استخدام أمريكا للقنابل الفوسفورية في ديرالزور السورية ..غرب آسيا.. حقل تجارب أمريكا للأسلحة المحرمة

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

 

يعتبر حظر استخدام الأسلحة العسكرية المحرمة من القواعد الدولية التي غالباً ما تنتهكها القوات العسكرية لبعض البلدان في مختلف الأزمات، وعلى مدى العقود القليلة الماضية، كان هذا الموضوع دائماً ما يثير الجدل من قبل معظم المراقبين والسياسيين، وقد اتهمت القوى الدولية بعضها الأخرى بانتهاك قوانين الأسلحة العسكرية المحرّمة في مختلف المجالات.

 

وفي هذا السياق، طرح عدد من المشرعين البارزين في البرلمان الروسي موضوع الانتهاك الأمريكي في استخدام الأسلحة المحرمة في سوريا ويرومون إلى إحالتها إلى المنظمات الدولية، ووفقاً للتقارير، فقد دعا المشرعون الروس إلى إجراء تحقيقات عاجلة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة فيما يخص استخدام التحالف الغربي لقنابل الفوسفور الأبيض في سوريا، وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشيف، إن موسكو تريد من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بدء التحقيق في موضوع استخدام التحالف الغربي لقنابل الفوسفور الأبيض، وبحسب ادعاء هذا السيناتور، “إذا تم تأكيد استخدام التحالف الغربي لقنابل الفوسفور الأبيض في سوريا، فيجب أن يخضع هذا الموضوع إلى تحقيق جدي من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس الأمن الدولي”.

 

هذا وقالت مصادر محلية سوريّة إن المقاتلات الأمريكية أمطرت عدة مناطق حول مدينة “هجين” بقنابل الفوسفور ونشر ناشطو الشبكات الاجتماعية صوراً لاستخدام القوات الأمريكية للقنابل الفوتنقسسفورية، ومع انتهاك القوانين الدولية لاستخدام أمريكا الأسلحة المحرمة في الأزمة السورية، لا بدّ من إجراء تحقيق في القواعد والاتفاقيات المتعلقة بحظر استخدام الأسلحة المحرمة وتقديم المزيد من الأدلة التاريخية على الاستغلال الأمريكي لهذه الأسلحة.

 

قواعد واتفاقيات حظر استخدام الأسلحة المحرمة وتجاهل أمريكا لها

 

يعود تاريخ تشريع أول قانون بشأن استخدام الأسلحة إلى بدايات القرن العشرين، وتحديداً خلال مؤتمر في لاهاي، الذي عقد في الفترة من يونيو إلى أكتوبر 1907، وحددت فيه قوانين الحرب للقرن العشرين، وحضر المؤتمر وفود من 44 دولة مختلفة، وتم عقد 13 اتفاقية حول قوانين الحرب والتسوية السلمية للنزاعات الدولية، وحقوق وواجبات الدول المحايدة في الحرب، وبعض هذه الاتفاقيات لا تزال جارية.

 

ووفقاً للقواعد والاتفاقيات الدولية، تنقسم الأسلحة المحظورة إلى فئتين رئيسيتين تقليدية وغير تقليدية، وطبقاً للاتفاقية والقوانين المعينة للأسلحة غير التقليدية المتفق عليها في جنيف ولاهاي، يشار إلى الأسلحة غير التقليدية بأنها أسلحة دمار شامل لها آثار مدمرة على البيئة وتؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة ولا يمكن السيطرة على أضرارها، وأهم هذه الأسلحة هي الأسلحة السامة والكيميائية والأسلحة البيولوجية والأسلحة الذرية والمشعة والنيوترونية، وحتى الآن، كان استخدام السلاح الكيميائي من أكثر استخدامات الأسلحة غير التقليدية، لكن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية والذرية لقصف هيروشيما وناكازاكي في عام 1945.

 

وفي الجانب الآخر، تعتبر الأسلحة التقليدية المحرّمة هي الأكثر أهمية في مجال حظر استخدام الأسلحة لأن استخدامها متاح. وتنقسم الأسلحة التقليدية إلى فئتين: مرخصة ومحظورة، ووفقاً لاتفاقية جنيف في عام 1980، تم إدراج بعض الأسلحة التقليدية في فئة الأسلحة المحظورة، وقد حظرت الاتفاقية الأسلحة التي تسبب العديد من الإصابات أو المعاناة “غير الضرورية”، فعلى سبيل المثال، حظرت اتفاقيات جنيف استخدام أسلحة الفوسفور الأبيض، ومنذ يوليو 2017، وقّعت 108 دول على هذه المعاهدة.

 

وعلى الرغم من كل هذا، فإن ما نراه على الساحة الميدانية يشير إلى أن هذه القواعد والاتفاقيات يتم تجاهلها من قبل السياسيين الأمريكيين وصانعي القرار، وخلال مختلف الأزمات منذ الحرب العالمية الثانية، استخدم الجيش الأمريكي أسلحة محظورة مختلفة بأشكال مختلفة، وارتكب جرائم إنسانية كبيرة، وفي تكملة التقرير سنشير إلى تاريخ أمريكا في استخدام الأسلحة المحرمة وانتهاك القوانين الدولية.

 

تاريخ استخدام أمريكا للأسلحة المحرمة

 

إن استخدام أمريكا للقنابل الفوسفورية في سوريا باعتبارها من الأسلحة التقليدية المحظورة، يتوافق تماماً مع الإجراءات الأمريكية على مدى العقود الماضية، والدليل على ذلك، استخدام أمريكا لهذا السلاح خلال حرب فيتنام حيث استخدم الأمريكيون جميع أنواع الأسلحة المحظورة، بما في ذلك قنابل النابالم، والعنقودية، وغيرها لحرق القرى والغابات ومواقع اختباء العدو في غضون ما يقرب من 20 عاماً من الحرب (1955-1975).

 

ومنذ بداية الألفية الجديدة، دخل الأمريكيون في حربين رئيسيتين في منطقة غرب آسيا، أولاً في عام 2001 عندما غزوا أفغانستان تحت ذريعة محاربة الإرهاب، ثم احتلوا العراق بهجوم عسكري في عام 2003، وفي سياق كل هذه الحروب وفي السنوات التي تلتها، خاصة في أفغانستان، استخدم الأمريكيون مجموعة متنوعة من الأسلحة المحظورة، بما في ذلك القنابل المحظورة، أسلحة الليزر، القنابل الصوتية، وقنابل اليورانيوم، وخاصة اختبار “القنبلة الأم” الذي قام به الأمريكيون في أفغانستان في (أكتوبر 2017) والذي يعدّ انتهاكاً صارخاً للقواعد الدولية في مجال استخدام الأسلحة غير التقليدية من قبل الأمريكيين، وخلال الأزمة السورية أيضاً، اعترفت القوات الأمريكية مراراً باستخدام الأسلحة المحظورة بحجة دعم حلفائها، على سبيل المثال، في عام 2017 في تفجير الضواحي الغربية لمدينة الرقة في شمال سوريا بالقرب من “حي المشلب” مع “الصناعة”، وكذلك في حي “السباهي”، الذي أودى بحياة 17 شخصاً، اعترفت قوات التحالف التي تقودها أمريكا باستخدامها قنابل الفوسفور.

 

وباختصار، يشير نوع وطريقة استخدام الجيش الأمريكي للأسلحة التقليدية وغير التقليدية في منطقة غرب آسيا على مدى العقدين الماضيين إلى أن سلطاته العسكرية والسياسية قد حوّلت المنطقة إلى مختبر لاختبار أسلحتها، وأصبح إزهاق أرواح وممتلكات المواطنين والمدنيين العاديين أمراً يومياً حتى أن وسائل الإعلام لا توليه الكثير من الاهتمام، في الواقع، مواطنو الشرق الأوسط هم ضحايا السلاح العسكري الأمريكي الذي لا يتردد في سحقهم لتحقيق الربح ويحقق مبيعات أكثر لسلاحه.

قد يعجبك ايضا