إن فتنة ديسمبر 2017 التي فجرها الخائن علي عبد الله صالح عَفَّاشُ، لم تكن مُجَـرّد حادث عابر في تاريخ اليمن الحديث، بل مثّلت محطة فاصلة كشفت بوضوح عن عمق المؤامرات التي كانت تُحاك ضد ثورة 21 سبتمبر وضد تماسك الجبهة الداخلية في وجه العدوان بقيادة رباعية الشر المتمثلة في السعوديّة والإمارات وأمريكا وبريطانيا.

لقد جاءت هذه الفتنة في توقيتٍ مُتعمَّد، تزامن مع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وكان الهدف منها تفجير الأوضاع الأمنية في العاصمة صنعاء لمنع إقامة الفعالية المركزية وإعلان الانقلاب على سلطة المجلس السياسي الأعلى، وإشعال حرب أهلية داخلية تخدم مصالح العدوان بشكل مباشر، حَيثُ كشف صالح في خطابه الفتنوي عن تنسيقه الصريح مع دول العدوان وتحديدًا الإمارات التي أوهمته بإمْكَانية عودته إلى سدة الحكم.

كانت الفتنة رهانًا فاشلًا لأبوظبي وحلفائها، الذين سارعوا إلى الإعلان عن خيبة أملهم بمقتل صالح وسقوط مشروع الفتنة قبل أن يكتمل؛ إذ كانوا ينتظرون أن تتحول صنعاء إلى ساحة فوضى تخدم مخطّطهم في تفتيت المنطقة وإعادة تشكيلها على مقاس الهيمنة.

ومع اندلاع المواجهات والاشتباكات المسلحة، حُسمت الفتنة خلال أقل من 50 ساعة بفضل تماسك الجيش واللجان الشعبيّة، الذين قدّموا شهداء ارتقوا أثناء وأد الفتنة، لتنتصر صنعاء ليس فقط بقدرتها على إسقاط الخيانة، بل بتجسيدها للقيم والأخلاق الثورية في التعاطي مع تداعياتها.

ففي اليوم التالي مباشرة، تجسّدت سياسة التسامح والإيثار التي أرساها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حَيثُ بدأت القيادة الثورية والسياسية بدراسة قرار العفو العام عن المغرر بهم والمشاركين في الفتنة، وتجاوز عدد المفرج عنهم المئات في خطوة أثبتت أن القوة ليست في البطش والانتقام، بل في القدرة على ضبط النفس والتسامح لحماية الجبهة الداخلية من التفكك؛ ما أَدَّى إلى إغلاق مِلَفِّ الخيانة والتأكيد على الشراكة في مواجهة العدوان.

إن فشل فتنة ديسمبر أثبت أن ثورة 21 سبتمبر هي منظومة قيمية وأخلاقية راسخة لا تهتز أمام العواصف، واختبار وطني وتاريخي نجحت فيه القيادة الثورية والسياسية، فكشفت معدن الرجال، وثبتت الدولة، وانتصر فيه الوفاء على الغدر وأثبتت أَيْـضًا عظمة الثقافة القرآنية وعظمة رجالها الأوفياء لتضحيات الشهداء الأبرار سلام الله عليهم.