هل تضمنت صفقة العصر في السعودية بالأمس تعويضات عملية 11 ايلول؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || شارل أبي نادر / العهد الاخباري
لقد شهدت الرياض بالأمس حدثا فنياً من الدرجة الاولى، برع المخرجون الاميركيون من خلاله في تقديم عمل مسرحي لافت، اختصر القدرة والخبرة الهوليودية على تحضير واخراج الافلام وتقديمها للمشاهد وكأنها واقعٌ حيّ، يتفاعل معه لدرجة الانصهار والاندماج الكلي، وخلال اقل من 24 ساعة، شهدت عاصمة مملكة البترودولار ثلاث قمم، الاولى اميركية – سعودية، الثانية اميركية – خليجية والثالثة اميركية – اسلامية، وجميعها تضمنت مباحثات استثنائية وعلى قدر كبير من الأهمية لدرجة ان قراراتها بدت (في نظر القادة المجتمعين) وكأنها ستغير وجه التاريخ والجغرافيا والمجرى العالمي للاحداث بشكل جذري.
القمة الاولى
تضمنت توقيع صفقات شراء المملكة اسلحة اميركية يسلم قسم منها قريبا والباقي على فترات متلاحقة، تتضمن طوافات بلاك هوك المتعددة الاستعمال واسلحة حماية ودفاع بحري ومنظومات دفاعية صاروخية، بالاضافة إلى توقيع عقود طويلة الاجل لاحداث منشآت للتصنيع العسكري على اراضي المملكة، وعقود اخرى في مجالات الطاقة والتدريب والنقل الجوي والصحة والالكترونيات وغيرها، وقد بلغت قيمة عقود وصفقات القمة الاولى حوالي 350 مليار دولار، بمبلغ اولي 110مليارات يُسدد على وجه السرعة والباقي خلال عشر سنوات على مراحل تبعا للتنفيذ.
القمة الثانية
اميركية مع دول مجلس التعاون الخليجي ونقاطها تُختصر بايجاد خطة لمواجهة التمدد ونفوذ وتهديدات ايران لهؤلاء و(لاسرائيل طبعا)، بالاضافة لخطة اخرى حول مواجهة الارهاب، فيها جانب يتعلق بالمساهمة في مراقبة ووقف تمويل الارهاب، وجانب آخر يتعلق باجراءات عملية للحد من التحريض على التطرف الديني المنتج للارهاب .
القمة الثالثة
اميركية اسلامية، وعنوانها الانفتاح بين الولايات المتحدة الاميركية والدول الاسلامية وايجاد شراكات واسعة عبر العالم حول مواجهة الارهاب ايضاً، لوقف التمويل والتطرف، مع المساهمة في اظهار الوجه الصحيح للاسلام كدين سلام ومحبة.
في الحقيقة ما يدفع للقول ان القمم الثلاث لا تبتعد فعليا عن مسرحيات تم اخراجها بطريقة مدروسة للتغطية على نقاط مهمة ولتمرير نقاط اخرى اكثر حساسية واهمية وهي:
اختلاس اموال الخليجيين
تم التركيز على خطر ايران بشكل غريب لدرجة بدت دولة مجرمة تنفذ اعتداءات على الدول المجاورة وكانها “الشيطان الاكبر” وهدفها ازالة الدول المحيطة بها من الوجود، وجاءت الولايات المتحدة كمُنقذ ارسله الله سبحانه وتعالى ليخلص العرب والاسلام من براثن ايران، وبثمن بسيط جدا لا يتجاوز الخمسمئة مليار دولار تدفعها المملكة يضاف اليها مبالغ اخرى تدفعها باقي الدول الخليجية لاحقا، وهذا المبلغ يعتبر زهيداً جدا نسبة لما تمتلكه دول الخليج من عائدات النفط، والتي سوف تضيع حتماً من دون الحماية الاميركية، وقد شددت هذه الدول طالبة تعديل الاتفاق النووي مع ايران لإجبار الاخيرة على وقف تجارب الصواريخ الباليستية، متناسين جميعا ان واشنطن سوف تعمل وتحرض وتضغط في الخفاء طبعا للابقاء على هذه التجارب الصاروخية لانها مفتاح الخوف والتوتر لدى هؤلاء، والذي على اساسه سوف يدفعون لها دائما الاموال الطائلة للحصول على الحماية والاسلحة.
ادانتهم بدعم الارهاب
في موضوع مكافحة الارهاب، تضمنت جميع نقاط القمم الثلاث والتي تطرقت لموضوع الارهاب ادانة واضحة من الولايات المتحدة او من الرئيس ترامب لاغلب هذه الدول بانها تمول الارهاب عن معرفة او عن غير معرفة، وانها تساهم عجزا او تورطا في نشر الفكر المتطرف، وعمدت واشنطن من خلال اجبار تلك الدول على التوقيع على مقررات القمم والتي اصبحت ملزمة كاتفاقيات او معاهدات الى انتزاع اعتراف ضمني من تلك الدول بانها مُجبرة على العمل لوقف تمويل الارهاب ومنع نشر التطرف المؤدي له، وبحضورها هذه القمم وتوقيعها على مقرراتها، اعترفت ضمنيا بانها مسؤولة في موضوع التمويل ونشر التطرف.
من ناحية اخرى، بعودة سريعة لقانون “جاستا ” الاميركي (قانون العدالة ضد رعاة الارهاب)، تعطي المادة الخامسة صلاحية للمحكمة لإيقاف الإجراءات القضائية بناء على طلب المدعي العام أو حال أثبت وزير الخارجية (الاميركي) وجود مفاوضات مبنية على حسن النية مع الدولة الأجنبية لإيجاد حلول للقضية المرفوعة، وهذه الصلاحية جاءت بمثابة صمام أمان وباب خلفي للخروج في حال تأزمت العلاقات بين أمريكا والدولة الأجنبية (السعودية هنا)، او في حال تمت تسوية الموضوع دون الوصول الى المحكمة.
فهل تضمنت صفقة العصر بالامس في الرياض تسوية مالية لتعويضات اهالي اسر ضحايا عملية 11 ايلول الارهابية، والتي على اساسها استند الرئيس ترامب في حملته الانتخابية على تصريحاته المثيرة للجدل حول دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية ومنها:
” هل تتخيلون اننا ندافع عن السعودية بكل الاموال التي لديها وهم لا يدفعون لنا شيئا “.
” لو كانت السعودية دون العباءة الاميركية لا اعتقد انها كانت ستكون “.
” السعودية دولة ثرية وعليها ان تدفع المال لاميركا لحمايتها من ايران “.
” انظروا الى السعودية انها اكبر ممول للارهاب في العالم وهي تستخدم اموالنا الخاصة (الدولار) لتمويل الارهابيين “.
ام ان لموضوع “جاستا” والتخلص من براثنه مسرحية قريبة تحضّرها الادارة الاميركية لتختلس وتصادر عبرها ما تبقى من ثروات نفطية ؟؟
وفي النهاية، هل انتبه قادة المملكة والقادة الخليجيون ان مضمون تصريحات ترامب المذكورة اعلاه والتي ساقها ابان حملته الانتخابية لم تتغير وقد نفذها بالامس بكامل حذافيرها من خلال قمم العار التي افتخروا بها واعتبروها انجازا ديبلوماسيا تاريخيا لدولهم؟