الزكام ضيف الشتاء الثقيل

 

ما أن نودع فصل الصيف ونستقبل فصل الشتاء، حتى تبدأ الأمراض بالانتشار نتيجة تغير الأحوال الجوية، ولعل الجميع يعلم أنواع الأمراض المصاحبة لهذه الفترة، وإن كان (الزكام) هو أبرزها وأكثرها انتشارا خاصة بين الأطفال .. لذلك نحاول تسليط الضوء عليه من أجل التعرف على أسبابه، وعوامل انتشاره وطرق العدوى وسبل الوقاية منه.

*ما الزكام؟ *
الزكام coryza أو النشلة او ما تعرف بالرشح، أو البرد العام common cold هو التهاب المجاري التنفسية العلوية، وهو اهم مرض يصيب الأطفال على الإطلاق ، حيث يتعرض الطفل الى 3-8 إصابات سنويا، وهو أهم سبب طبي لغياب الأطفال عن مدارسهم، حيث يسبب آلاف الغيابات والانقطاعات سنويا.

* العوامل التي تساعد على انتشار المرض :
-1الازدحام : فكل ازدحام في المدارس والبيوت والمستشفيات ورياض الأطفال وحتى عيادات الأطباء( وخاصة إذا طالت مدة الانتظار، وكانت العيادات ضيقة وغير نظيفة وغير مهواة)يزيد من نسبة انتقال المرض من طفل مريض او من أحد مرافقيه الى طفل آخر أو أكثر.
-2 سوء التغذية: وما يرافقه من نقص المناعة يعرض أجسام الأطفال للزكام وغيرها من الأمراض.
-3 تلوث جو غرفة الطفل بدخان السجائر وغيره من الملوثات يزيد قابلية الطفل للإصابة.
-4 عوامل نفسية ومعنوية مثل الصدمات النفسية للأطفال يمكن أن تزيد من قابليتهم لهذا المرض.

*أسباب الزكام*
الزكام مرض فيروسي أصلا، وهناك أكثر من مائتي فيروس يمكن أن تسبب المرض، ولكل فيروس عشرات الزمر الفيروسية المنبثقة منه، ومن هنا كانت الصعوبة في إيجاد لقاحات لكل هذا الكم الهائل من الفيروسات وبالطبع،فإن الزكام مرض معد، بل وشديد العدوى، وخصوصا باللمس المباشر.

*طرق العدوى وانتقال المرض :
-1 التنفس: حيث ينتقل الفيروس عبر هواء الزفير من شخص مريض الى آخر سليم ( من هنا قلنا بان الجلوس في اماكن مزدحمة ، وخصوصا إذا وجد أشخاص مدخنون، يعد من اهم طرق انتقال المرض).
-2 العطاس والسعال: حيث ينتقل الفيروس مع الرذاذ المتطاير الى الأطفال القريبين.
-3 اللمس المباشر والتقبيل: ولذلك يجب منع استخدام حاجات الشخص المريض ومنع مصافحته وتقبيله.

*أعراض وعلامات الزكام :
فترة حضانة المرض تمتد من 2-5 ايام وقد تصل الى اسبوع ، والاعراض تختلف حسب عمر الطفل:
– ففي الأطفال الكبار مثلا: يكون تخرش الانف مع حكة البلعوم من أبكر الأعراض، وغالبا ما يتشكل إحساس لدى الطفل بأنه على وشك أن يصاب بالمرض ، بعد ساعات يبدأ الانف بإفراز ضائعات discharge رقيقة،ثم يبدأ العطاس.
ولو فحصنا الطفل في هذه المرحلة لوجدنا عنده حرارة خفيفة الى متوسطة، مع تقرح الحلق، وتهيج في ملتحمتي العينين.. هذا في اليوم الاول ، اما في اليومين الثاني والثالث ، فتتحول افرازات الانف الى ثخينة وقيحية، ويتطور لديه صداع وإعياء وتعب عام ، ويفقد الطفل شهيته للطعام، ويحب الخلود الى الراحة، ولا غرابة من ان يشكو الطفل من سعال جاف ليلي سببه ارتداد افرازات الانف الى القصبات اثناء النوم، ثم لا تلبث الاعراض ان تتراجع الى ان تختفي في غضون 5-7 ايام.

– اما في الاطفال الصغار والرضع: فاهم عرض هو الحرارة التي قد تكون شديدة الى حد الاختلاج او ( الشمرة، التشنج) وغالبا ما يكون الطفل متهيجا وغير مرتاح وقليل النوم والرضاعة، والتفسير واضح جدا ، فالطفل عندما يغلق انفه بالرشح يرفض الغذاء ويبحث عن الهواء.
ومن الاعراض المهمة في الاطفال الصغار التقيء الذي يلي السعال احيانا ، حيث يتخلص الطفل من الافرازات التي كان قد ابتلعها.

*هل هناك مضاعفات للزكام؟
اغلب حالات الزكام تنتهي من دون مخاطر عند الاطفال الاصحاء الذين يرعاهم اباء واعون ،اما الاطفال قليلو التغذية والمناعة والعناية الصحية فلا غرابة من ان تتطور حالاتهم الى إحدى المضاعفات المعروفة، مثل: التهاب الاذن الوسطى، وذات الرئة والقصبات، وربما الربو القصبي وبدرجة اقل التهاب الجيوب الانفية.

* دور الوالـدين :
من المؤكد ان الاهل يطالبون الطبيب باجراء سريع لوقف معاناتهم قبل معاناة اطفالهم المرضى، وغالبا ما يفصحون عن رغبتهم في وصف الادوية، هذا اذا لم يكونوا قد وصفوها بانفسهم وجلبوها معهم الى الطبيب من الصيدلية المجاورة لمنزلهم، او من بقايا الادوية الموجودة في ثلاجتهم ، فلقد احصى الاطباء اكثر من ثمانمائة مادة دوائية كانت قد استخدمت في ارجاء المعمورة لعلاج هذه الحالة البسيطة!
لكن هل هذا تصرف صحيح وسليم من قبل الاهل، واذا كان الجواب لا، وهو كذلك بالطبع، فما دور الوالدين بالتحديد؟
ان دور الوالدين الاساسي هو منع حصول المرض اصلا ” فدرهم وقاية خير من قنطار علاج” وذلك بالاعتناء بصحة الطفل وتغذيته، وعدم التواجد في الاماكن المغلقة والمزدحمة وغير النظيفة وغير الصحية حتى لو كانت عيادة طبيب مشهور، وان لا يدخنوا او يسمحوا للمدخنين بدخول غرفته وان لا يسمحوا للاهل والاصدقاء المرضى بتقبيله وان لا يسارعوا بإعطاء الادوية الا باستشارة الطبيب.

* العـــلاج :
الدواء المجدي في هذه الحالة هو ما يخفض الحرارة ويسكن الالم،ونؤكد هنا على تجنب استخدام اسبرين الاطفال في مثل هذه الحالة، لانه قد يسبب اذية دماغية اذا تزامن مع فيروس الانفلونزا!
ونشجع على اعطاء مغلي البابونج او الشاي الخفيف المطعم بالليمون والمحلى بالعسل الطبيعي، فهو سائل محقق الفائدة، مستساغ الطعم، ويكاد يخلو من أية آثار ضارة.
كما ننصح بإعطائه السوائل الخفيفة الدافئة،كالشوربات وغيرها ، فهي مغذية ولطيفة.
أما ما عدا هذا القدر، مثل إعطاء المضادات الحيوية ومضادات الحساسية ، ومزيلات الاحتقان ومضادات السعال والمقويات والفيتامينات، فهذه أمور يقدرها الطبيب المطلع على الحالة.

*الزكام وعلاقته بالتهاب الاذن الوسـطى :
يعتبر التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال من أكثر الأمراض انتشارا بعد الزكام( الرشح) وبالذات في مرحلة ما قبل المدرسة، ويجب علاج الالتهاب سريعا لكي لا تتطور الحالة وتتأثر مقدرة الطفل على السمع.
وهو عبارة عن إخماج بكتيري او فيروسي يسبب التهابا في الأذن الوسطى ويحدث عادة بعد التهاب الحلق، الزكام، او اضطرابات الجهاز التنفسي الأخرى.
تقع الأذن الوسطى بعد طبلة الاذن مباشرة، وتتصل الاذن الوسطى بالجزء العلوي ( البلعوم الانفي) عن طريق قناة ضيقة تدعى قناة استاكيوس ، وهذه القناة تسمح بتصريف السوائل من الأذن الوسطى الى الجزء العلوي للحلق ( البلعوم الانفي) وتساعد على توازن ضغط الهواء بداخل الاذن.
فراغ الاذن الوسطى عادة يكون مملوءا بالهواء ولكن من الممكن ان تتراكم السوائل في الاذن الوسطى بسبب التهابات المجاري التنفسية العلوية مثل الزكام او الانفلونزا او حتى بسبب الحساسية.

* الوقــاية :
يجب علاج نزلات البرد خصوصا اذا صاحبت حميات الاطفال ، وكذلك علاج التهاب الانف والجهاز التنفسي .

قد يعجبك ايضا