تخوض الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية وعلى رأسها شبكة الجزيرة الإعلامية معركة ضارية لتضليل الرأي العام العربي والإسلامي والإسهام الفعال في تضليل الرأي العام العالمي، وكما سبق لهذه الماكينة الإعلامية العمل على مدى عشرين شهرًا على صرف نظر الرأي العام العربي والإسلامي عن دور القوى الاستعمارية الغربية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية في جريمة الإبادة الجماعية المقترفة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فها هي اليوم تعمل بكل طاقتها على صرف نظر الرأي العام العربي والإسلامي عن دور الإدارة الأمريكية وغيرها من القوى الاستعمارية الغربية في جريمة العدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تؤكّـد قياداتها في مختلف مستويات السلطة العامة وقوف الإدارة الأمريكية وغيرها من القوى الاستعمارية الغربية وراء جريمة العدوان، وأن الكيان الصهيوني ما هو إلَّا أدَاة تنفيذ لهذه الجريمة ما كان له بمفرده أن يفكر مُجَـرّد التفكير في الاقدام عليها ناهيك عن تنفيذها.
مع كُـلّ ذلك تعمل الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية على تهيئة الرأي العام العربي والإسلامي وإعداده لتقبل مشاركة الإدارة الأمريكية في ما تصفه بالحرب بين إيران و(إسرائيل)، وكأن الإدارة الأمريكية بعيدة عنها وليست طرفا في الجريمة منذ البداية ومخطّطا أَسَاسيًّا لاقترافها، وتتجاهل الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية تمامًا سابق تهديدات مجرم الإدارة الأمريكية ترمب، التي كان ردّدها دائمًا بأن القنابل ستتساقط على إيران ما لم توقع على الاتّفاق، الذي هو في حقيقة الأمر مُجَـرّد ذريعة ومُجَـرّد تهيئة لجريمة العدوان على الجمهورية الإسلامية، مع كُـلّ ذلك وفي كُـلّ تناولاتها وتغطياتها تتساءل الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية عن إمْكَانية مشاركة الإدارة الأمريكية في الحرب إلى جانب (إسرائيل)، ومتى سيتم الإعلان رسميًّا عن هذه المشاركة، وعن استخدام الإدارة الأمريكية للقاذفات الشبحية لتدمير منشأة فوردو النووية المحصنة، وكأن الطائرات التي نفذت الجريمة ليست أمريكية وكأن القنابل التي استخدمتها ليست أمريكية كذلك.
وتجاهلت الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية تمامًا تصريحات وتغريدات ترمب، الذي نصب نفسه ناطقا عسكريًّا رسميًّا باسم الجيش الصهيوني، فحينا يدعو سكان طهران إلى الاخلاء، وحينا آخر يتباهى بقوله (سيطرتنا على أجواء إيران بشكل كامل) وأحيانًا أُخرى يطالب الجمهورية الإسلامية بالاستسلام دون شروط! وأحينا أُخرى يهدّد باغتيال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.
ومع كُـلّ ذلك لا تزال الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية تضلل الرأي العام لتجعله في حالة انتظار وترقب لمشاركة الإدارة الأمريكية، التي هي من حَيثُ الأَسَاس من أعد وخطط لارتكاب جريمة العدوان، وكلف الكيان الصهيوني الوظيفي بمباشرة التنفيذ بوسائل أمريكية وبإرادَة وتنسيق وإدارة مباشرة من جانب القوات العسكرية الأمريكية المنتشرة في رقعة واسعة من جغرافية المنطقة العربية وجوارها.
ورغم أن القوات الأمريكية المنتشرة في عدد من القواعد العسكرية في المنطقة تقدم الدعم اللوجستي والاستخباري للطيران المهاجم، ورغم أن الدفاعات الجوية لهذه القوات تقوم بعمليات اعتراض للصواريخ والطيران المسير المتجهة نحو الكيان الصهيوني، مع كُـلّ ذلك ورغم كُـلّ ذلك لا تزال الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية تتساءل عن الوقت الذي يعلن فيه مجرم الإدارة الأمريكية ترمب دخول المعركة إلى جانب (إسرائيل) متجاهلة تمامًا ضلوع هذه الإدارة المجرمة في الجريمة من مرحلة الاعداد والتخطيط إلى مرحلة التنفيذ.
ولا نقول إن الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية تتغافل عن زيف وتضليل القوى الاستعمارية الغربية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، وتجاهلها للحقائق القائمة على أرض الواقع، بل إن هذه الماكينة الإعلامية تتعمد ترويج ذلك الزيف والتضليل، كما سبق لها ترويج مواقف القوى الاستعمارية حول ما سمي حق (إسرائيل) في الدفاع عن النفس في مواجهة الإرهاب القادم من قطاع غزة، حسب وصف هذه القوى الإجرامية، وها هي اليوم الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية تروج لمخرجات قمة الدول الصناعية السبع المنعقدة في كندا حول دعمها وإسنادها لما أسموه حق (إسرائيل) في الدفاع عن النفس في مواجهة إيران!
ومثلما عملت المكينة الإعلامية الناطقة بالعربية على تبرئة ساحة الإدارة الأمريكية وغيرها من القوى الاستعمارية الغربية من جريمة الإبادة الجماعية، المقترفة أفعالها بشكل مُستمرّ ومتتابع في قطاع غزة، منذ عشرين شهرا من جانب الكيان الصهيوني وشراكة القوى الاستعمارية الغربية، من خلال استمرار وصف هذه الماكينة الإعلامية للحالة في قطاع غزة بشكل زائف ومضلل بأنها حالة (حرب)، ومعلوم أنه في حالة الحرب من الجائز للدول غير الأطراف فيها دعم وإسناد أطرفها بمختلف الوسائل الحربية، بينما يختلف الحال تمامًا إذَا ما أخذت الحالة في قطاع غزة وصفها الصحيح بأنها (جريمة إبادة جماعية) لتصبح تبعًا لذلك كُـلّ دولة تقدم مساندة للمقترف المباشر لأفعالها شريكًا في الجريمة مهما كانت تلك المساعدة ضئيلة، ناهيك أن تتضمن الحماية الميدانية وتقديم شحنات القنابل والصواريخ ومختلف أنواع المعدات العسكرية، وتوفير الأموال بمئات المليارات من الدولارات، وتوفير الحماية والغطاء السياسي والقانوني لمقترف الجريمة كما هو حال الإدارة الأمريكية وغيرها من القوى الاستعمارية الغربية.
ولو أن الماكينة الإعلامية الناطقة بالعربية قدمت ومنذ عشرين شهرًا الإدارة الأمريكية وغيرها من القوى الاستعمارية الغربية بأنها شريك في جريمة الإبادة الجماعية، وقدمتها كذلك اليوم أنها شريك في جريمة العدوان على الجمهورية الإسلامية لاختلف تمامًا موقف الرأي العام العربي والإسلامي في الحالتين! لكن الدور الوظيفي للأنظمة المالكة لهذه الماكينة الإعلامية يفرض عليها سلوك سبيل الزيف والتضليل ولا سبيل أمامها لسلوك غيره.