نظّمت دائرة الثقافة القرآنية بالتعبئة العامة، مساء اليوم، ندوة توعوية في الجامع الكبير بصنعاء، إحياءً لذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليه السلام، تحت عنوان: "الإمام زيد عليه السلام.. ثورة متجددة"، بحضور عدد من العلماء وطلبة العلم والمهتمين.
وفي المحور الأول للندوة، قدّم العلامة علي بن الحسين الهادي قراءة تأملية في شخصية الإمام زيد بن علي عليه السلام، مستعرضاً ملامح من سيرته الجهادية وما اتسم به من وعي وبصيرة وعلم وشجاعة، جعلته من أبرز رموز الكفاح في وجه الطغيان.
وأشار العلامة الهادي إلى أن الإمام زيد عليه السلام نشأ في بيئة علمية وتربوية خالصة، وتأثر بنهج أهل بيت النبوة، ما رسّخ في وجدانه روح المسؤولية تجاه الأمة وهمومها، فكان تحركه الواعي ضد الظلم نتاجاً لتراكم الاضطهاد والانحراف الذي عاشته الأمة بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام.
وتناول الخلفيات السياسية والاجتماعية التي أحاطت بحركة الإمام زيد، موضحاً أن تحركه لم يكن بدافع شخصي أو مصلحة ذاتية، وإنما انطلق من شعور ديني وإنساني عميق، تحمّل في سبيله الأذى والتضحية حتى الاستشهاد.
كما شدّد على أن الواقع الذي واجهه الإمام زيد عليه السلام لا يختلف كثيراً عن واقع الأمة اليوم، حيث الطغيان والتطبيع والتآمر على قضايا الأمة، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية وما يعانيه أبناء غزة من حرب وعدوان وحصار خانق.
وأكد العلامة الهادي أن استذكار سيرة الإمام زيد تمثل دعوة حيّة إلى السير على نهج أعلام الهدى، ومواصلة التحرك العملي في ميادين الجهاد لمواجهة قوى الاستكبار ورفض كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، مشيراً إلى أن الشعب اليمني حاضر اليوم في ميادين المواجهة كما كان الإمام زيد في زمانه.
وفي المحور الثاني، قدّم عضو رابطة علماء اليمن، العلامة خالد موسى، ورقة علمية بعنوان "دروس وعبر من ذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام"، تناول فيها جملة من القيم والمواقف التي جسدها الإمام زيد في حركته المباركة، والتي لا تزال تشكّل مرجعاً في مقاومة الظلم والانحراف.
واستعرض ما واجهه الإمام زيد من مظالم جسيمة، وما تعرّض له من طغيان واستبداد من قبل حكام بني أمية، الذين سعوا إلى طمس صوته وتشويه ثورته، كما يفعل الطغاة اليوم في تجهيل الأجيال وتشويه رموز المقاومة والتضحية.
وأشار إلى أن أحد أبرز أسباب استمرار معاناة الأمة هو تراجع الوعي الديني والسياسي لدى الشعوب، وهو ما يجعلها عرضة للتضليل والخداع والانقياد خلف مشاريع الهيمنة.
وأكد العلامة موسى على ضرورة تعزيز الوعي والبصيرة في أوساط المجتمع، والعودة إلى قيم ثورة الإمام زيد في تصحيح المفاهيم، ورفض السكوت على الظلم، مشدداً على أن مسؤولية الأمة في مواجهة المستكبرين تزداد في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من تآمر مكشوف.
ودعا في ختام محوره الثاني إلى استلهام المواقف العملية من ثورة الإمام زيد، والانطلاق من منطلقاتها في بناء واقع الأمة على أساس العدل والكرامة والسيادة ورفض التبعية، مؤكداً أن ذكرى استشهاد الإمام زيد ليست مناسبة تاريخية فحسب، بل محطة متجددة لتعزيز الوعي والتحرك الجاد في وجه الطغيان.