موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |
أن يكون الإنسان هنا في الدنيا يحاول أن يتقرب من الآخرين قد يكون هناك عدة عوامل تدفعك إلى التفكير في هذا: فيما إذا أنت إنسان عندك مطامع مادية, عندك طموحات مادية, وأنت تفكر في الحصول على المال, أن تكسب مصالح بأي طريقة, فأنت تتقرب إلى الجهة الفلانية, أو الشخص الفلاني, أنت ترى أن من وراء التقرب إليه ستحصل على أموال.
أو أنت صاحب أموال أنت ترى بأنه من خلال التقرب إلى الضابط الفلاني, أو المسؤول الفلاني, أو الشيخ الفلاني يسلَم حقنا, وما يجي علينا شيء, هذه واحدة, وهي ثاني عامل من العوامل.
أو تكون شخص لك مواقف من آخرين, وتشدك حماقتك بأن ماذا؟ أن أحاول أن أتشفى من الآخرين بأن أتقرب من آخرين, من كبار, أراهم أمامي كباراً, من أجل في الوسط أستطيع أن أوجد نكاية بالأشخاص الذين أنا حاقد عليهم, أو مختلف معهم.
هذه كلها لا تعتبر مبررات إطلاقاً, لا تعتبر مبررات أبداً بأن تتقرب من أهل باطل, أو من إنسان مجرم, سواء من أجل أن تحصل على مال, أو من أجل أن يسلم لك مالك, أو من أجل أن تحصل بواسطته على ماذا؟ على أن تتشفى من غرماء معك.
اصطلح أنت مع غرمائك مباشرة, وشريعة الله واضحة في كل ما تختلفوا فيه, {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}(الشورى10) والحل قائم في شرع الله بدون ما تحتاج تتقرب عند فلان, ولا تحتاج تدخل في باطل, ولا تحتاج تقترف باطل. فيرتكب الإنسان عدة أغلاط: تتقرب إلى إنسان مجرم, هذه جريمة, ثم أظلم آخرين؛ لأني أختلف معهم, جريمة ثانية.
أنا مختلف معك كيفما كان اختلافنا ليس اختلافنا بالشكل الذي لا يوجد له حل في الشريعة الإسلامية, أتصالح معك, نرجع إلى حكم الله فيما اختلفنا فيه, نرجع إلى تفاهم, إلى حوار؛ لنعرف من هو الظالم منا, من هو المظلوم, من هو المخطئ, من هو المصيب, يكون هناك من يحسم القضية بيننا وانتهى الموضوع, لا تحتاج أنت أن تبحث لك عن ظهر, ولا أحتاج أنا أن أبحث لي عن ظهر - كما يقولون - .
هذا الذي قد يدفع الإنسان إلى أن يتقرب, أو يكون عنده طموحات أن يحصل على وظيفة أكثر, يحصل على درجة أعلى, يحصل على رتبة أعلى, فيتقرب إلى أشخاص سيئين, أشخاص مجرمين, نفس الشيء, هذا ليس مبرراً إطلاقاً.
القرب الذي يجب أن تبحث عنه هو القرب من الله سبحانه وتعالى.
في ُسلَّم الباطل, ولأغراض باطلة, ولأهداف باطلة, يعتبر جريمة كله, وفي الإتجاه الآخر, اتجاه الحق, نفس الشيء, يعتبر جريمة؛ لأنه كله سيطلع رياء, أحاول أن أكون مقرباً من فلان بأعمال أتحرك فيها هي أعمال صالحة, أنت هنا تصفِّر على أعمالك, أنت هنا تجعل أعمالك لا تقبل, أنت هنا تبتعد عن الله.
مجال واحد, اتجاه واحد الذي يجب على الناس أن يفكروا كيف يكونون قريبين منه هو الله, ما هناك غيره, لا مُحقّ ولا مبطل, بالأعمال الصالحة أريد أن أكون مقرباً من إنسان مهما كان مقامه, وأنا مقصدي هكذا: أن أكون مقرباً منه بهذه الأعمال الصالحة, الله يقول في القرآن الكريم, يرد على مجاهدين عندما سأل أحد المجاهدين أن الإنسان قد يخرج يجاهد ويحب أن يُرى مقامُه, ويقولون فلان! ما هنا شعور من هذا النوع؟ يكون مقرباً من الآخرين, ويرونه يعظمونه, نزلت الآية: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}(الكهف110).
أقفل المجال, ليس هناك إلا جهة واحدة هي التي تسعى لأن تكون مقرباً منها وهو الله سبحانه وتعالى, القرب من الله, كل عمل صالح هو يقربك من الله, من رضوانه, من نعيمه, لكن أن تكون من النوعية هذه, من السباقين, أولئك هم المقربون بما تعنيه الكلمة, كأنه يقول عندما يقول: {أُولئِكَ} هم, هم المقربون حقيقة, هم المقربون بما تعنيه كلمة مقرب, وإلا فرحمته واسعة, أصحاب الميمنة, الناس المؤمنين الطيبين, هم لهم قرب من الله, ويدخلهم جنته ونعيمه الواسع, لكن الآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً.
دروس من هدي القرآن الكريم
آيات من سورة الواقعة
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 10 رمضان 1423هـ
اليمن - صعدة