قصف دير الزور .. رسالة لكل من يعنيهم الأمر

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||علي عبادي / العهد الاخباري

 

أبعد من دير الزور، يمكن قراءة أبعاد الضربة الصاروخية الايرانية لمراكز داعش في المحافظة السورية.

من دون شك، تمثل الضربة رداً مباشراً على الهجوم الإرهابي الذي شنه عناصر من تنظيم داعش على طهران خلال الشهر الجاري. وبهذا المعنى يصبح الرد حاجة معنوية وعنصراً هاماً في استراتيجية الردع التي تتبعها الجمهورية الاسلامية. وقد تم اختيار كردستان وكرمانشاه غربي ايران منطلقاً للرد الصاروخي في إشارة رمزية ذات دلالة الى الأماكن التي انطلق منها منفذو الهجمات الإرهابية الأخيرة. وقد تقصدَ القادة العسكريون في ايران ذكر اسم هاتين المنطقتين لتوضيح انهما تدخلان في نطاق مواجهة الإرهاب ولن تكونا بأي حال ساحة حيوية لنفوذه.

 

هذا على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الإقليمي فللضربة الصاروخية الإيرانية رسائل عدة:

1-    هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الجمهورية الاسلامية صواريخها البالستية خارج نطاق حدودها منذ انتهاء الحرب مع النظام العراقي السابق في العام 1988، اي منذ نحو ثلاثين عاما. قبل ذلك كنا نشاهد الصواريخ الايرانية المتنوعة في ميدان الاختبار او في ساحات الاستعراضات العسكرية في المناسبات الرسمية. تريد ايران هنا القول ان يدها طويلة وان ثمة مرحلة جديدة في العمل العسكري خارج الحدود بما يتناسب مع التهديدات والتحديات الماثلة. وهذا ما شدد عليه الامام الخامنئي قبيل توجيه الضربة الصاروخية بقوله: “ليعلم الجميع- سواء العدو او الصديق المخلص او المحب الذي قد يهتز قلبه- بأن الجمهورية الاسلامية صامدة بكل قوة واقتدار، وليعلموا بأن العدو لا يستطيع ان يصفعنا بل نحن من سيصفعه”.

 

2-    تأتي الضربة الصاروخية على دير الزور في خضم اشتباك وسباق مع القوات الاميركية والادوات التابعة لها في جنوبي وشرقي سوريا. واذا كانت القوات الاميركية قامت بتوجيه ضربات جوية تحذيرية ضد الجيش السوري والقوات الحليفة وأدخلت مؤخراً منظومة صواريخ ثقيلة الى منطقة التنف على الحدود السورية- العراقية، فإن ايران تعلن عبر ضربتها الممتدة من شرقي ايران الى دير الزور عبر الاجواء العراقية ان لديها أوراق قوة ضاغطة لمواجهة التهديدات الأميركية. ويضاف ذلك الى الصورة- الرسالة التي ارسلتها طهران مؤخراً عن مراقبة طائراتها المسيَّرة بدون طيار للطائرات الاميركية في هذه المنطقة.

 

3-    تمثل الضربة الصاروخية الإيرانية إشارة أخرى من طهران الى انها ماضية وبإصرار على إبقاء دير الزور ضمن نطاق أولوياتها في الوقت الراهن، باعتبارها بوابة أساسية للتواصل الجغرافي بين جانبي  الحدود السورية- العراقية. وقد أدت المناورة الميدانية الناجحة التي قام بها الجيش السوري والقوات الحليفة مؤخراً شرق منطقة التنف الى تحقيق خرق أساسي لمحاولة واشنطن عزل الحدود ووضع اليد عليها. وتُوج ذلك بالتقاء القوات السورية والعراقية عند معبر الوليد لجهة محافظة الأنبار.

 

4-    تعدّ ايران القوة الثالثة – بعد الولايات المتحدة وروسيا- التي تستخدم صواريخها الباليستية لضرب أهداف في سوريا لتعلن عن نفسها مرة اخرى لاعباً لا يمكن تجاوزه او تهميشه في أية محاولة لتقرير مستقبل سوريا من قبل اللاعبين الدوليين. وتشدد ايران على وحدة سوريا وسيادتها على أرضها ورفضها الإطاحة بنظامها السياسي من طريق القوة العسكرية.

 

 

5-    تأتي الضربة الصاروخية الإيرانية رداً عملياً وقاطعاً على محاولات الإدارة الأميركية تحجيم البرنامج الصاروخي للجمهورية الإسلامية التي تعتبره عنصر ردع في استراتيجيتها الدفاعية في وجه أية محاولة لتطويقها.

6-    عكست القراءة الإسرائيلية الأولية على الضربة الإيرانية خشية من إمكان استثمار ايران هذه الضربة لزيادة عنصر الردع في وجه “اسرائيل”، فالصواريخ التي تضرب دير الزور انطلاقا من شرقي ايران يمكن ان تضرب الجولان او مناطق اخرى في “اسرائيل”، وفق ما كتب رون بن يشاي في صحيفة يديعوت احرونوت. ولعل الاسرائيليين هم أكثر من سينشغل بقراءة أبعاد الرسالة الإيرانية القوية التي أرفقت برسالة رديفة تمثلت في قيام طائرات ايرانية مسيَّرة بتصوير لحظة اصابة الصواريخ لأهدافها بما يعكس الثقة بدقة الإصابة من بعد 650 كلم.

 

ويمكن أن تكون الضربة الصاروخية الإيرانية مقدمة لتطورات أخرى سيحفل بها الملف السوري في المرحلة المقبلة، حيث يشتد الكباش بين المعسكر الأميركي والمعسكر المقابل الذي تمثله سوريا مدعومة من ايران وروسيا وباقي الحلفاء.

قد يعجبك ايضا