لماذا يستحيل انتصار التحالف ضد اليمن؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||شارل أبي نادر / العهد الاخباري
تُشن على اليمن وشعبه حرب شعواء، أطرافها دول اقليمية وغربية تمتلك قدرات مالية وعسكرية وديبلوماسية ضخمة، بمواجهة الجيش اليمني واللجان الشعبية، المتوسطي التجهيزات والامكانيات العسكرية، والعديمي القدرات المالية والديبلوماسية، ونجد الامم المتحدة بأعضائها الدائمين وبمؤسساتها المتعددة، وأغلب دول المجتمع الدولي، لا يعيرون أية اهمية لهذا العدوان الظالم ضد اليمن، لا بل يغضّون الطرف عن أبشع المجازر ضد الانسانية، وعن أعنف الجرائم التي تخالف القوانين الدولية وقانون الحرب، والتي تمارس ضد شعب فقير مظلوم، في الوقت الذي تدخل مُلاحقة ومتابعة هذه الجرائم في صلب واجباتهم ومهماتهم ودورهم الرسمي والدولي والقانوني.
في الظاهر، كان يجب ان تنتهي الحرب على اليمن – والتي تجاوزت السنتين حتى الان – بانتصار الطرف الأقوى وصاحب القدرات الأكبر، ولكن في الحقيقة يبدو أن هذا الانتصار لمحور التحالف ضد اليمن هو مستحيل، وحيث أن عدم انتصاره حتى الآن في ظل هذا التفاوت في ميزان كافة الامكانيات المذكورة، يمكن اعتبار ذلك هزيمة نكراء وخسارة مدوية، ويمكن تلخيص أسباب ذلك الى ما يلي:
جغرافياً
تتميز طبيعة اليمن الجغرافية بالصعوبة، فالاراضي وعرة ولا وجود لشبكة طرق ومواصلات حديثة تختزل المسافات الطويلة بين المحافظات والمديريات بسهولة، والسلاسل الجبلية والتي هي الأعلى ارتفاعا بالنسبة للدول المحيطة باليمن تحضن أهم المدن والمحاور المؤدية اليها، كالعاصمة الادارية صنعاء، او تعز عاصمة الوسط الحيوية، أو عدن عاصمة الجنوب والمدينة الاستراتيجية على الساحل الجنوبي المشرف على البحار والمحيطات وعلى الممرات المائية الدولية .
هذه المميزات الجغرافية تعطي بالتأكيد الأفضلية لأبناء اليمن في معركة مدافعتهم، فهم يواجهون جيوشا غريبة غالبيتها من المرتزقة أو من دول خليجية قريبة، لا يتآلفون مع الطبيعة الجغرافية الصعبة ولا يتقنون فن المناورة باستعمال الارض، الأمر الذي يبرع فيه أبناء اليمن الذين حضنتهم أرضهم الصعبة وعاشوا فيها ولها، يزرعونها عراة فرحين، ويختزلون مسافاتها الشاسعة على اقدامهم مبتسمين، يدافعون عنها بفخر واعتزاز، ينشدون الشهادة في جبالها ووديانها التي تحضن دماءهم الى الابد.
عسكرياً
من خلال متابعة دقيقة وجدية لأغلب معارك المواجهة بين وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية وبين وحدات وقوى العدوان على اليمن، يمكن ملاحظة القدرة القتالية لابناء هذا الجيش وتلك اللجان، والتي تظهر من تشبثهم الثابت بموقع او بمركز عسكري ومن طريقة مدافعتهم الشرسة عن تلك المواقع مع تجهيزات وأسلحة بسيطة، مقابل الصورة المشتركة والدائمة – وفي أغلب المواجهات المصورة – لوحدات وجنود التحالف، والتي تُظهر فرارهم وهروبهم من مواقعهم المحصنة أو من آلياتهم المتطورة، حاملين أو تاركين أكثر الاسلحة تطوراً وفتكاً، عندما كانوا يتعرضون لرماية عادية وغير مؤثرة أو غير فعالة من عناصر الجيش واللجان الشعبية .
أيضا، ومع هذا الفارق اللافت أساساً في القدرة القتالية وفي الثبات في الميدان بين الطرفين، جاءت اخيراً قدرة التصنيع الحربي العسكري اليمني لتضيف الى معركة الجيش واللجان الشعبية ميزة عسكرية مهمة، وكانت القدرات الصاروخية التي دعموا معركتهم بها، والتي أذهلت العالم في تقنيتها وفعاليتها البعيدة المدى، النقطة المفصلية الاستراتيجية التي حسمت الحرب على اليمن، أقلّه لناحية استحالة تحقيق التحالف لاي انتصار، مكتفيا بالمناورة للتخفيف من خسائره الضخمة بالعديد والاليات، والتي تتراكم وتتزايد يوماً بعد يوم.
معنوياً
اولا، يقاتل ويدافع الجيش واللجان الشعبية اليمنية عن بلادهم بروح معنوية عالية، إنهم ابناء الارض واصحاب الحق والسيادة، هم المعتدى عليهم في ديارهم وفي مدنهم وبلداتهم، هم الذين طُلب إليهم التخلي عن قرارهم، وفُرض عليهم الانصياع لإرادة خارجية مموهة بمسؤولين على شكل دمى متحركة، لا قرار أو موقف لها الا نقل التسلط الخارجي القريب عليهم، وهذا بالاساس يخلق حافزاً مهما للقتال والصمود بمواجهة مرتزقة، لا قضية لهم الا القتال ببدل مادي، ولا إلتزام أخلاقي أو معنوي أو سيادي لهم يحفزهم على الثبات في المواجهة .
ثانيا، وهذا هو الاهم، يقاتل الجيش واللجان الشعبية بمعنويات عالية وبالتزام منقطع النظير في ظل مواكبة لصيقة وفاعلة ومتواصلة لقادتهم ومرجعياتهم العسكرية والدينية والسياسية، فهؤلاء المسؤولون يواكبون معركة دفاعهم عن اليمن في الميدان بشكل لافت، حيث يعايشون المقاتلين في كافة المحاور، وطبعا لهم دور اساسي في متابعة ودراسة الخطط العسكرية والمناورات الدفاعية او الهجومية، وفي المعركة السياسية يتوجهون لابناء اليمن ولمقاتليه عند كل مفصل سياسي أو عسكري أو ديبلوماسي، يحاورونهم ويناقشونهم ويقفون على آرائهم وعلى اقتراحاتهم، الامر غير الموجود بالكامل لدى الطرف المعتدي، الذي لا يفقه مسؤولوه شيئًا اسمه مناورة او خطة او معركة، وقد لا يكون اغلبهم على علم اين تحدث المعارك أو أين يسقط جنودهم وضباطهم، أو حتى قد لا يكون اغلبهم على علم بان دولهم تشن حرباً وتعتدي على دولة اخرى، وهم يفضلون عند كل مناسبة السفر والتمتع بأموال شعبهم غير آبهين بما تجرّه عليهم الحرب من خسائر ونكبات.
من هنا، ومن خلال هذا الفارق اللافت في طبيعة وقدرة ابناء اليمن على القتال والمدافعة، وفي ظل هذا التفاوت في المعنويات وفي الالتزام في المعركة وفي الحرب، من المستحيل ان ينتصر التحالف ضد اليمن على هذه الدولة الصامدة، والتي صدمت القريب والبعيد في قدرتها على الوقوف بوجه خليط واسع من الجيوش القادرة والدول المتمكنة، وقد يأتي وقت، وربما قد أتى، ليصبح هاجس تلك الدول المعتدية فقط الدفاع عن إحداها، والتي تمثل اكبرها عدائية وتظلماً، وحيث ستجد هذه الدولة نفسها يوماً، وربما قد حصل هذا الان، مهددة بوحدتها ونظامها ووجودها فيما لو أوقفت هذه الحرب العبثية التي من خلالها تهرب الى الامام، ولكن، الى متى الهروب؟