هكذا فقد الأمريكيون الثقة بوسائلهم الإعلامية..

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||الوقت التحليلي- كثيرةٌ هي الأحداث الأمريكية الداخلية والخارجية التي باتت تُبشّر بانهيار أسطورة الإعلام الأمريكي “ولاسيما نجاح سياسات الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب” وتغطية الإعلام الأمريكي لها، حيث يبدو انهيار هذه الأسطورة واضحاً من خلال استطلاعات الرأي داخل أمريكا نفسها، إذ إن نتائج استطلاعات الرأي التي تُجرى سنوياً هناك تؤكد أنّ ثقة الأمريكيين بإعلامهم تنعدم يوماً بعد آخر، وحتى الصحفيون لم تسلم أقلامهم من تعدّي المؤسسات الإعلامية عليها، إذ تؤكد إحدى الدراسات التي أُجريت على ما يزيد على مئتي صحفي أن 15% منهم أكدوا أن المؤسسات الإعلامية التي يعملون لحسابها تدخلت في أكثر من مناسبة في تحرير مواد صحفيّة أعدّوها، وإنهم – أي الصحفيين – لم يصدقوا الحالة التي أصبحت عليها تقاريرهم عند نشرها.

 

تاريخ من عدم الثقة

 

وإذا بدأنا من آخر التقارير التي تحدثت عن مصداقية وقبول الإعلام في الشارع الأمريكي نجد أنّه وبحسب تلك الدراسة التي نُشرت يوم أمس الإثنين 13 نيسان/ أبريل، والتي قامت بها جامعة مونماوث في نيوجرسي، فإنّ ما يُقارب من 77% من الأمريكيين يعتقدون أنّ وسائل إعلامهم تنشر أخباراً كاذبة ومزورة، بزيادة كبيرة عن العام الفائت الذي كانت فيه نسبة ثقة الأمريكيين بوسائل إعلامهم 63%.

 

وفي العام 2015 أكد استطلاع للرأي قام به معهد “غالوب” للدراسات، إنّ 33% فقط ممن شملهم الاستطلاع لديهم “قدر لا بأس به” من الثقة بوسائل الإعلام، مثل الصحف والتلفزيون والإذاعة، وقال 7% فقط إن لديهم “قدراً كبيراً” من الثقة والاطمئنان إلى تقارير وسائل الإعلام الإخبارية.

 

إلى ذلك قال استطلاع أجري في العام 2014، إنه وقبل عشر سنوات؛ كانت أغلبية الأمريكيين تثق بوسائل الإعلام، وبدأ التراجع في الثقة في العام 2004 أثناء الانتخابات التي أدّت إلى إعادة انتخاب جورج بوش لولاية رئاسية ثانية، وتشي نتائج ذلك الاستطلاع بأنّ 44 % من المستطلعة آراؤهم بأن قطاع الإعلام الأمريكي “منحاز إلى اليسار”، في حين وصفه 19 % منهم بأنه “محافظ جداً”، فيما اعتبر 34 % منهم أنه موضوعي في نقل الخبر، وهو أمرٌ بحسب خبراء يبرز حجم التردي الذي وصلت إليه وسائل الإعلام الأمريكية، ولم يبقَ إلا 34% فقط من الأمريكيين يثقون بإعلامهم المحلي.

 

وفي العام 2010 أظهر استطلاع للرأي أعدّه معهد “غالوب” أيضاً تراجع ثقة الأمريكيين في أخبار وسائل الإعلام في بلادهم حيث أبدى 78% ممن شملهم الاستطلاع عدم ثقتهم في أخبار وسائل الإعلام الأمريكية و8% أبدوا ثقة نسبية و 10% أبدوا ثقتهم التامة بينما 4% قالوا “لا أعلم”.

 

العام 2008، شهد أول التقارير التي فاجأت الساسة الأمريكيين حيث كشف استطلاع للرأي أنّ أكثر من نصف الأمريكيين يميلون إلى عدم الثقة في وسائل الإعلام، وذلك وفقاً لمؤسسة هاريس التي أجرت الاستطلاع.

 

أسباب عدم الثقة

 

ويُرجع خبراء تراجع ثقة الأمريكيين بوسائل إعلامهم إلى أنّ المؤسسات الإعلامية في أمريكا مملوكة من قِبل شركات تجارية وصناعية كبرى ولا تعمل فقط في مجال الإعلام لكنها تملك مشاريع في قطاعات أخرى الأمر الذي يُعتبر تناقضاً في المصالح – فعلى سبيل المثال وطبقاً لما أورده مقال نشرته صحيفة “سياتل تايمز” فإن شبكة CBS كانت ولا تزال ملكاً لشركة “وستنجهاوس” وشبكة NBC كانت ولا تزال أيضاً ملكاً لشركة “جنرال اليكتريك” إبان الحرب الخليجية في أوائل التسعينات.

 

أكثر من ذلك.. أرجع مراقبون تراجع تلك الثقة إلى تضاؤل الثقة الذاتية للأفراد أنفسهم بما يعيشونه من ظروف وأحداث، بالإضافة إلى الأخطاء الخطيرة التي وقعت فيها وكالات أنباء كبيرة ورئيسية في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك فضيحة “براين ويليامز” من “نايتلي نيوز” في NBC، حين قيل إن بعض الروايات عن أخباره كان “مبالغ فيه” أو “لم يتم ذكر الأخبار بشكل جيد”، وتشمل الفضائح الأخرى لوسائل الإعلام التي انتهكت ثقة الجمهور عدم دقة القصص حول أسلحة الدمار الشامل في العراق، مثل تلك التي كتبتها “جوديث ميلر” لصحيفة نيويورك تايمز في التحضير لحرب العراق، وأيضاً “جايسون بلير” من نيويورك تايمز الذي نسخ ولفّق حقائق في 36 مقالاً على الأقل، وهو الأمر الذي أدى إلى إقالته واستقالة رئيس تحرير الصحيفة ومديرها، وهي أمور بحسب المراقبين أدّت إلى جنوح مستوى ثقة الأمريكيين بوسائل الإعلام نحو الانخفاض على مدى العقد الماضي.

 

تجدر الإشارة إلى أنّه ووفقاً لمعهد جالوب، فقد بلغت ثقة الأمريكيين بوسائل الإعلام ذروتها عند 72 في المئة في عام 1976، ومنذ ذلك الوقت بدأت ثقة الأمريكيين تتذبذب بوسائل الإعلام حتى وصلت إلى المستوى الذي هي عليه الآن، ومن المتوقع برأي الخبراء أن تصل حالة عدم الثقة هذه انحدارها مع السياسيات التي ينتهجها السيد الحالي للبيت الأبيض.

قد يعجبك ايضا