انسجام سعودي – إسرائيلي على وقع صواريخ ترامب الدعائية
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||محمد الحسيني/ العهد الاخباري
ترجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالنار تورّطه في الملف السوري، وأحرقت صواريخ توماهوك، التي استهدفت مطار الشعيرات في حمص، حروف موقفه المستجدّ بأن الولايات المتحدة لا تشترط رحيل الرئيس السوري بشار الأسد في أي حل سياسي للأزمة في سوريا، كما أن ذريعة استخدام سوريا السلاح الكيماوي في خان شيخون، لا تعكس الهدف الفعلي التي أراد ترامب وجوقته الأوروبية والعربية تكريسه كسبب لشن هذا العدوان، فهذه الذريعة الممجوجة ليست سوى عنواناً إعلامياً اعتمدته الإدارات الأميركية ولا تزال في تبرير عدوانها كما سبق أن حصل في سوريا والعراق وغيرهما.
موقفان بحبر واحد
إلا أن العنصر اللافت الذي يجب الالتفات إليه، لا يتعلق بتفاصيل العدوان وأهدافه ونتائجه الميدانية والخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالمطار المستهدف، بل بالمواقف التي سبقت وتلت هذا العدوان، ولا نقصد هنا المواقف المؤيدة من الدول والأطراف التي تسير في الفلك الأميركي كفرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان وتركيا، وغيرها من الدول التابعة، والمعروفة مواقفها من الملف السوري، فما يجدر الإشارة إليه هو الانسجام في الموقفين السعودي والإسرائيلي والتزامن المريب والتطابق المتلازم في التعابير المستخدمة، وكأنها كُتبت بحبر واحد.
السعودية أول دولة أيدت العدوان
دعا ترامب في كلمته التي أعقبت العدوان “الدول المتحضرة إلى ضرورة إنهاء المذبحة بسوريا وإراقة الدماء، وإنهاء الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله”، وبهذا الكلام رسم الرئيس الأميركي الخطوط الرئيسية للمواقف التي تواترت تباعاً، وكانت السعودية الدولة الأولى عربياً ودولياً التي أعلنت عن تأييدها “الكامل” للعدوان الأمريكي، ونوّه مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية بالقرار “الشجاع” للرئيس الأمريكي “الذي يمثّل ردًا على جرائم هذا النظام تجاه شعبه في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن إيقافه عند حده”، واستنسخ الموقف السعودي كلمات ترامب في تحميل الحكومة السورية المسؤولية عن استدراج القصف الأميركي لسوريا، وهو أيضاً ما أكّد عليه حرفياً الأمين العام لحلف الناتو يانس ستولتنبرغ.
نتنياهو: رسالة قوية إلى إيران
في المقابل، أبرزت وسائل الإعلام الاسرائيلية في عناوينها الرئيسية التصريحات المؤيدة للقصف الأمريكي لسوريا، ولا سيما الموقفين السعودي والإماراتي، إلى جانب تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وفي مقدمتهم رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ووزير حربه أفيغدور ليبرمان، اللذان تبجّحا بأنهما كانا على علم مسبق بتفاصيل العدوان الأميركي، وأكد نتنياهو دعمه “الكامل” أيضاً، مشدّداً على ضرورة أن “تكون هذه الرسالة القوية في مواجهة تصرفات بشار الأسد المشينة مسموعة ليس فقط في سوريا، بل في طهران وبيونج يانج وغيرهما”.
ماذا بعد صواريخ ترامب؟
هل سيكون قصف مطار الشعيرات أولى حجارة الدومينو التي تدفع إلى تدحرج الموقف؟ وهل هو الخطوة الأولى في مسار التدخّل العسكري الأميركي المباشر على جبهات سوريا المختلفة؟ من المبكر الحديث عن تعقيدات دراماتيكية قد تشهدها الساحة السورية، لا سيما أن العدوان الأميركي تزامن مع خطوات ميدانية جديّة تدعم جهود التسوية ونقل المسلّحين وبالتالي الدفع باتجاه إجراء المزيد من المصالحات في المناطق السورية التي شهدت معارك نارية في الفترة الماضية.
ومن هذا المنطلق يضع مراقبون الصواريخ الترامبية في خانة الدعم المباشر للتنظيمات الإرهابية من خلال ضرب المطار الذي كان قاعدة لضرب قواعد الإرهابيين وتواجدهم، ومن جهة ثانية في خانة الرسالة الدعائية – كما أفصح نتنياهو – لا سيما بعد التخبّط الإداري والسياسي الذي اتّسمت به إدارة ترامب بعيد انتخابه، والتي تهدف إلى إعادة تموضع سياسي أميركي في الخارطة السورية، وتكريس الدور الأميركي في أي مشروع للحل في سوريا، وعدم السماح للمايسترو الروسي ومعه الإيراني في رسم تفاصيل المرحلة المقبلة، وهذا الأمر ما لا تستسيغه الأطراف الأخرى التي تقتات على الموقف الأمريكي كالسعودية وتركيا والجماعات السورية المعارضة، حيث سارعت أنقرة للمطالبة بما كانت ولا تزال تطالب به في إنشاء حزام أمني، في حين تمنّى ما يسمى “الائتلاف السوري” استمرار هذا النوع من الضربات العسكرية.
ولفت المراقبون إلى التردد والتناقض الأميركي حول إبلاغ موسكو مسبقاً بقرار تنفيذ العدوان، على الرغم من الإعلان ليلاً عن وصول السفن الأميركية الحربية إلى مياه البحر الأبيض المتوسط، حيث نفى ترامب ووزير خارجيته إبلاغ روسيا، في حين أكد ذلك المتحدث باسم البنتاغون مع تأكيده عدم قصف الأجزاء من القاعدة التي يعتقد أن للروس وجوداً فيها، ودعا المراقبون إلى انتظار الخطوات الروسية التي قد تشهد تصعيداً سياسياً ولكن دون الوصول إلى حد الاحتكاك الميداني، وهو ما لا يريده ترامب وإدارته أيضاً.