين ظروف العمل ورفضا لقرارات حكومية. وقد وصلت الإضرابات إلى تعطيل المطارات الإسرائيلية أكثر من مرة خلال الأعوام الماضية. ومؤخرا وفي أواسط شهر آذار مارس المنصرم فقد قامت المؤسسات الطبية ومكاتب الرفاه الاجتماعي بإضراب شل البلاد، احتجاجا على مقتل ممرضة على يد مريض حرقا داخل عيادة.

 

هذا الإضراب أعاد إلى الواجهة الواقع الإسرائيلي المتآكل داخليا، حيث أن السرقة والقتل بات أمرا عاديا في الكيان للتعبير عن الغضب. وهذا الأمر مؤشر أكيد على تدني الثقافة والوعي داخل المجتمع، وكيف لا يحصل هذا والحكومة والأجهزة الأمنية تسوق وتساعد على الاعتداء على الفلسطينيين الأصحاب الحقيقيين للأرض. فلا بد لآلة الدمار والتوحش الإسرائيلية أن تنقلب على نفسها.

 

وبالعودة إلى الهالة المزيفة من القوة التي يحيط الكيان نفسه بها، فإن التقارير الدولية حول اقتصاد الكيان يؤكد من جهة على استقراره ومن جهة أخرى على ارتفاع مستويات الفقر لتكون الأعلى بين الدول المتقدمة. وهذا يؤكد أن هذه التقارير لا تعبر عن الواقع الحقيقي للاقتصاد وإنما يتم التلاعب بها للمحافظة على تصنيفات عالمية للدول المتقدمة على حساب النامية.

 

ومن المؤشرات المهمة التي يمكن قراءتها من هذه الإضرابات ناهيك عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتأزم، مسألة مهمة جدا أيضا وهي أن الحكومة الإسرائيلية ليست مستعدة أن تقبل أي رأي آخر من خارجها، كائنا من كان، فلم يعد الفلسطينيون فقط يعانون من عقم التفاوض مع هذه الحكومة، بل إن الداخل الإسرائيلي أيضا يعاني من نفس المسألة.

 

قد يعجبك ايضا