انتهاك أمريكا للقانون الدولي في هجومها على الجيش السوري في معبر التنف.. ذرائع واهية
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
الوقت التحليلي – قبل أيام شنت الطائرات الأمريكية غارة على القوات السورية في معبر “التنف” الواقع في المثلث الحدودي (السوري – العراقي – الأردني) بالمنطقة الصحراوية المعروفة بـ “البادية”مما أدى إلى استشهاد عدد من العسكريين السوريين والحاق خسائر مادية.
وهذه الغارة الأمريكية هي الثانية التي تستهدف القوات السورية في معبر “التنف” الذي يحظى بأهمية استراتيجية بالغة باعتباره يضم الطريق الرئيسي الواصل بين العاصمتين العراقية والسورية.
ويعتقد المراقبون بأن السيطرة على هذا المعبر من شأنها أن تغيّر ميزان القوى بين القوات السورية والقوات الحليفة لها من جانب والقوات الأمريكية والمعارضة السورية من جانب آخر.
وتجدر الإشارة إلى أن قوات المقاومة الحليفة للجيش السوري قد تمكنت خلال الفترة الأخيرة من السيطرة على مناطق واسعة في منطقة البادية وتحديداً في معبر التنف قرب الحدود السورية – العراقية.
ومن المعلوم أن أي انتصارات تحققها القوات السورية والحليفة لها من شأنها أن ترجح الكفّة لصالح دمشق في أي مفاوضات سياسية قادمة لتسوية الأزمة السورية.
وتزعم واشنطن بأن غاراتها في معبر “التنف” تهدف إلى الدفاع عن قواتها في هذه المنطقة والتي تقوم بتدريب المعارضة السورية المسلحة المتواجدة هناك منذ عدّة شهور، فيما يجزم المحللون بأن أمريكا لا تملك الحق في مهاجمة القوات السورية لعدّة أسباب يمكن إجمالها بما يلي:
– لم تحصل واشنطن على أي إذن دولي لضرب القوات السورية تحت أي ذريعة، ولهذا تملك الحكومة السورية الحق في تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي لإرغام القوات الأمريكية على الخروج من الأراضي السورية.
وكانت القوات الأمريكية قد دخلت سوريا في عام 2014 بدعوى تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة من القتال بين القوات السورية والجماعات الإرهابية، لكنها تحولت بمرور الوقت إلى قوات غازية تعمل على دعم الإرهابيين بحجة مساعدة ما تسميه “المعارضة السورية المعتدلة”.
– يمثل تواجد القوات الأمريكية على الأراضي السورية نقضاً صريحاً وواضحاً للقانون الدولي، باعتباره لم يتم بموافقة مجلس الأمن الدولي، كما لم تحصل واشنطن على موافقة الحكومة السورية لهذا الغرض مثلما فعلت روسيا وإيران وقوى المقاومة الحليفة لدمشق. وبمعنى آخر يمثل تواجد القوات الأمريكية انتهاكاً سافراً لسيادة سوريا باعتبارها عضو دائم في الأمم المتحدة، وعلى مجلس الأمن الدولي أن يصنف الغارات الأمريكية في سوريا كعمل عدواني ضد دولة ذات سيادة.
– تزعم واشنطن بأن غاراتها الجوية على القوات السورية تأتي دفاعاً عن القوات الأمريكية المتواجدة في الأراضي السورية ومنها معبر التنف، في حين أن القوات السورية لم تهاجم هذه القوات لغاية الآن، وحتى إن كانت قد هاجمتها فهي تملك الحق في ذلك من الناحية القانونية باعتبار أن القوات الأمريكية هي قوات غازية كما أسلفنا ولا تمتلك أي مبرر قانوني للتواجد في الأراضي السورية.
في هذا السياق كتب عضو الكونغرس الأمريكي “تيد ليو” تعليقاً جاء فيه: “إن إدارة الرئيس دونالد ترامب لا تملك إذناً بالهجوم على سوريا، فهي دولة لم تهاجم أمريكا”.
– الجيش السوري يحارب الإرهاب على أرضه ولا يحق لأي جهة خارجية أياً كانت أن تحدد مسار ووجهة عملياته ضد التنظيمات والعصابات الإرهابية داخل الحدود السورية دون التنسيق مع الحكومة المركزية في دمشق.
هذه الحقائق وغيرها تحتم على المنظمات الدولية لاسيّما الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الدفاع عن سيادة ووحدة الأراضي السورية أمام الخرق الأمريكي المفضوح، لكن السؤال المطروح: كيف تتمكن هذه المنظمات من القيام بدورها والاضطلاع بمسؤولياتها على أكمل وجه وهي لمّا تزل تحت سيطرة واشنطن التي تتدخل في قرارات هذه المنظمات لتحقيق مصالحها على حساب الدول الأخرى؟! وهذا أمر مؤسف حقاً لأنه يتناقض تماماً مع فلسفة انبثاق ووجود هذه المنظمات من جهة، ويدع العالم عرضة لهمجية وجشع الجانب الأمريكي الذي لا يمتنع عن اقتراف أي جريمة بحق الشعوب إذا ما دعته مصالحه لذلك، والتاريخ شاهد على هذه الحقيقة المرّة كما حصل في العراق وأفغانستان ودول عديدة في مختلف أنحاء العالم.
في الختام لابدّ من القول بأن استهداف سلاح الجو الأمريكي للجيش السوري في صحراء البادية وبالقرب من معبر التنف يبرهن على أن هناك ما هو أبعد من مخطط التدخل في الشأن الداخلي السوري، ويتنافى جملة وتفصيلاً مع المعلن عن “محاربة الإرهاب”، وهو ما يؤكد الحقيقة الثابتة وهي أن استراتيجية واشنطن تنطلق في أساسها على ركيزة دعم الإرهاب والاستثمار فيه، وليس محاربته أو القضاء عليه، وتهدف لإسقاط الدولة السورية كبوابة دخول للهيمنة على المنطقة بأسرها.