أنقِذوا الشعب من جشع التجار وغياب الرقابة الحكومية!

موقع أنصار الله || مقالات ||  أنس القاضي

إنْ كان لليمن من قوة سلاح فتّاك بين أيديها اليوم فهو الإنْسَان اليمني المؤمن بعدالة قضيته، الراغب في الثأر لوطنه وحريته، المُستبسل في ساحة النزال، الذي يرفعُ الهاماتِ منذ بداية العدوان.

ولكن لا يبدو أن هذا الإنْسَان هو محور اهتمام حكومة “الإنقاذ”، أَوْ أن (إنْسَانَها)، مفهومٌ مُجرّدٌ في نصوص القوانين، لا مجتمعاً واقعياً.. طُلاب، وعمال، ومزارعون، وموظفون دون رواتب، ومُعطَّلون عن الشغل، يتلظون بغلاء أسعار المواد الغذائية، والوقود وفي مقدمته الغاز.

هذه الحكومة جاءت في ظرف حرب نارية واقتصادية وحصار، وبديهيٌّ أن عليها أن تنشَطَ في هذا الواقع ولا يُعطيها العدوان والحصار أي مبرر للتحجج به، خاصّةً حين يكون ما عليها عمله أمراً ممكناً لا علاقة له بالعدو، كضبط الأسعار وضبط اللصوص والفاسدين في مناطق إدارتها.

وقف الإنْسَان اليمني الكادح طوال ثلاثة أعوامٍ يرفد جبهةَ مواجهة العدوان من قوته، وبلغ به الإحساسُ بالمسئولية الوطنية إلى أن يتبرّع للبنك المركزي، ولا يستحق هذا المواطن إلا أن يُجازى بحقه الطبيعي حقه الاعتيادي وهو المستحق أن يجازى بالإحسان..

وإن كان هناك من داعم لليمن ولبطولات الجيش واللجان الشعبية وسِر انتصاراتها وتحديها لقوى الاستعمار والتوسع العدوانية، فهذا الداعم هو الشعب اليمني الكادح، لا أحد سواه.

المجتمعُ سِرُّ الصمود، وتحريرُه من المعاناة غايةُ الكفاح، ولكن يبدو أن هناك غاياتٍ أنانيةً أُخرى واهتماماتٍ مغايرةً على أساسها تمارِسُ حكومة “الإنقاذ” مهامَّها، ويكاد يصلُ هذا الفشلُ إلى الخيانة الوطنية، حين يُصبح أداءُ الحكومة السلبي عاملَ فَتٍّ لعضد الشعب ومزعزعاً للصمود الاجتماعي، الذي يستند عليه الأبطال في الجبهات، فنحن في حالة حرب.

مسألةُ الغاز هي مسألة واحدةٌ ضمن قضية عامة هي قضية وجوب أن تكونَ هناك جبهة اقتصادية اجتماعية داعمة للجبهة العسكرية، وعلى الحكومة اليوم مسؤولية أن تُوفر الغاز بالسعر المناسب للمواطن الكادح سعر رسمي موحد، وأن تُتَابع نقاطَ البيع تراقبها، فتلقي القبضَ على من يرفع السعر، وتفتح المحطّات التي أُغلقت وتبيعه للشعب، فهذه مهمة اعتيادية لأية حكومة، الإخلال بها في الوقت العادي يكفي للإطاحة بها، وفي وقت الحرب والحصار فضبط الأسعار والرقابة عليها، ضرورةٌ مُلحة يتوقف عليها مصيرُ حرية الوطن، الإخلال فيها ليس مجرد فشل بل تواطؤٌ لا يوجب فقط الإطاحة بالحكومة بل ومحاكمتها عسكرياً.

لم يعد هناك أيُّ عذر للحكومة أمام الشعب، هذا ما قاله الرئيس الصمّاد، وَحين تحدث الرئيس لم يبالغ بالحماسة بل عَكسَ وعي الشعب الاجتماعي، خاصّةً من بعد سقوط مؤامرة ديسمبر ورحيل العناصر الخيانية التي كانت ضالعةً بمحارَبة الشعب اقتصادياً وممانعة للتغيير، وكانت تُعلق عليها كُل الإخفاقات، أما اليوم فأي إخفاق سببُه التواطؤ وانعدامُ المسؤولية ليس هناك ما يبرر له، بل الحكومة هي المدانة، ومطالَبة بالرحيل والمحاسبة، إنْ كان الواقع أكبرَ من قدراتها الذاتية، فَها هي تتفرج ولا تحرّك ساكناً، منشغلة بالمصالح الأنانية لشخوصها والمرتبطين بهم، وهوَ ما حذّر منه الرئيس الصماد. وسيقنعُ الشعب بأن القضية عصيّة على الحل، حين يشاهد سعادة الوزير ينتظرُ معه في طوابير الغاز، وحين تدور الشهور الطوال وهو لا يستلم راتباً كسائر الموظفين.

وعلى الشعب مسؤولية، في أن يُساند التوجهات الجادة للمجلس السياسي الأعلى، وأن يقفَ بجانب الحكومة حين تتخذ قرارات مُحقة وتتجه لإجراءات من شأنها أن تخففَ المعاناة، فاللوم على الحكومة في تواطؤها أَوْ تخاذها، وحين تتحرك فعلينا الوقوف معها، فترك الحكومة بمواجهة مع جشع التجار دون سند شعبي يجعل من الشعب مساهماً في استمرار معاناته، والشعب بحاجة إلى إجراءات حازمة تجعل قنوات العدوان تتباكى على التجار الجشعين، لا أن تتباكى زيفاً على الشعب!

على الشعب مسؤولية في أن يواصل دورَه الثوري، وأن يُدرك أن السلطة ليست فقط الواجهات الرسمية، بل وأيضاً سلطة اقتصادية هي في قبضة التجار الجشعين الذين يحتكرن السوقَ ويخلّون بالمنافسة التي يرعاها الدستور والتي من شأنها أن تخفضَ أسعار السلع والخدمات.

والاحتكاريون هم اليوم أضعفُ بعد أن أسقطت ثورة 21 سبتمبر الركائزَ السياسية والعسكرية التي كانوا يستندون عليها، فتوقف الشعب عند هذه النقطة يترك إمكانية أن تجدّد القوى الاحتكارية سيطرتها، وعلى المجلس السياسي الأعلى أن يخلصَ لتطلعات الشعب في الإصلاح والعدالة، ويقف مع الجماهير لتكتملَ الأدوارُ الشعبية والرسمية.

 

قد يعجبك ايضا