فورين بوليسي: خمس ذرائع تتبعها أمريكا لشن حروبها في المنطقة
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية على لسان الكاتب البارز “سيفن وولت” إن عدد الأشخاص الذين يعتقدون أن أمريكا تنوي شنّ حرب جديدة يتزايد بشكل كبير، خاصة بعد أن قام الرئيس دونالد ترامب بتعيين العديد من الأشخاص مثل مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، وجون بولتون السفير الأمريكي السابق إلى الأمم المتحدة.
وتابعت المجلة الأمريكية: إن أول شيء يجب أن نتذكره هو أن القادة لا يبدؤون الحروب التي يعتقدون أنها ستكون طويلة ومكلفة وقد تنتهي بالهزيمة، لكن القادة الذين يبدؤونها يفعلون ذلك لأنهم يخدعون أنفسهم في التفكير بأن الحرب ستكون سريعة ورخيصة وناجحة، فقبل الحرب العالمية الأولى، اعتقد قادة ألمانيا أن خطة “شليفن” ستسمح لهم بهزيمة فرنسا وروسيا في غضون شهرين، وكان لدى “هتلر” آمال مماثلة في الحرب الخاطفة ونظّم آلة الحرب النازية بأكملها على افتراض أن الحرب ستكون قصيرة.
عرفت اليابان أنها لا تستطيع أن تربح حرباً طويلة ضد الولايات المتحدة، وكان الهجوم على “بيرل هاربور” مقامرة يائسة حيث تأمّلت طوكيو أن تقضي على معنويات الولايات المتحدة وتقنع واشنطن بمنحها الحرية في شرق آسيا. لم يكن صدام حسين يعتقد أن أحداً سيقاوم الاستيلاء على الكويت، وكان جورج بوش والمحافظون الجدد (وكذلك بولتون) يعتقدون بحماقة أن حرب العراق ستكون سهلة وقصيرة.
وتابعت المجلة الأمريكية: يجب على القادة المؤيدين للحرب أن يقنعوا الشعب أيضاً بالهدف من الحرب، على حد تعبير المستشار الألماني ثيوبالد فون بيتمان-هولويج في عام 1914، فهو أمر ضروري وحكيم، بينما تخلى الكونغرس عن دوره الدستوري في إعلان الحرب منذ زمن طويل، وهو ما يمنح الرؤساء حرية مطلقة.
لذلك، إذا كان الرئيس ومستشاروه يتطلعون إلى شن حرب، فكيف سيقنعون العالم بها؟ فيما يلي الحجج الخمس الرئيسية التي يتقدم بها الصقور عادةً عندما يسعون إلى تبرير الحرب.
الذريعة الأول: الخطر الشديد والمتزايد
إن المنطق الأساسي وراء الحرب الوقائية هو الافتراض بأن الحرب آتية وأنه من الأفضل أن نقاتل الآن بدلاً من أن نتحرك لاحقاً. وهكذا دخلت ألمانيا الحرب في عام 1914 لأنها كانت تعتقد (بشكل غير صحيح) أن القوة الروسية سوف تتفوق على نفسها في وقت قريب، وقد هاجمت إدارة بوش العراق لأنها اعتقدت أن “صدام” كان قد حصل على أسلحة الدمار الشامل، وبناء على ذلك، فإن أي شخص يسعى إلى شن حرب سيحاول إقناع الجمهور بأن الولايات المتحدة تواجه العديد من الاتجاهات السلبية وأن موقفها المتدهور لا يمكن عكسه إلا من خلال العمل العسكري.
لذلك من المثير للقلق أن إدارة ترامب تصرّ على أن قدرات كوريا الشمالية النووية والتكنولوجية المحسنة تشكل تهديداً وجودياً لا يمكن التسامح معه، ويستحضر مثيرو الحرب الآخرين مخاوف فاضحة من “إمبراطورية فارسية” جديدة يجب هزيمتها قبل أن تستولي على المنطقة بأكملها، ويشير كلا البيانين إلى أن أمن أمريكا ينفد – مثل رمال الساعة الرملية – ما يجعل من المستحيل تجنب الحرب.
الذريعة الثانية: ستكون الحرب سهلة ورخيصة
وكما أشرنا أعلاه، لا أحد يبدأ حرباً إذا كان متأكداً من أنها ستكون طويلة ومكلفة ومن المحتمل أن تنتهي بالهزيمة. وبناء على ذلك ، فإن أي شخص يحاول أن الدخول في حرب يجب أن يقنع نفسه والجمهور بأن ذلك سيكون سهلاً وأن النصر سيكون حتمياً ورخيصاً. من الناحية العملية، يعني هذا إقناع الناس بأن التكاليف بالنسبة للولايات المتحدة ستكون ضئيلة، وأن مخاطر التصعيد يمكن السيطرة عليها.
الذريعة الثالثة: ستحلّ الحرب جميع مشكلاتنا
عادة ما يعتقد المدافعون عن الحرب بأن النصر سيحل الكثير من المشكلات في وقت واحد.
كان “صدام” يعتقد أن غزو الكويت ضربة مهمة من شأنها أن تقضي على أحد دائنيه الرئيسيين، وتزيد من الناتج القومي الإجمالي للعراق ببلايين الدولارات بين عشية وضحاها، وتعزز نفوذه على السعودية، وتخمد الاستياء المحلي، وبالمثل، فإن بوش والمحافظين الجدد الذين اعتقدوا أن إسقاط صدام سيقضي على معتدٍ محتمل، وبذلك يرسلون رسالة إلى منتقدين محتملين آخرين، ويستعيدون مصداقية الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر، ويأكدون أنهم بدؤوا عملية ديمقراطية في الشرق الأوسط من شأنها أن تخفف في النهاية من خطر الإرهاب الإسلامي.
الشيء المدهش في هذه الادعاءات هو، كم مرة يتم إعادة تدويرها!. بغض النظر عن عدد المرات التي تذهب فيها الولايات المتحدة إلى الحرب أو تستخدم القوة – وقد فعلت الكثير في العقدين الأخيرين -.
الذريعة الرابعة: عدونا شرير ومجنون
إذا كنت تريد أن تقود بلداً إلى حرب، فلا تنسَ أن تصوِّر خصومك بالطريقة المناسبة. حيث إن تصوير الصراع على أنه صراع مباشر للمصالح المتنافسة ليس كافياً، لأنه إذا كان الأمر كذلك، فقد يتم حل المشكلة عن طريق الدبلوماسية والتوفيق بدلاً من القوة العسكرية، وبناءً عليه، يبذل الصقور قصارى جهدهم لتصوير المعارضين على أنهم تجسيد للشر وإقناع الجمهور بأن العدو بغيض من الناحية الأخلاقية وأنه عدواني بشكل غير قابل للتغيير. بعد كل شيء، إذا قامت حكومة أجنبية ببعض الأمور السيئة، وإذا لم يتغير عداؤها لأمريكا أبداً، فإن الحل الوحيد على المدى الطويل هو التخلص منها. وكما قال نائب الرئيس السابق ديك تشيني: “نحن لا نتفاوض مع الشر، نحن نهزمه “.
والخط الثاني للحجة هو الادعاء بأن خصوم أمريكا هم معتدون غير عقلانيين، لا يمكن ردعهم من خلال قوتهم العسكرية المتفوقة، والترسانة الضخمة من الأسلحة النووية المتطورة، والشبكة القوية من الحلفاء، والأدوات الاقتصادية المتنوعة. وبالتالي، فإن قادة إيران يتم وصفهم بشكل روتيني على أنهم متعصبون دينيون يرحبون بالشهادة، كما أن صور كيم الثلاثة في كوريا الشمالية يتم تصويرها بشكل روتيني على أنها غريبة، ومجنونة، وعالية العدوانية، وبالتالي من المستحيل ردعها.
الذريعة الخامسة: السلام
ونشير هنا إلى “التشكيك” في استخدام القوة، فخلال حرب فيتنام اتهم ليندون جونسون وريتشارد نيكسون النشطاء المناهضين للحرب بتقديم المساعدة للعدو، ومن المؤكد أن الإدارة المتلهفة للترويج الحرب لا بد لها من تصوير أولئك الذين يعارضونها على أنهم ضعفاء، وساذجين، أو غير ملتزمين بما يكفي.
وجهة نظري هي أنه إذا قررت هذه الإدارة أنها تريد أن تشن حرباً، فإنها ستفعل كل ما في وسعها لتخويف أو تهميش المشككين، والطريقة المضمونة حقاً للقيام بذلك هي طمس وطنيتهم، على أمل أن ينسى الجميع مدى الضرر الذي أحدثه الصقور المتهورون في السنوات الأخيرة.