الربيع الخليجي
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||رفعت البدوي*/ العهد الاخباري
لم يكد الرئيس الامريكي دونالد ترامب ينتهي من عملية حصاد غلته الامريكية ونجاح مهمة ترامب في اخضاع عرب النفط الى ما يشبه دفع الجزية التي تعد الاضخم في تاريخ العلاقات بين اميركا والمملكة السعودية حتى انفجر التراشق الاعلامي والاتهامات المتبادلة وبشكل غير مسبوق بين كل من المملكة السعودية ودولة الامارات العربية من جهة ودولة قطر من جهة اخرى وعلى اوسع نطاق.
ظن عرب النفط ان تلك المبالغ الضخمة التي دفعت لترامب سوف تشكل المظلة الواقية من شرور ربيع امريكي جاهز للتنفيذ بدول بالخليج العربي تماماً كما حصل ببلدان عربية مثل مصر وسوريا وليبيا وغيرها، لكن لم يخطر ببال احد من المراقبين ان ربيعاً خليجياً كان جاهزاً في الخفاء بانتظار اشارة امريكية ليعلن عن بدء انطلاقته بين دول الخليج فيما بينها.
ان المواد التي بثت عبر الآلة الاعلامية الضخمة اضافة الى عرض افلام الفيديو مرفقة مع تقارير توثيقية عبر قنوات شاشات التلفزة المرئية ومقالات وتحليلات في الصحف المكتوبة وحتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي انطلاقاً من السعودية والامارات ضد دولة قطر وبالعكس أعادنا بالذاكرة الى حقبة سقوط حسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا اضافة الى محاولات تزوير الحقائق في سوريا عبر بث مواد إعلامية ونشرات أخبار تتضمن تقارير ملفقة هادفة الى تشويه صورة النظام في مصر وليبيا وسوريه وتصويره بانه النظام الذي لا بد استبداله او حتى رحيله.
كل المواد جاهزة ومرتبة في غرف سوداء
ان الهجمة الاعلامية المتبادلة بين الدول الخليجية كشفت للرأي العام العربي امورا لا بد من التوقف عندها ملياً اذا ما اردنا استنباط العبر في محاولة لاكتشاف الحقيقة التي تم التحضير لها في كل الساحات والشاشات وذلك بهدف تنفيذ اجندات ومخططات غربية تخريبية المراد منها تفتيت المجتمع العربي وتقسيم الجغرافيا العربية وبث روح التفرقة من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية لتبتلي شعوب المنطقة العربية بحروب لا تنتهي وبذلك تكون كل الادوات والارضية جاهزة لاطلاق الابواق الاعلامية لاثارة الفتن بين المذاهب بهدف تسعير نيران الخلاف والتقاتل للانقضاض على بعض الانظمة العربية التي بقيت محافظة على الهوية والانتماء العربي وعلى بوصلة تحرير الارض العربية المحتلة من براثن عدو اسرائيلي مغتصب للارض والثروات العربية وهذا تماماً ما واجه بعض الدول العربية ومنها سوريه من خلال الاعلام الخليجي المسموم الذي أسهم الى حد كبير في غسل ادمغة الشعوب وفي حرف الحقائق وتزوير المشهد بهدف تغشية الرؤى عند المواطن العربي واصابته بالارباك وعدم القدرة على التفكير وحتى التمييز بين عدو وحليف.
اننا نحاول ان نضيء الطريق القويم الذي تاه عنه المجتمع العربي وبات تحت رحمة اللغة الاعلامية الشرسة التي عطلت كل مفاعيل الحوار والتفكير، واذا ما حاولنا الوقوف والتأمل مليا بالاسلوب المتبع في الهجوم الاعلامي السعودي والاماراتي ضد دولة قطر وقمنا بالمقارنة بين الهجمة الاعلامية السعودية الاماراتية على دولة قطر وبين ما تعرضت له الدولة السورية في بداية الاحداث فيها وقيام الاعلام الخليجي عموماً والقطري على وجه الخصوص بتشويه الحقائق من خلال بث تقارير كاذبة وملفقة وافلام مركبة لوجدنا ان في كلا الحالتين هناك شبه تطابق في الاسلوب المتبع حيث تم تجهيز الاشياء والمواد في انتظار اللحظة المناسبة لشن الهجوم غير المسبوق والانقضاض على الهدف المقصود.
ففي الحالة السورية مثلاً تم تصويب السهام على طائفة راس الدولة في سوريا واطلاق الابواق الاعلامية في لغة مقيتة واستخدام تعبير مثل النظام العلوي اما في حالة قطر فقد اصدرت فتوى سعودية تسقط عن نظام قطر نسبه للامام محمد بن عبد الوهاب اضافة الى اثارة مسألة استيلاء عائلة ال ثاني على الحكم بدلا من ابناء عمومهم اضافة الى بث تسجيلات صوتية للامير القطري الاب ووزير خارجيته وكأن الآذان كانت في حالة صمم قبل نشوب الخلاف.
بغض النظر عن اسباب نشوب الخلاف بين دول الخليج فيما بينها بيد ان الثابت هو انه ممنوع على اي دولة عربية كانت ام اسلامية ام خليجية الخروج عن الطاعة الاميركية التي سحبت قيادة البيدق فيها من قطر لتسلمه الى المملكه العربية السعودية بعد هذا السخاء غير المسبوق الذي شهده العالم في قمة الرياض وهذا ما ازعج قطر خصوصاً بعد تنحيتها عن الدور القيادي الذي قامت به سابقاً مسهمة في قلب انظمة عربية مثل ليبيا واسقاط رؤساء مثل ما حصل مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وتجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية ومحاولة قلب النظام فيها.
نخلص للقول ان اي دولة تتجرأ على معارضة الرغبة الامريكية، فإنها ستجد كل المواد والعدة والتقارير جاهزة ومرتبة في غرف سوداء للبدء في هجوم الاعلامي وتهشيم صورة البلد الذي تجرأ على امريكا بغض النظر عن موقعه وجغرافيته.
لا نعتقد ان الهوة بين السعودية والامارات وبين قطر ستردم في الوقت القريب بل انها ستبقى مرشحة للتفاقم وربما تؤدي الى تتطورات تفضي الى فرط عقد مجلس التعاون الخليجي، وهنا يتبادر الينا السؤال، هل دخلنا مرحلة الربيع الخليجي؟ خصوصاً ان اميركا ستكون مسرورة لمشهد تفاقم الازمة بين الاخوة في حين ان ترامب نجح في نهب الخزينة العربية وادار التلفاز بانتظار ان يشاهد مشاهد من الربيع الخليجي.
(*) باحث ومستشار في الشؤون السياسية الاقليمية