|| صحافة ||
تزداد معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة يوماً بعد يوم، فبعد أن نفد غاز الطهي من المنازل منذ ما يزيد على العام ونصف العام، يوشك الخشب والحطب على النفاد مع استمرار الحصار وحرب الإبادة المتواصلة منذ ما يقرب من 660 يوماً.
أزمات صحية
تصف رواء أكرم (22 عاماً) الوضع الذي تعيشه بالمأساوي، وتقول لـ«الأخبار» إنّه «عندما أصبح الحطب شحيحاً جداً اضطررنا لاستخدام البدائل عنه كالبلاستيك والإسفنج، وهو ما تسبب لي بأزمة صدرية، نتيجة للغازات السامة التي تنتج عن حرق الإسفنج والبلاستيك».
وتتابع العشرينية في سرد معاناتها: «كنا نتذمر من الطبخ على الحطب الذي يصدر غاز ثاني أكسيد الكربون، ولم نكن نعلم أن الطهو على الحطب سيصبح من الأمنيات التي نسعى إليها، بعدما وجدنا الغازات السامة التي ألهبت عيوننا وصدورنا وأصابت بعض النساء الحوامل بتشوه الأجنة، بالإضافة إلى الغبار الذي يتطاير وينزل في الطعام ليصبح طعمه سيئاً بعض الشيء».
وتوضح أنّ والدها لم يتقاضَ راتبه منذ أشهر و«على الرغم من شح الطعام إلا أننا بالكاد نستطيع أن نوفر ما يسد الرمق، فكيف بنا نشتري الخشب الذي وصل سعره إلى ثمانية شواكل، فضلاً عن معاناتي في استخدام الولاعة التي بالكاد يمكن لها أن تشعل النار وأصبح سعر الواحدة 25 شيكلاً، بعدما كانت تباع بنصف شيكل، وهو ما يزيد الأعباء علينا».
ويحاول سكان القطاع طهو ما يسد رمق جوعهم، في ظل سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق المعابر ومنع توفير الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء.
ارتفاع السعر إلى 1500%
وتتحدّث أم يحيى مهدي (30 عاماً) عن معاناتها مع نفاد الحطب، وتقول لـ«الأخبار»: «أصبحنا بحاجة إلى راتب شهري كي نشتري الأخشاب ونطهو الطعام ونعد الخبز»، وتبين أنّ عائلتها تحتاج كل اليوم إلى 20 شيكلاً من الأخشاب كي تقوم بإعداد ما يسد الرمق.
ويقدّر ارتفاع سعر الحطب في غزة بنسبة 1500% منذ بداية الحرب، وهي نسبة كارثية لا يمكن للمواطن الفقير احتمالها.
وتشكو عبير الأدغم (42 عاماً) من تدهور وضعها الصحي جراء الدخان الذي يصدر عن حرق الحطب، وتقول في حديث لـ«الأخبار»: «أعاني منذ زمن من أزمة في الصدر، والذي يحتم علي البعد عن الغبار والأدخنة كي لا أختنق، إلا أن الحرب اضطرتني للوقوف أمام النار ودخانها ما زاد من أزمتي الصحية».
وتوضح أن أزمتها لا تتوقف عند صحتها، «بل نضطر لشراء الأخشاب بسعر مرتفع، لأن البدائل ربما تكون قاتلة كالإسفنج والبلاستيك»، وتضيف «نضطر أحياناً لجمع القمامة الورقية والكرتون وبعض الملابس المهترئة ونشعل فيها النار لعدم توافر ميزانية كي نشتري الخشب».
مردود ضعيف جداً
وعلى قارعة الطريق في حي الشيخ رضوان، يقول أيمن الأبيض (42 عاماً)، الذي رصّ حزماً من الأخشاب عارضاً إياها للبيع: «بعدما فقدت مصدر رزقي في الخياطة وجدت في جمع الأخشاب وبيعها مهنة جيدة تحفظ كرامتي». ويضيف لـ«الأخبار»: «كنت في بادئ الأمر أجمع الأخشاب من المنازل المدمرة في محيط سكني، إلا أن استمرار الحرب وعدم توافر الغاز واستهلاك الفلسطينيين للأخشاب أدى إلى شحها».
ويوضح الرجل الأربعيني: «أصبح هناك من يخاطر بنفسه ويجمع الأخشاب والحطب من المنازل التي تقصف حديثاً في المناطق البعيدة وأحياناً تكون في مرمى الخطر إلا أن لقمة العيش في غزة أصبحت مغمسة بالدم لذلك يضطرون للذهاب والحصول على الحطب والخشب من هناك».
ويشتري أيمن عربات الأخشاب ويقوم بتقطيعها إلى قطع طولية بالمنشار ومن ثم يكسرها إلى قطع صغيرة كي يسهل على المشتري استخدامها عند الطهي، وبعدها تجمع على شكل حزم يسهل حملها. ويلفت إلى أن الغزيين أحجموا عن شراء الأخشاب في الآونة الأخيرة «نظراً لارتفاع أسعارها التي وصل سعر الكيلو الواحد منها إلى 8 شواكل وفقاً لنوع الخشب»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ «المردود لا يكاد يساعد في الحصول على كيلو من الدقيق في ظل الغلاء الفاحش»، مطالباً المؤسسات الدولية بالعمل على وقف الحرب «تعبنا كثيراً ولم نعد نطيق العيش في هذا الوضع الصعب والأليم بتاتاً».
الاخبار اللبنانية: هداية محمد التتر