هل يختلق الاميركيون ذريعة الاسلحة الكيميائية في سوريا للتفاوض ام للتصعيد؟

 

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||شارل أبي نادر / العهد الاخباري

 

ليست المرة الاولى التي تختلق فيها الولايات المتحدة الاميركية ذريعة الاسلحة الكيميائية لتمرير اجنداتها او لتنفيذ مخططاتها، فاجتياحها للعراق – على خلفية امتلاكه اسلحة دمار شامل – ما زالت تداعياته وتاثيراته الكارثية على الشرق والعالم، واعتداءاتها المتكررة على الكثير من الدول، وخاصة على سوريا مؤخرا وفي اكثر من توقيت، لم تكن تجد مبررا لها الا عبر اختلاق استعمال الجيش السوري السلاح الكيميائي ضد مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية، وحيث كانت تجد دائما في هذا السلاح الحجة الجاهزة لاستهداف من تريد وفي المكان والتوقيت الذي تريد، اصبحت مفاعيل اتهام خصومها باستعمال السلاح الكيميائي اكثر ضررا وتأثيرا من استعماله، ولكن ما الذي يميز اختلاقها الان لهذه الذريعة في سوريا؟

 

بالعودة الى مقارنة العناصر والمعطيات التي رافقت الاعتداء  الصاروخي الاميركي على مطار الشعيرات في نيسان ( ابريل ) الماضي، مع ما تحضر وتروج له الان من اعتداء مماثل قد يطال المطار نفسه او قاعدة جوية اخرى او حتى غير جوية ربما، يمكن استنتاج العديد من العناصر والمعطيات المشتركة وذلك على الشكل التالي:

ميدانيا

1 – في الاعتداء السابق على مطار الشعيرات، وبعد ان ثبت الجيش العربي السوري سيطرته على مدينة حلب بالكامل مع اقسام مهمة من اغلب اريافها، كان حينها ومدعوما من حلفائه، يستكمل سيطرته على مدينة تدمر ومحيطها، ويتحضر للتقدم شرقا في البادية نحو الخطوط الاستراتيجية التي تربط سوريا بالعراق، وحيث كان تنظيم داعش يعاني من ضغوط في ارياف الرقة والموصل ومحيط تلعفر وفي اغلب مواقعه في نينوى، وبدا واضحا انه فقد وسيفقد قدرته على المدافعة الناجحة بمواجهة الجيش العربي السوري، جاءت المناورة الاميركية باختلاق موضوع استعمال الجيش السوري للاسلحة الكيميائية، ومباشرة استغلت ذلك لقصف مطار الشعيرات، والهدف احداث صدمة عسكرية ومعنوية تؤخر او تعيق او تشتت جهود الجيش الاخير في ملاحقة داعش، من خلال استهداف القاعدة الجوية الاكثر نشاطا وتدخلا ودعما لصالح معركة البادية وشرق حلب.

ردا على هذا الاعتداء، والذي تم استيعاب تأثيراته واضراره، خصوصا وان الجيش العربي السوري قد اعتاد مواجهة الاعتداءات الاميركية المباشرة او غير المباشرة عبر المسلحين، تابع الاخير تقدمه شرقا نحو العمق اكثر في البادية، مستعيدا الكثير من المواقع الحيوية لداعش، ومحررا الكثير من مكامن الثروة الوطنية من حقول الغاز والنفط، وايضا، وفي خطوة ميدانية لافتة، وبعد ان تصدى لهجوم عنيف على مواقعه في ريف حماه الشمالي، استعاد السيطرة على العديد من مواقع المسلحين في الريف المذكور وتقدم مثبتا خطوط مدافعته على تخوم ريف ادلب الجنوبي.

2 – اليوم، وعلى خلفية اختلاقها استنتاجا وهميا حول نية الجيش العربي السوري استعمال السلاح الكيميائي، وحيث تحضر الولايات المتحدة الاميركية اعتداءً  قد يكون اوسع واكبر من الاعتداء على مطار الشعيرات، مع تهديد واضح للروس وللايرانيين، يبدو ايضا ان تطورات الميدان الضاغطة على المجموعات المسلحة وعلى تنظيم داعش دفعتها للمناورة نفسها، ويمكن تلخيص هذه النقاط الضاغطة على من تدعمهم الولايات المتحدة الاميركية على الشكل التالي:

– في البادية شرقا، من المنتظر ان تصل قريبا وحدات الجيش العربي السوري وحلفاؤها، وفي اندفاعة لافتة، الى مدينة دير الزور والى الخط الممتد على نهر الفرات بين مدينتي الميادين والبوكمال، وحيث يعتبر هذا الخط المعقل الاساسي الاخير لداعش في سوريا بعد ان حاصرت قوات سوريا الديمقراطية مدينة الرقة، يبدو ان الولايات المتحدة الاميركية بدت عاجزة عن تأخير تلك الاندفاعة، من خلال داعش مباشرة، او من خلال مناورة الدفاع عن وحداتها وعن المسلحين المعارضين الذين تدعمهم، كما ناورت في التنف، وحيث لا يمكنها التصريح مباشرة وعلنا لوقف تقدم الجيش العربي السوري كون المستهدف هو داعش فقط، جاءت فكرة اختلاق تحضير استعمال الاسلحة الكيميائية، لخلق مشكلة دولية تسبب بعض الضياع والتشتت في مناورة ملاحقة التنظيم، ريثما تجد بديلا يسبق الجيش العربي السوري على انتزاعه اغلب مواقع داعش المرشحة للانهيار.

– على المحور الجنوبي في ريفي درعا والقنيطرة، وبعد ان تصدى الجيش العربي السوري وحلفاؤه للهجمات الشرسة من مسلحي النصرة وغيرهم، والمدعومين مباشرة وبطريقة وقحة من العدو الاسرائيلي، وبالاخص مؤخرا  في المعركة  الاستراتيجية في مدينة البعث شمال القنيطرة، وقبلها بالامس القريب في احياء درعا الجنوبية، حيث صمدت وحدات الجيش المذكور وحلفاؤه بطريقة بطولية لافتة، فان الولايات المتحدة الاميركية، وبعد ان رأت ايضا فشل مخطط انتزاع تلك المواقع من الدولة السورية وافراغها من سلطتها تحضيرا لفرض منطقة آمنة، تحلم بها “اسرائيل” ولا ترفضها الاردن، ترسّخت ايضا فكرة اختلاق موضوع استعمال الاسلحة الكيميائية واستعجلت تركيب الفيلم الكيميائي القديم الجديد.

 

واخيرا … يبقى السؤال الذي يفرض نفسه: هل تعي الولايات المتحدة انها تلعب الان بالنار لناحية التسبب بتطور عسكري دراماتيكي، لن يكون بعيدا عن صدام دولي، تشترك فيه وتتواجه اكثر من دولة غربية واقليمية، وبالتالي تخطط لهذه المواجهة الجهنمية، ام انها وكعادتها، تتقن اللعب على حافة الهاوية، من خلال الذهاب بعيدا حتى ملامسة الخطوط الحمر دون اجتيازها، وبالتالي تكون كمن يستدعي الاطراف الاخرى وعلى راسهم روسيا، الى ملعب التفاوض الذي تسمح لنفسها من خلال هذه المناورة وهذه التهديدات الواسعة بان تحدد ابعاده وحدوده ومناطق النفوذ فيه؟

قد يعجبك ايضا