الکيان الإسرائيلي يعترف بالبلطجة أمام المجتمع الدولي ويؤكد قصفه موقع الكبر السوري عام 2007
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
في سابقة هي الأولى من نوعها، اعترف كيان الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمتلك مئات الرؤوس النووية، بشكل رسمي أمام مرأى ومسمع العالم بالعدوان على سوريا عام 2007 بذريعة استهداف منشأة نووية قيد التجهيز.
واعترف الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء في بيان له أنه شنّ عدواناً على دولة ذات سيادة، في ليل الخامس إلى السادس من أيلول/سبتمبر في 2007 وهي سوريا عبر استهدافه منشأة مدنية في مدينة دير الزور شرق البلاد بذريعة أنها ربما تكون منشأة نووية قيد الإنشاء، في وقت تواصل تل أبيب وضع نفسها فوق القانون الدولي، ولا يستطيع أحد ردعها، أو إرغامها على الكشف عن برنامجها النووي.
أتى هذا الاعتراف بعد رفع السلطات الإسرائيلية السرية عن مواد متعلقة بالاعتداء، وتشمل المواد التي رفعت السرية عنها ووزعت على وسائل الإعلام، لقطات لصور من القصف وشريط فيديو للمسؤول عن الاعتداء حينها، الجنرال غادي ايزنكوت الذي كشف فيه تفاصيل العملية.
قال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيانه “ليل الخامس إلى السادس من أيلول/ سبتمبر عام 2007. قصف الطيران الحربي الإسرائيلي ما ادّعى أنه مفاعل نووي سوري في مراحل التطوير في موقع الكبر بمحافظة دير الزور شرق سوريا”، وأضاف جيش الاحتلال زاعماً إن المفاعل كان قريباً من اكتماله ونجحت العملية في إزالة تهديد وجودي ناشئ لـ “إسرائيل” والمنطقة بأكملها من القدرات النووية السورية، بحسب تعبيره.
وبحسب الوثائق الإسرائيلية فقد بدأت العملية ليل 5 أيلول/سبتمبر 2007 في الساعة 22.30 حين أغارت 4 طائرات أف-16 و4 طائرات اف-15 على الموقع قبل أن تعود بعد أربع ساعات في تمام الساعة 02.30 من فجر اليوم التالي إلى قواعدها.
نقلت وسائل إعلام إسرائيلية تصريحات سابقة للجنرال المتقاعد غابي أشكنازي أيام تنفيذ العدوان على سوريا قال فيها: فور إيعاز رئيس الوزراء للجيش الإسرائيلي تدمير المفاعل النووي في سوريا كان واضحاً لديّ أنه يجب الاستعداد استخبارياً وعملياتياً وتكنولوجياً لإزالة التهديد النووي عن دولة إسرائيل والمنطقة وبالمقابل القيام بالخطوات لمنع تدهور الأوضاع نحو الحرب، ولو فُرضت، فعلينا حسمها” .
بينما نقلت صحيفة يديعوت أحرنوت عن رئيس الأركان الجنرال غادي أيزنكوت الذي كان آنذاك قائد المنطقة الشمالية العسكرية قوله : “الرسالة من ضرب المفاعل في العام ٢٠٠٧ هي أن دولة إسرائيل لن تتسامح مع بناء قدرات تشكل تهديداً وجودياً عليها. كانت هذه الرسالة عام ٢٠٠٧ وهذه هي الرسالة لأعدائنا في المستقبل القريب والبعيد”
العنجهية الإسرائيلية والتمادي في استهداف سوريا بذريعة امتلاكها منشأة نووية قيد الإنشاء، سياسة لم تكن الأولى من نوعها بحق دول المنطقة، إذ لوح كيان الاحتلال بطريقة مباشرة وغير مباشرة، بالدمار الجدّي لكل دولة عربية تفكر في امتلاك القدرة النووية بغض النظر عن الهدف منها، وقد مارست هذه الاستراتيجية العدوانية بالفعل على الأرض، حين قامت بعملية عسكرية اسمتها عملية “أوبرا” وقامت خلالها بتدمير مفاعل تموز النووي العراقي “أوزيراك” في 7 حزيران 1981، منهية بضربة واحدة، محاولة العراق آنذاك امتلاك هذه القوة حتى قبل أن تتحول إلى قوة جدية ذات خطر بارز عليها، ففي أواخر عقد السبعينيات، اشترى العراق مفاعلاً نووياً من فرنسا، وبحسب ادعاءات المخابرات الإسرائيلية فإن الغرض الرئيسي من ذلك هو بناء مفاعل نووي عسكري قد يهدد أمن كيان الاحتلال، وبدأ التخطيط لتدمير مفاعل تموز في شهر شباط من عام 1980 وخشي رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن من أن الحكومات الإسرائيلية القادمة قد لا تسمح بهجوم عسكري أو بحدوث الضربة فسارع إلى تنفيذ عدوانه قبل أن تنتهي مدة ولايته.
ومن اللافت كذلك أن الكيان الإسرائيلي لم يتوقف مطلقاً عن تهديد إيران بسبب برنامجها النووي رغم أن طهران توصّلت عام 2015 إلى اتفاق مع الدول الست الكبرى عرف باسم اتفاق فيينا أو الاتفاق النووي الذي من خلاله تمكّنت إيران من الحفاظ على حقوقها النووية، ولكن ورغم حجم الصراخ والعويل الإسرائيلي لم يجرؤ قادة كيان الاحتلال على تنفيذ أي حماقة كون تل أبيب مدركة سلفاً حجم الاقتدار العسكري الإيراني وعلى دراية كافية أيضاً بأن طائراتها التي ستقلع لضرب هدف في إيران لن تعود، فالأمر لن يكون بمثابة نزهة لطائراتها.
وعلى النقيض من هذا تواصل إسرائيل بلطجتها في المنطقة وتواصل التعتيم على قوتها النووية، رغم أن جميع التقارير الاستخباراتية والإعلامية تؤكد أن تل أبيب قامت بإنشاء مفاعلها النووي في موقع ديمونة بمنطقة النقب، بمساعدة فرنسية مكثفة، وشغّلت هذا المفاعل عام 1958، وتمكّنت من إنتاج أول قنبلة نووية لها في العام 1962، دخلت إسرائيل على الفور، “النادي النووي العالمي”، دون أن تعلن رسمياً عن هذا الدخول وهذا ما أكده بشكل مثبت بالصور، الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فعنونو عام 1986والذي عمل في مفاعل ديمونة وفضح البرنامج النووي الإسرائيلي بعد أن قام بإرسال صور للصحافيين من داخل المفاعل، كما أرسل معلومات عن القدرات النووية الإسرائيلية، ومعلومات سمحت لمختصين نوويين أن يقرّوا بوجود قوة هائلة من الأسلحة النووية لدى الكيان الإسرائيلي.