اليوم عبر  وسائل التواصل الاجتماعي عبر وسائل الإعلام المتنوعة أيضاً عبر بعض المعاهد التي تدرس اللغات معاهد أجنبية في صنعاء وفي بعض المدن لتعليم اللغات الأجنبية، وتلعب دوراً آخر يبقى نشاطها في تعليم اللغات نشاطاً ثانوياً وغطاء لطبيعة نشاطها الحقيقي والرئيسي الذي تركز عليه، داخل هذه المعاهد يبدأون ببرامج تساعد على الاختلاط الفوضوي وتعزيز الروابط خارج إطار الروابط الشرعية، ثم تزداد هذه الروابط، ثم يدخلون إلى المسخ تحت العنوان الحضاري، والتغريب بشبابنا وشاباتنا، وتقديم النموذج الغربي المنفلت الذي لا تحكمه ضوابط ولا أخلاق ولا قيم، كنمط حياة لشبابنا وشاباتنا ومن ثم إيقاعهم في الرذيلة والفساد الأخلاقي وأساليب كثيرة يشتغلون عليها وكانوا يشتغلون عليها، السفارة الأميركية فيما سبق ومضى كان في صنعاء لها شبكات ترعاها هي وترعى نشاطها، وبعلم وسمع وبصر الأجهزة الرسمية، كانت تُعرف آنذاك وكان هذا النشاط مكثفاً للإفساد الأخلاقي، شبكات تشتغل شغلاً فظيعاً في هذا الاتجاه لماذا؟ هم يعرفون أن من أوقعوه في الرذيلة ودنسوه وفرغوه من قيمه الأخلاقية وأصبح إنسانًا تافهاً تائهاً ضائعاً، لا قيم له لا أخلاق له لا شرف له لا غيرة له لا حَمية له، فيتجه في هذه الحياة على النحو الذي يريدونه، سيستعبدونه وبكل بساطة بكل سهولة، لن يبقى عنده أي اهتمام في أن يكون حراً وفي أن يكون بلده حراً، لن يبقى لديه أي اهتمام بشأن الناس ولا بمعاناتهم، ولن يبقى له أي اهتمام في مواجهة هذه التحديات والأخطار، إنسان تفرغ من حميته من شرفه من عزته من كرامته من إنسانيته، يصبح إنسانًا تائهاً كل اهتمامه في المياعة والضياع والرذيلة، كل اهتماماته تنصب في هذا الاتجاه، لن يبقى لديه اهتمام بقضاياه المصيرية بقضاياه المهمة بشئون بلده الكبيرة والمصيرية، |لا|، سيتحول إلى إنسان تافه مفرغ من كل إحساس بالعزة والكرامة، ومن كل اهتمام ومن كل إحساس بالمسؤولية، سيتفرغ من ذلك، ويكون في ليله ونهاره ضائعاً وراء تلك التفاهات والرذائل الخسيسة العياذ بالله، حينها انتهى يضربونه بكل بساطة، يعني ليس همهم في هذا الغزو للإفساد الأخلاقي الممول بأكثر قنواته ووسائله من السعودي والإماراتي، ليس همهم فيه إمتاع شبابنا وشاباتنا حتى يرتاحوا ويتنعموا ويكيفوا، |لا|، ليس همهم من أجل راحة وقُرة عين الناس، |لا|، الإفساد وسيلة من وسائل الاستعباد، الإفساد والتفريغ من القيم والمبادئ وسيلة خطيرة جدًّا من وسائل السيطرة والتحكم، ومن وسائل الهوان، الإنسان الذي يصبح مائعًا تافهاً خسيساً ساقطاً في الرذيلة هذا إنسان فعلاً لن يهمه أن يكون عزيزاً في هذه الحياة ولا حراً ولا شريفاً، ولا أن يكون في هذه الحياة مستقلاً أو يكون بلده مستقلًا ولن يبالي بأي شيء.

الغزو لشراء الولاءات والذمم

 غزو آخر: وهو أيضاً غزو سيئ غزو الشراء للولاءات والذمم، التدنيس للناس واستغلال حالة الظروف الاقتصادية الصعبة التي صنعها الأعداء هم، وأوصلوا إليها شعبنا والمعاناة التي يعيشها، ثم نشر حالة الطمع لدى الناس وشرائهم بالمال، هذا الغزو أيضاً غزو استرقاق، استرقاق من نوع آخر، في الماضي كانوا يشترون الناس بالمال بشكل صريح فيذهبون به إلى السوق، بعد أن يكونوا اختطفوه أو أسروه أو أي شيء من المعركة، يذهبون به إلى السوق في مزادات علنية، للبيع تفضلوا من يشتري واشتري وأصبح عبدًا بشكل رسمي يعني، اليوم هناك شكل آخر من أشكال الاسترقاق هذا والاستعباد: إمَّا أن يتصلوا به بالتلفون، أو يبعثوا إليه شخصاً آخر: [هيا جي معنا، با نعطيك فلوس، بيع نفسك]، يعني: بع موقفك بع أرضك، بع وطنك، بع شرفك، بع قيمك، بع أخلاقك، باع، واشتروا الكثير اشتروهم بمبلغ معين، إمَّا دفعة واحدة، وإمَّا بالتقسيط كل شهر دفعة، مبلغ تحت عنوان مرتب أو مبلغ مالي شهري، هذا شكل خطير من أشكال الإفساد، الإنسان الذي يصل إلى درجة أن يبيع ولاءه، وأن يبيع ذمته وأن يبيع موقفه، ويقاتل بفلوس، أين ما كان حتى لوكان سيذهب للقتال ضد رسول "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه"، أو ضد الأقصى، أو ضد مكة والكعبة والمدينة المنورة، سيقتل أبناء الإسلام بفلوس، سيقف موقف الباطل بفلوس، سيعمل أي شيء مهما كان من القتل، سيذهب إلى أي جريمة بفلوس، هذا إنسان انتهى تعطلت إنسانيته، هذا استهداف للهوية اليمنية الإسلامية المتأصلة المتجذر فيها الأخلاق والقيم، هذا من البيع للدين بالدنيا، والبيع حتى للدنيا، اليوم قد صاروا يشترون الدين والدنيا وليس فقط الدين لأنك ستبيع أرضك وثروتك.

الغزو لكسر الإرادة والروح المعنوية

أيضاً جانب آخر، من جانب الغزو والهجمة علينا التي تستهدفنا في هويتنا: السعي بكل جهد إلى كسر الإرادة، وضرب الروح المعنوية لهذا البلد، يعني شغل كبير جبهة كبيرة جدًّا، تشتغل بالإرجاف والتهويل والتخويف، والإرعاب للناس والإرهاب لهم، وزرع حالة اليأس، والتحطيم النفسي والمعنوي لدفع الناس إلى الاستسلام على أساس اليأس، أنه ليس باستطاعتنا أن نصمد، وليس باستطاعتنا أن نواجه، وما أمامنا من خيار إلا أن نستسلم، وما أمامنا من خيار إلا أن نسلم أنفسنا وأمرنا وبلدنا وثروتنا وكل شيء لعدونا ونترك له كل شيء.

من الوسائل النفاقية للعملاء في الداخل

هناك شغل كبير، شغل إعلامي وشغل اجتماعي وشغل سياسي، وله أساليب مباشرة وأساليب غير مباشرة، هناك شغل كبير جدًّا في واقعنا الداخلي، ويظهر بوضوح في وسائل الإعلام، ويظهر- أحيانا- في مقايل القات وفي التجمعات والمناسبات.

ولكن حينما يكون هناك وعي ما الذي يريده العدو من وراء كل هذا، حينما يستهدفنا في هويتنا بنموذجه التكفيري والقاعدي والداعشي، حينما يستهدفنا في هويتنا بنشاطه لإفساد الأخلاق ولإيقاع الناس في الرذيلة والجريمة، ونشر المخدرات وغير ذلك، حينما يستهدفنا بهذا الأسلوب الإرجافي والتهويلي، وأسلوب الإرعاب والإرهاب والتخويف إلى غير ذلك، حينما يعمل على النيل منا.

في روحنا المعنوية، حينما يعمل على إلهائنا عنه، وعمّا يفعله بنا، وعن مؤامراته ومخططاته، وهو يُشَغِل بعض أبواقه في الداخل، التي تبقى دائماً تصيح وتصيح وتصيح بأعلى أصواتها كأبواق لصالح الأعداء، بقضايا أخرى، وكأنه ليس لهذا البلد من هموم ولا مشاكل إلا بعض المشاكل الداخلية والقضايا الداخلية، فيبقى أولئك يصرخون [على طول وعلى طول وعلى طول] بتلك القضايا، في محاولة منهم لإلهاء هذا الشعب عما هو أكبر وأخطر وأهم بكثير بكثير، عما يشكل تهديداً وجودياً ومصيرياً، على وجودنا ككيان حر، وكبلد مستقل، وكشعب مسلم حافظ على هويته وعلى قيمه وعلى مبادئه وعلى أخلاقه.

يبقى البعض يصرخ في منابر إعلامية وفي منابر المساجد وفي المناسبات والتجمعات الشعبية، ويصيحون بشكل وكأن أبرز قضية، أو أهم قضية، هي تلك القضية، أو تلك: (هموم داخلية، أو شئون داخلية).

لا بأس أن يكون هناك اهتمام بأي شأن داخلي، ولكن ليس بأسلوب يحاول أن يُنسي هذا الشعب ما هو أكبر وما هو أهم، وأن يطغى على القضايا الرئيسة والمصيرية لهذا الشعب، ولا بأسلوبٍ يهدف إلى إضعاف الجبهة الداخلية، ولا بأسلوبٍ يهدف إلى إلهاء الناس عن القضايا المصيرية والرئيسة، هو حينئذٍ أسلوب نفاقي، أسلوب نفاقي يرفع عناوين، أو قضايا، إمَّا مشاكل، أو خلافات داخلية، وإمَّا مشاكل واقعية، ولكن هي في مستواها وفي حجمها، يمكن التعاطي معها بروح مسؤولة، وليس بروح منافقة، وليس بأسلوب نفاقي وليس بأسلوب عدائي وليس بأسلوب يخدم العدو بشكل واضح ومفضوح.

 

السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي

ذكرى جمعة رجب 1438 هـ