مسؤولة بـ “مجموعة الأزمات”: على واشنطن والرياض التقاطُ “عروض” صنعاء لتفادي عواقب استمرار الحرب
موقع أنصار الله – متابعات– 23 صفر 1441هـ
نشرت مجلةُ “فورين بوليسي ” المقرَّبة من المخابرات الأمريكية، مقالاً لمسؤولة في مجموعة الأزمات الدولية، أكّـدت فيه أن على الولايات المتحدة الاستجابةَ لمبادرات السلام التي تقدمها سلطات صنعاء، وأبرزها مبادرة الرئيس مهدي المشّاط لوقف الهجمات الصاروخية والجوية؛ لأَنَّ ذلك من شأنه أن يساعد واشنطن على الخروج من مستنقع الحرب الدموية على اليمن، كما أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى تطورات أكبر لا تريدها أمريكا على المستوى الإقليمي، وأكّـدت أَيْـضاً أن على السعوديين التجاوب مع تلك المبادرات؛ لتجنب المزيد من الضربات على منشآتهم الاقتصادية خَاصَّة بعد ضربة “بقيق” و”خريص” التي كشفت “فجوة كبيرة في المظلة الأمنية الأمريكية”، في إشارة إلى عجز الدفاعات الأمريكية عن التصدي للهجمات.
وفي المقال الذي حمل عنوان “كيف تنهي الحرب في اليمن؟”، والذي نشرته المجلة التي تعبّر عادةً عن تقديرات المخابرات الأمريكية للأوضاع في مختلف أنحاء العالم، قالت “أبريل لونغلي ألي” نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: إن “على الولايات المتحدة أن تستغل، وبسرعة، العرض الذي قدمه (أنصار الله) في 20 سبتمبر الماضي لإيقاف التصعيد”، مشيرة إلى أن ذلك العرض فرصة جيدة للولايات المتحدة، خَاصَّة “مع كُـلّ مشاكل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الداخل والخارج”.
وأضافت “ألي” أنه إذَا استجابت الولايات المتحدة للمبادرة التي قدمها رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشّاط، فإن ذلك يمكن أن يساعد في إخراج الولايات المتحدة من تورطها في مستنقع الحرب الدموية التي سبّبت أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
وتابعت “يجب استغلال هذه الفرصة، خَاصَّةً من قبل الولايات المتحدة، التي كانت متواطِئة في حرب الرياض ويمكن أن تشجع الآن حلفاءها السعوديين على التوصل إلى تفاهم مع الحوثيين الذي يتضمن انخفاضا كبيرا في الهجمات عبر الحدود, وَإذَا نجح ذلك، يمكن أن يكون هذا بمثابة الأَسَاس لاتّفاقية وقف إطلاق النار التي توسطت فيها الأمم المتحدة بين الخصوم اليمنيين”.
ونبهت “لونغلي ألي” إلى أن “العرض” الرئاسي الذي قدمته صنعاء “لن يكون على طاولة المفاوضات إلى أجل غير مسمى”، مشيرة إلى أن استجابة السعودية للمبادرة تسير بشكل بطيء، فبالرغم من أن صنعاء طالبت بوقف الضربات الجوية ورفع الحصار، إلا أن السعوديين “لم يعلقوا الضربات الجوية”، كما أن أزمة الوقود في اليمن لا زالت مستمرة؛ بسَببِ استمرار احتجاز السفن.
وأشارت أَيْـضاً إلى المبادرة الأحادية الأُخرى التي قدمتها صنعاء بخصوص الأسرى، والتي تم على ضوئها إطلاق أكثر من 300 أسير بينهم ثلاثة سعوديون.
وأضافت أن على المملكة السعودية أن تستغل هذه المبادرات لوقف الحرب؛ لأَنَّ ذلك “سوف يقلل من التهديدات للمملكة العربية السعودية وبنيتها التحتية النفطية, وسوف يفتح الباب أمام انحسار نطاق التصعيد داخل اليمن وربما في جميع أنحاء المنطقة”.
ولفتت إلى أن إنهاء الحرب على اليمن بات يمثل “أهميّة” كبيرة للسعوديين “بعد الهجمات على منشآت النفط السعودية التي أعادت البلد إلى مخاطر الحرب الساخنة”، مضيفة أن تلك هجمات الرابع عشر من سبتمبر “أحدثت فجوة كبيرة في المظلة الأمنية الأمريكية” في إشارة إلى فضيحة عجز الدفاعات الأمريكية التي تستخدمها السعودية عن التصدي للهجمات.
وأوضحت المسؤولة في مجموعة الأزمات أن استمرار الحرب بات “يكشف نقاط الضعف العسكرية للمملكة العربية السعودية” وأنه “لا توجد خيارات عسكرية سهلة”، أمام الرياض لقلب كفة المعركة لصالحها، كما أن الحرب على اليمن باتت تعتبر “مكلفة وخطيرة على السعوديين”.
وبالإضافة إلى كُـلّ ذلك، لفتت “لونغلي ألي” إلى أن استمرار الحرب على اليمن قد يؤدي إلى “إشعال حريق إقليمي” سيكون له آثار سلبية على السعودية والولايات المتحدة، مُشيراً إلى أن “عروض انحسار التصعيد هشة ويمكن عكسها بسهولة” في حال عدم الاستجابة للمبادرات، حيث “ليس من الصعب أن نتخيل، على سبيل المثال, أن يتم شن هجوم على الأراضي السعودية، مما يسفر عنه خسائر أمريكية”.
وفي إشارة إلى أن الموقف الأمريكي السعودي لا زال بعيداً عن الاستجابة لمبادرات صنعاء، نقلت “ألي” عن “بعض صانعي السياسة السعوديين والأمريكيين” قولهم: إن “النهج الأفضل هو مواصلة الحرب والخنق الاقتصادي، الأمر الذي من شأنه أن يضعف الحوثيين في الداخل ويحد من التهديد الذي يمثلونه للمملكة”.
واستدركت أن “التجربة تقول غير ذلك”، مُشيراً إلى أن قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية انتصرت في الحرب في عدد من المحاور الاستراتيجية، واكتسبت تكنولوجيا عسكرية جديدة تهدد دول الخليج، وبالتالي فإن الاستمرار في مواصلة الحرب والحصار “لن يؤدي إلى نتائجَ مختلفة”.
واختتمت “لونغلي ألي” مقالها قائلة إن “هناك بداية عملية لإيقاف التصعيد في اليمن, مقارنة بالبدائل، لكنه قد لا يكون متاحاً لفترة طويلة، يجب على إدارة ترامب أن تأخذه وتستغله وتشجع حلفاءها على فعل الشيء نفسه”.
ويأتي هذا في إطار الكثير من الدلالات على أن صنعاء باتت تفرض معادلات الحرب والسلام؛ بسَببِ التحولات الاستراتيجية التي استطاعت صنعها في الميدان، حيث أوصلت العالم إلى مرحلة يدرك فيها أن استفادته من استمرار الحرب بات لها كلفة كبيرة تهدد مصالحه وسياساته.