التسوية الفلسطينية- الإسرائيلية؛ بين أحلام ترامب والواقع
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
الوقت التحليلي- حظيت زيارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إلى الاراضي الفلسطينية المحتلة الشهر الماضي باهتمام المراقبين ووسائل الإعلام خصوصاً بعد أن ادعى إنه سيقود “عملية السلام” بين تل أبيب والسلطة الفلسطينية وسيوصلها إلى بر الأمان.
وكان ترامب قد التقى خلال هذه الزيارة كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ورئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس”، وذلك بعد لقائين منفصلين معهما في البيت الأبيض في وقت سابق من العام الجاري.
ووعد ترامب خلال هذه اللقاءات بتفعيل مفاوضات التسوية بين كيان الاحتلال والسلطة الفلسطينية والتوصل إلى اتفاق مرضٍ للطرفين يعتمد على مقترح “حل الدولتين”، زاعماً أن هذا الاتفاق سيضع حدّاً لجميع الخلافات بين الجانبين، لکنه لم یقدم أي تفاصیل حول خططه لمحادثات التسویة، أو کیف سینجح حیث فشل الرؤساء الأمريکیون الذین سبقوه.
وباشر ترامب بإرسال وفد أمريكي إلى الأراضي المحتلة لغرض التسوية. وضمّ الوفد “جاريد كوشنر” صهر ترامب وكبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، و”جيسون غرينبلات” الممثل الخاص لترامب لمفاوضات التسوية و”ديفيد فريدمان” السفير الأمريكي الجديد لدى الكيان الصهيوني. وقد أعدّ الوفد تقريراً خاصاً وسلّمه إلى ترامب بعد أن أجرى محادثات مع عباس ونتنياهو ومسؤولين آخرين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وأكدت تقارير إخبارية نقلاً عن مسؤولين فلسطينيين بأن هذه المحادثات كانت متوترة ولم تفضي إلى نتائج إيجابية.
ويبدو أن تهديد الوفد الأمريكي بقطع المساعدات المالية عن 600 من أسر السجناء الفلسطينيين لدى كيان الاحتلال وعدم اعتراضه على بناء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة قد أغاض السلطة الفلسطينية، ما يعني أن محادثات التسوية ستواجه نفس العقبات التي واجهتها في السابق والتي يمكن الإشارة إلى بعضها بما يلي:
– أمريكا لا يمكن أن تكون وسيطاً محايداً وعادلا
من المعروف لدى القاصي والداني بأن أمريكا لم تكن في يوم من الأيام طرفاً محايداً وعادلاً في جميع مشاريعها لتسوية القضية الفلسطينية، بل على العكس من ذلك تماماً كانت ومنذ نشوء الكيان الصهيوني بعد احتلاله لأرض فلسطين عام 1948 إلى جانب هذا الكيان وقد استخدمت “الفيتو” مراراً وتكراراً لإجهاض أي مشروع يرمي إلى إنصاف الفلسطينيين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. وهذه السياسة لم تتغير طيلة العقود السبعة الماضية رغم تغير الإدارات الأمريكية باعتبار أن دعم الكيان الإسرائيلي في كافة المجالات يمثل أصلاً ثابتاً من أصول السياسة الخارجية الأمريكية التي تخضع لإرادة اللّوبي الصهيوني المتحكم بالسياسات الكلية للإدارة الأمريكية.
2 – رفض إسرائيل ونتنياهو لأي تسوية عادلة
لايختلف إثنان بأن الكيان الإسرائيلي الذي قام أساساً على غصب الأراضي الفلسطينية وترويع الشعب الفلسطيني بشتى الجرائم لايروق له التوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية لأن مثل هذه التسوية ستجرده من جميع مزاعمه بشأن ما يسميه حقّه في الوجود وستعيد للشعب الفلسطيني كافة حقوقه وفي مقدمتها حق العودة، الأمر الذي سيعني عملياً إنهاء وجود كيان الاحتلال ومحوه من الخارطة، وهذا ما لايمكن أن ترضى به القيادات الإسرائيلية. ولهذا فإن أي تسوية سيكون لا معنى لها ما لم تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في الأرض والوطن.
3 – وفد ترامب لا يملك صلاحيات قضائية لفرض تسوية عادلة
من المعلوم أن الوفد الذي أرسله ترامب للتباحث مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لايمتلك صلاحيات قضائية تؤهله لإقرار تسوية عادلة بين الطرفين، هذا في حال فرضنا أن هذا الوفد يمتلك الأهلية الحقوقية والوجدانية التي تملي عليه اتخاذ خطوات لإحقاق الحق المتمثل بالجانب الفلسطيني باعتباره صاحب الأرض الشرعي وإبطال الباطل الذي يمثله الجانب الإسرائيلي باعتباره الغاصب لهذه الأرض.
فـصهر ترامب “جاريد كوشنر” هو من أصول يهودية وحفيد أسرة من بقايا المحرقة اليهودية المزعومة “الهولوكوست” وتربط والده صلات وثيقة بنتياهو وقد ساهم مالياً وبشكل فعّال في بناء المستوطنات الصهيونية في الأراضي المحتلة.
أمّا “جيسون غرينبلات” و”ديفيد فريدمان” فهما أيضاً من أصول يهودية أرثوذكسية ومن المتحمسين لمواصلة بناء المستوطنات الصهيونية ومن الداعمين لسياسة كيان الاحتلال القمعية تجاه الفلسطينيين. ولهذا من غير المعقول أن تقف هذه الشخصيات إلى جانب الفلسطينيين أو حتى أن تقف على الحياد، بل من المرجح جداً أن تنحاز إلى الكيان الإسرائيلي سواء على المدى القريب وخلال مفاوضات التسوية أو على المدى الأبعد المتعلق بوجود هذا الكيان في كافة الميادين السياسية والأمنية والاقتصادية وو..
لهذه الاعتبارات وغيرها يمكن الجزم بأن تصريحات ترامب بشأن التسوية ما هي إلاّ فقاعات إعلامية يراد منها تسويف القضية الفلسطينية والتحرك لصالح كيان الاحتلال خصوصاً مع نيته نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة في خطوة عدّها المراقبون دليلاً كافياً لمعرفة نوايا واشنطن تجاه كيان الاحتلال من جهة والشعب الفلسطيني من جهة أخرى.