اليمن والشام .. في مواجهة نجد قرن الشيطان
موقع أنصار الله || مقالات || حمود عبدالله الأهنومي
خرج الشعب اليماني للهتاف بحياة القدس وموت الصهاينة، وهو الشعب المحاصَر والمعتدَى عليه من قبلِ تحالفٍ عالمي يضم أكثر من 17 دولة، على رأسها أمريكا، خرج كما كل مرة، ليملأ ساحات الشرف، وليجدِّد أصالته العربية الإسلامية، وليسموَ على جراحه الغائرة والمثخنة، وليتعالى على طعنات أشقائه، وليس آخرهم قيادة فلسطين الرسمية، وقيادة بعض حركات المقاومة هناك.
ليس غريبا على شعب الإيمان والحكمة هذه الغيرة الإيمانية، فلم تمر مناسبة ولا حدث تطور ولا متغيِّر حول القضية الفلسطينية إلا واليمنيون سباقون إلى غاية كل مجد في ذلك، وأعظم لوحات البشرية في يوم القدس العالمي كل عام تتلألأ مع سهيل اليماني، وها هي معظم شعوب الأرض شرقا وغربا تصمت صمت الحجارة الملساء، وقد حدث ما لم يكن في الحسبان، من نقل سفارة الأمريكان إلى القدس، وارتكاب مجزرة وحشية وبشعة خلال الأمس واليوم بحق الفلسطينيين العزَّل، إلا اليمنيين فقد بحَّت أصواتهم بالهتاف للقدس والهتاف لحياتها واستمرارها عربية إسلامية، كما بحت بنادقهم في مواجهة أرذل البشر في مئات الجبهات على مدار هذا البلد الحبيب.
كان اليمنيون دائما وما زالوا في صفِّ المقدسات، ومن السباقين إلى الغيرة الأخوية، والتفاعل الإنساني، غير أنهم بعد أن تشرّبوا ثقافة القرآن الكريم، واستقوا من فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، أصبحت قضية فلسطين من أولويات أولوياتهم في التحرك والمشاريع، وهل بعد أن ترى شعبا طوال أربعة أعوام أُهْدِرت دماءُ بنيه في كل شعبٍ ووادٍ، وفي كل نجدٍ وغور، بأفتك السلاح وأكثره تطورا، وبأوهن المبرِّرات وأرذلها، ثم تراه بعد ذلك كله يخرج من بين الخراب، ويتكون من بين الأشلاء، ويتبلور من وحي الشتات، تحت أزيز الطائرات، وعلى وقع وتيرة تضحيات الشهداء، ليخرج كأول وأكبر وأعظم وأفضل شعب في العالم يقف مع القدس عربيةً إسلاميةً.
ما يجب أن يفهمه المتابِع العربي والمسلم أن أدبيات المسيرة ونشاطاتها لها أثر فاعل في هذا الحراك، وهذا التفاعل، على الرغم من كل المعيقات والكوابح، والصد، والإعراض، لكن ثقافة القرآن الكريم، وأهم أعمدة مشروع المسيرة هو تحرير فلسطين والأقصى الشريف، والتصدي بكل شرف وكرامة وإباء للفرعنة الأمريكية والصهيونية، وبجميع الوسائل الممكنة.
بعد ذلك يجب أن نبحث: أين يقف المعتدون على اليمن بشأن فلسطين؟ فأين هي أمريكا وإسرائيل؟ وأين نجد السعودية والإمارات ؟ وبالطبع فأمر خيانتهم وعمالتهم لأعداء هذه الأمة غير خاف على أحد، وبعد ذلك فلنسأل أنفسنا: لماذا تتحمّس أمريكا وإسرائيل للعدوان على اليمن بالشكل الذي بات من المعارف الضرورية لأي متابع سياسي؟
والجواب أن ما لم يعُد خفيا على أحد أن أحد أسباب العدوان على اليمن هو أن اليمن منذ أن تحركت بما تحمله من مشروع تحرري عربي إسلامي، ينطلق من التعاليم القرآنية، والغيرة المحمدية، والجهاد في سبيل الله ضد المعتدين، وفي سبيل المستضعفين، باتت مرمى أهداف الشيطان الأكبر أمريكا والصهيونية العالمية، ولهذا كان الأمريكان هم العقل المدبر والمشارك الأبرز في هذا العدوان بحسب تصريحاتهم القديمة والحديثة، أما الصهاينة فهم شرايين وأوردة ذلك العدوان.
إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين دعا لأهل اليمن ولأهل الشام بالبركة، في حديثه المشهور، بقوله: (اللهم بارك لنا في يمننا، اللهم بارك لنا في شامنا)، ولما سأله أحدُهم أن يدعوَ لأهل نجد قال: (لا .. منها يطلع قرن الشيطان وبها الفساد والزلازل والفتن)، حين دعا بذلك إنما كان يتحدث عن واقعنا اليوم، فهو لم يدع صلى الله عليه وعلى آله وسلم للحجاز، ولا لمصر، ولا للمغرب، ولا حتى للعراق أو إيران، وإنما دعا لأهل اليمن وأهل الشام؛ حيث أخبره عالم السر وأخفى أن خطرا شيطانيا مصحوبا بزلازل الاضطرابات، وفساد الطويات والسياسات، وفتن الأهواء والعمالات، يكون منبعه من نجد الشيطانية، ولن يكون في مواجهتها إلا قطرا البركة، وبلدا الخير، الشام واليمن.
اليوم لم أجد بلدا يفضح الهوية الشيطانية النجدية التي تعكس توجهات وإملاءات إبليس الرجيم، والشيطان الأكبر (أمريكا)، مثل اليمن والشام؛ ذلك أن (نجدا) وهي تسير في ركاب أمريكا والصهيونية هي التي استهدفت الشامَ بالحرب على سوريا، والخذلانِ لفلسطين ومسجدها الأقصى، وصناعة الفتن والفساد في لبنان، والأردن، من جانب، وبالحرب والعدوان المباشر على اليمن من جانب آخر.
غير أن ما يجب أن يكون معروفا للجميع هو أن الشام شام (نصر الله)، وشام (الأقصى) إذ يفضح هذا الكيد الشيطاني النجدي بالشكل الذي رأيناه، ونراه بشكل يومي، فإن يمن (الشهيد القائد)، ويمن (السيد عبدالملك الحوثي) والمجاهدين الأبطال من أبناء هذا الشعب العربي الإسلامي الأصيل، كفيلٌ بالقضاء على هذا الكيد الشيطاني النجدي وإلى الأبد بإذن الله تعالى.
وليطمئن الجميع أن البركة التي تنثال على اليمن من كل جانب رغم الحصار والعدوان، ما هي إلا أثر من آثار تلك الدعوات المباركات، وفي ذلك دليل على أن الله يهيئ هذا الشعب لدور عظيم، ومجد كريم، وما أروع البركة اليمانية، حين تعانق البركة الشامية حيث (الأرض التي باركنا فيها) و (المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)، كما يخبرنا القرآن الكريم.
أهل اليمن وأهل الشام يخسرون التضحيات الكبيرة، من خلال الشهداء، والجرحى، وغيرهم، ولكن البركة الإلهية المحمدية كفيلة بجعل خساراتنا خيرا وانتصارا وهزيمة للقوم المعتدين، وما خسرناه نحن فإنه قد ربحه الجرحى والشهداء عند ربهم (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)