صحف اجنبية: التصعيد الاميركي ضد النظام السوري وحلفائه عمل متهور
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||حذّر دبلوماسيون أميركيون سابقون وكذلك باحثون من إقدام إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب على التصعيد ضد النظام السوري وحلفائه، وشددوا على أنّ إرادة وتصميم المحور الذي يتشكّل من سوريا وإيران وروسيا يفوق بكثير إرادة وتصميم طرف التحالف المقابل الذي أنشأته الولايات المتحدة.
وفي نفس السياق، كشفت مجلة أميركية بارزة بأنه لم تجر أي نقاشات معمقة في إدارة ترامب حول المعلومات الاستخباراتية المزعومة عن خطط النظام السوري لاستخدام الاسلحة الكيماوية، وأنه تم توجيه تهديدات الى سوريا بعد نقاشات “سريعة”.
وفي التفاصيل ، نشرت مجلة “Politico” تقريراً كشفت فيه ان التهديد الذي وجهه الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى سوريا (تحت ذريعة وجود معلومات بأن النظام السوري يخطط لاستخدام الأسلحة الكيماوية) صدر بعد نقاشات سريعة جرت بين مجموعة صغيرة من المسؤولين الكبار في الادارة الاميركية.
وأوضح التقرير أن وزير الحرب الاميركي “James Mattis” ووزير الخارجية “Rex Tillerson” وصلا الى البيت الابيض بعد ظهر الاثنين، ونُقل عن مسؤول “دفاعي” أميركي رفيع” بأنه وفور وصولهما تم ابلاغهما بخطة ترامب لتوجيه “انذار علني” الى الرئيس السوري بشار الاسد، وذلك بناء على ما يزعم أنه “معلومات استخبارتية جديدة” تفيد بأن النظام السوري “يستعد لتنفيذ هجوم بالاسلحة الكيماوية ضد شعبه” (وفقاً لما ورد بالتهديد الاميركي).
كما نقل التقرير عن مصادر داخل ادارة ترامب بأن مستشار الامن القومي “H.R McMaster” كان قد تم ابلاغه بوقت مسبق وبانه أدّى دوراً بالخطة، غير أنّ التقرير نقل كذلك عن مسؤولين إثنين كبار بادارة ترامب انه لم تعقد أي اجتماعات لمجلس “الامن القومي” من أجل بحث المعلومات الاستخبارتية المزعومة، بل ان كلاً من “McMaster” و “Mattis” و “Tillerson” وعدد من المسؤولين الكبار الآخرين “عملوا على نص” البيان الذي صدر عن الادارة الاميركية والذي وجه تهديداً الى النظام السوري. وأضاف أن “جميع هؤلاء لم يترددوا أو يختلفوا على قرار توجيه التهديد”، وذلك بحسب أحد المسؤولين الاميركيين الكبار.
الاّ أنّ التقرير نقل بنفس الوقت عن مسؤول بالبنتاغون بأن الاحداث “جرت بسرعة” وأن النقاشات التي جرت كانت نقاشات “الحد الادنى” فقط، كما نقل عنه بأن عدداً محدوداً من المسؤولين العسكريين الاميركيين الكبار كان على علم بالمعلومات الاستخباراتية الجديدة المزعومة ونيّة البيت الابيض توجيه “انذار”.
وأشار التقرير الى أنّ هذه “الحلقة” تدل مرة أخرى على “الاحباط المستمر” بين كبار المسؤولين في ادارة ترامب من جهة والموظفين العاديين بهذه الادارة من جهة اخرى. كذلك نُقل عن المدعو “Ilan Goldberg” الذي عمل كمستشار لوزير الخارجية الاميركي السابق جون كيري بأن هذا “الاحباط” يضرّ بالمصداقية الاميركية.
التقرير لفت أيضاً الى أن بيان “التهديد الاميركي” صادق عليه كل من مكتب مدير الاستخبارات القومية، ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، ووزارة الخارجية والبنتاغون، قبل اصداره.
هذا، وقد كتب الدبلوماسي الاميركي السابق “Aaron Miller” والباحث “Richard Sokolsky” مقالة نشرت على موقع “National Interest” أشارا فيها الى ما يُقال داخل الادارة الاميركية ومن قبل الخبراء الاميركيين المختصين بموضوع “الارهاب” والملف السوري، لجهة عدم امكانية هزيمة “داعش” الاّ في حال “ازاحة” الرئيس بشار الاسد وتقليص “نفوذ وتواجد ايران”، على حد تعبيرهما.
وحذّر الكاتبان من أن التصعيد ضد ايران والرئيس الاسد وروسيا (داخل الساحة السورية) هو تصرف متهور وغير ضروري في سياق حماية المصالح الامنية الحيوية للولايات المتحدة. كما اعتبرا أن فكرة مواجهة ايران أو محاولة اضعاف النظام السوري بغية “ازاحة” الرئيس الاسد من السلطة او “اجباره على التفاوض”، إنما هي عبارة عن وهم. ونبّها أيضاً من أن الولايات المتحدة وحتى لو التزمت بـ “ازاحة” الرئيس الاسد، فان ذلك سيؤدي الى المزيد من الفوضى ولن يؤدي الى نشوء قوة منظمة “متحالفة مع الغرب” لتحل مكانه.
كذلك شدد الكاتبان على أن “دحر نفوذ ايران في سوريا” يبدو أسهل بكثير من الناحية النظرية مما هو من الناحية الفعلية، ولفتا الى أن الاصوات التي تطالب بـ “طرد” ايران من جنوب شرق سوريا وبالتصعيد على المعابر الحدودية بين العراق وسوريا لم يوضحوا بعد كيف أن ذلك سيساهم بهزيمة “داعش”. كما حذرا من أن التصعيد ضد إيران قد يضع الاتفاق النووي بخطر.
الكاتبان نبّها أيضاً من أن استمرار “تصعيد الحوادث العسكرية” سيجعل من المستحيل لكل من واشنطن وموسكو أن يتوصلا الى أي صيغة لترسيخ الاستقرار في سوريا “بعد أن تسقط الرقة للقوات الاميركية وتلك التابعة للتحالف الدولي”. وأشارا أيضاً الى ان روسيا هي في موقع عسكري ودبلوماسي أقوى بكثير من الولايات المتحدة، والى ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتالي سيكون على الارجح غير مستعد لفرض أي “قيود حقيقية” على النظام السوري. كما استبعدا أن يقبل بوتين بأي تواجد دولي في سوريا “من أجل حفظ السلام أو الاستقرار أو إعادة الاعمار”، إذ كان هذا التواجد الدولي سيقوّض “سيطرة روسيا”. وشددا على الدور المحوري لموسكو بالتوصل الى “الترتيبات السياسية والاقتصادية المطلوبة من أجل الاستقرار وإعادة الاعمار”. وأضافا بأن أي تعاون أميركي روسي في سوريا بعد انتهاء الحرب لن يكون ممكناً إذا حاولت واشنطن الضغط على موسكو.
هذا، وأكد الكاتبان أيضاً على أن المصالح الاميركية في سوريا “ليست حيوية بقدر مصالح خصوم أميركا في سوريا”. وأشارا إلى فارق كبير بين النظرة الاميركية تجاه ما يجري في سوريا من جهة، ونظرة أطراف أخرى في المنطقة، سواء كانت ايران او تركيا او الكيان الصهيوني او الاردن او دول الخليج. وشددا على أن جميع تلك الاطراف يبدو أنها مستعدة لتضحي أكثر بكثير من الولايات المتحدة، وعلى أن بعض هذه الاطراف تعتبر ما يجري مسألة وجودية، وهو ما لا ينبطق على الولايات المتحدة، على حد تعبيرهما.
وتابع الكاتبان بأن “التحالف الذي يتشكّل من سوريا وإيران وروسيا هو تحالف مستعد للتضحية أكثر بكثير من التحالف الذي قامت بإنشائه الولايات المتحدة”. بالتالي شددّا على خطورة التصعيد ضد روسيا وايران نظراً الى هذا التفاوت بالارادة والمصالح. وألمحا الى أن الولايات المتحدة هي التي ستتراجع وليس المعسكر المقابل، خاصة في ظل عدم وجود أي دعم تشريعي أو شعبي داخل الولايات المتحدة لاي مغامرة عسكرية اخرى بعد افغانستان والعراق.
بناء عليه، قال الكاتبان أن “واشنطن على الارجح ستضطر الى الموافقة على ما هو “مقبول بشكل كاف”، بدلاً من الانتصار. بنفس الوقت، شددا على أن الهدف الاساس في سوريا يجب أن يبقى “إضعاف وإحتواء الجماعات الجهادية”، ومنعها من تنفيذ هجمات داخل الولايات المتحدة أو أوروبا أو الدول الاقليمية الحليفة لاميركا. وبينما اعتبرا ان هذه ليست نتيجة نموذجية، أكدا على أنها أفضل بكثير من السعي لتحقيق اهداف “غير واقعية” والتي قد تجر الولايات المتحدة الى حروب “لا نهاية لها ولا يمكن ان تنتصر فيها ضد خصوم أكثر التزاماً وتصميماً بكثير”، بحسب تعبير الكاتبين.
المصدر : نقلاً عن العهد الاخباري