موقع أنصار الله ||مقالات || أنس عبدالرزاق
في تجلٍّ إعجازي لقوة الإيمان وعظمة الصمود، حَيثُ تتهاوى حسابات القوة المادية أمام ثبات الحق ورسوخ العقيدة، شهد العالم كيف أن شعبًا يمنيًّا، متسلحًا بإيمانه بالله أولًا، وبحكمة قيادته ثانيًا، استطاع أن يفرض منطقه على غطرسة القوة الأمريكية. لم تعد القصة مُجَـرّد تحليل عسكري لفعالية الأسلحة أَو تكتيكات القتال، بل أصبحت ملحمة إيمانية ووطنية، حَيثُ أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية، بكل ما أوتيت من قوة، على أن تطأطئ رأسَها لواقع جديد، وتوقف عملياتها العسكرية في البحر الأحمر، شاهدةً على أن النصر الحقيقي ينبع من قوة لا تُرى بالعين المُجَـرّدة، قوة الإيمان بالله والالتفاف حول قيادة حكيمة. كانت الأسابيع الماضية اختبارا قاسيًا، حَيثُ صُبت النيران الأمريكية على اليمن بزعم حماية الممرات المائية. لكن ما لم تحسب له واشنطن حسابًا هو أن هذا الشعب الأبي يستمد قوته من معين لا ينضب، من إيمانه المطلق بأن الله هو الناصر وهو السند. هذا الإيمان العميق، المقرون بدعاء المظلومين وتضحيات الشهداء، هو الذي حوّل كُـلّ ضربة إلى وقود لمزيد من الثبات، وكل تهديد إلى دافع لمزيد من التحدي.
تقارير الخبراء العسكريين الغربيين، التي اعترفت بصعوبة المهمة الأمريكية وفشل تحقيق أهدافها، أغفلت العامل الأهم: أن اليمنيين لم يكونوا يقاتلون بترساناتهم المحدودة فحسب، بل كانوا يقاتلون بقوة إيمانهم الذي لا يلين، وبثقتهم في وعد الله بالنصر للمستضعفين الصابرين. وبجانب هذا السند الإلهي، برز دور القيادة اليمنية الحكيمة التي استطاعت، بحنكة وبصيرة، أن تدير دفة الصراع بكفاءة عالية، وأن توحد الصفوف، وتلهم الشعب روح المقاومة والتحدي. هذه القيادة، التي فهمت طبيعة المعركة وأبعادها، ووضعت ثقتها في شعبها وفي قدرة الله، هي التي حولت المحنة إلى منحة، والتحدي إلى فرصة لإثبات أن اليمن عصيٌّ على الانكسار.
إن قرار واشنطن بوقف عملياتها لم يكن مُجَـرّد تكتيك عسكري، بل كان اعترافًا بأنها تواجه جبهة متماسكة، يقودها إيمان لا يتزعزع وقيادة لا تعرف التراجع عن الحق. اليوم، يقف اليمن شامخًا، لا بقوته المادية فحسب، بل بقوة إيمانه ووحدة شعبه وحكمة قيادته. لقد أثبت للعالم أن النصر ليس حكرًا على من يملك السلاح الأكثر تطورًا، بل هو حليف من يملك الإيمان الأصدق والإرادَة الأقوى والقيادة الأكثر حكمة.
إن ما حدث في البحر الأحمر ليس مُجَـرّد تغيير في موازين القوى العسكرية، بل هو برهان ساطع على أن قوة الله فوق كُـلّ قوة، وأن الشعوب المؤمنة بقيادتها وقضيتها قادرة على صنع المعجزات، وتغيير مجرى التاريخ، مهما كانت التحديات.