عن المناورة المحتملة لوصول الجيش السوري الى الحدود مع العراق
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||شارل أبي نادر / العهد الاخباري
لم يعد خافيا على أي جهة اقليمية أو دولية، وخصوصا على التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية، أن الجيش العربي السوري وحلفاءه، مصرّون على وصول وحداتهم الى الحدود السورية – العراقية، وهذا يبدو واضحاً من عملياتهم العسكرية في أغلب الميادين التي يتحركون عبرها شرقاً، والتي تصبّ جميعها باتجاه الوصول أو الاقتراب من تلك الحدود، وفي اكثر من نقطة محتملة.
هناك الكثير من الاهداف التي يستطيع ان يحققها الجيش العربي السوري في وصوله الى الحدود العراقية، وهي طبعاً تصب جميعها في اطار المعركة ضد الارهاب واستكمال بسط سيادة الشرعية السورية على كامل أراضيها، بالاضافة إلى تأمين الترابط الاستراتيجي مع محور المقاومة بين العراق وإيران شرقاً وسوريا ولبنان غرباً، وقد يكون للاستياء والعصبية الأميركية الواضحة من إمكانية تحقق هذا الوصول وما تفعله في عرقلة ذلك، الدافع القوي لدى الجيش العربي السوري للعمل على تحقيقه.
يمكن تقسيم الحدود السورية ـ العراقية التي ينتشر عليها داعش (من دون قطاع سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في ريف الحسكة) الى قسمين رئيسيين، الأول يمتد شمالا من الفاصل الحدودي بين مدينتي القائم والبوكمال حتى ام جريص غرب سنجار في العراق، والثاني يمتد جنوبا من الفاصل المذكور بين البوكمال والقائم حتى مخفر شرطة المثلث بين العراق والاردن وسوريا، والواقع جنوب معبر(الوليد – التنف) بحوالي عشرة كلم.
استنادا للتقسيم الجغرافي المذكور اعلاه، وربطاً بالهدف الاساس للجيش العربي السوري وبالمعطيات الميدانية والعسكرية التي تحكم كلاً من الاتجاهات الحدودية شمالاً أو وسطاً أو جنوباً يمكن ان نستنتج ما يلي:
شمالاً:
صحيح انه يمكن للجيش العربي السوري الاستفادة من التقدم اللافت للحشد الشعبي العراقي في شمال غرب نينوى، والذي من الواضح ان هدفه الاساس سيكون التمدد جنوبا للضغط على داعش عبر الحدود حتى القائم، وحيث ان الحشد الشعبي سيبتعد – كما هو ظاهر حتى الان – عن الدخول الى الاراضي السورية في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، لن يكون مناسبا للجيش العربي السوري التوجه حاليا الى الريف الاخير، اولا بسبب الزامية عبوره دير الزور مسبقا وهذا بحد ذاته يشكل مناورة كبرى لا تقل اهمية وصعوبة عن الوصول الى الحدود العراقية، وثانياً لانه من المفضل الاستفادة من قدرات ودعم الحشد الشعبي للضغط على داعش باتجاه القائم.
جنوباً:
لا شك ان مناورة الجيش العربي السوري مع حلفائه الاخيرة باتجاه معبر التنف، والتي أسسوا لها عبر التقدم اللافت من شرق مطار السن في ريف دمشق الشرقي الى منطقة السبع بيار فمثلث ظاظا الاستراتيجي، تواجهها حاليا معوقات وصعوبات استراتيجية تدخل ضمن الرفض الاميركي الحاسم لها، وحيث ان امكانية تحققها من الناحية الميدانية والعسكرية كانت واردة بنسبة مرتفعة، نظرا للفارق في المستوى القتالي والجهوزية مع اسود الشرقية وجيش الثورة (عناصر من المعارضة السورية مدعومين دوليا)، فقد وقفت الولايات المتحدة الاميركية بوجه تحققها مباشرة من خلال تنفيذ قصف جوي مركز على الوحدات السورية والحليفة المتقدمة، ولاحقاً من خلال التحذيرات الاعلامية والديبلوماسية عبر موسكو، او من خلال مناشير التحذير من الاقتراب مسافة أقل من 55 كلم من عناصر المعارضة السورية المذكورة قرب التنف.
وسطاً:
في محور (المنطقة الوسطى) من البادية وتحديدا من شرق تدمر، يخوض الجيش العربي السوري مواجهات ناجحة وحاسمة ضد داعش، وهو الان يحضر قاعدة انطلاق واسعة على تخوم حقل اراك، والتي ستعطيه الامكانية للتقدم عبر محورين اساسيين، الاول: ” تدمر- اراك – السخنة – دير الزور”، والثاني: ” تدمر – اراك – قاعدة (ت 3 ) -قاعدة ( ت 2) – مخفرحدود الخوش – القائم”، ويتمتع كل من المحورين بعناصر منتجة لمناورة ناجحة، فالارض مكشوفة وشبه سهلية، ولا وجود لاماكن سكنية تشكل نقاطا تساعد داعش على المناورة، و يمكن الاستفادة القصوى من سلاح المدرعات ومن الدعم الجوي والمدفعي .
وعليه، ونظرا لطبيعة المعركة ضد داعش في شرق البادية وسطاً حتى الحدود العراقية، حيث انه لا وجود لغير عناصر داعش، من دون أي وجود لعناصر من المعارضة السورية من التي تخلق مبرراً دولياً او اميركيا بالتحديد لاعاقة الجيش العربي السوري، كوحدات سوريا الديمقراطية شمالا، أو (وحدات اسود الشرقية وجيش الثورة) جنوبا، كما انه ولاعتبارات عدة، منها الميداني والاستراتيجي – الدولي وحتى الداخلي العراقي، يمكن الاستفادة من جهود ودعم الحشد الشعبي على القائم وسطاً، الأمر غير المؤمن جنوبا باتجاه معبر التنف حاليا من جهة، وغير المفيد كثيرا للجيش العربي السوري شمالا في ريف دير الزور الشرقي، فان احتمالات اعتماده، للوصول الى الحدود العراقية ما بين البوكمال والقائم، لمناورة الوسط المزدوجة، انطلاقا من تدمر نحو دير الزور ونحو القائم في نفس الوقت واردة، وتتمتع بعناصر وبفرص كبيرة لكي تنجح، ويتحقق بذلك الربط مع العراق على الحدود المشتركة في النقطة الاكثر استراتيجية بين بغداد ودمشق والتي هي مدينة القائم على الفرات.