الجهاد الإسلامي والإرهاب الأمريكي.. حرب مصطلحات
موقع أنصار الله || مقالات || علي القحوم
يتحرك الأمريكيون ليحشروا المسلمين إلى زاوية ضيقة مظلمة لا نرى فيها النور، ولا نتحدث عن النور، ولا نصل بالنور إلى قيد أنملة في هذا العالم، وهم من يتحركون ويتحدثون عن الإرهاب.
ومن واجبنا كمسلمين أن نتحدث عن كلمة الجهاد ؛لأن كلمة الجهاد هي الآن محارَبة بعينها، يُوضع ويرسخ بدلاً منها كلمة إرهاب، فإذا كان الله أراد من الجهاد أن تكون كلمة شرَّف بها ذلك الصراع الذي كان العرب يتعودون عليه، ألم يكن العرب متعودين فيما بينهم على القتال والتناحر؟. سمَا بالعرب لأن الإسلام جاء شرفاً للعرب {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} حتى الصراع الذي كان يدور بينهم عمل على أن يتحول إلى صراع مقدس فأضاف إليه اسماً مقدساً فسماه جهاداً، إذاً فبدلاً من أن تتقاتلوا فيما بينكم وتتناحرون فيما بينكم تعالوا إلى حيث يكون صراعكم ويكون قتالكم سمواً وشرفاً ورفعة، ونشراً للحق، ونشراً للنور إلى كل أقطار الدنيا فسماه جهاداً في سبيله سماه جهاداً وجعله سنام دينه، وجعله مفتاح جنته، وجعله ركناً من أركان دينه، بل جعله علماً لقمة الذوبان في محبته سبحانه وتعالى .
حيث أن هذا المصطلح القرآني الهام، وهذا المبدأ الذي ترتبط به عزة الأمة وكرامتها، وترتبط به حيوية القرآن والإسلام، ويرتبط به وجود الأمة كلها وهويتها هاهو يتعرض لأن يُبدّل، كما بُدّلنا نحن في واقعنا، قعدنا وهم من يتحركون في البحار، وهم يحولون الجهاد إلى كلمة تصبح سُبَّة نحن نرددها، ويجعلونها كلمة أمريكية تضفي الشرعية على أي ضربة أمريكية لأي جهة تُبدل كلمة جهاد بكلمة إرهاب فمن هو مجاهد فهو إرهابي، ومعنى أنه إرهابي أنه من قد وقع من جانبه ما يعطي أمريكا شرعية أن تضربه، ما يعطي عميلاً من عملاء أمريكا شرعية أن يضربه، ونحن من نبارك تلك الضربة، سنقول هو إرهابي فليضرب، من الذي قال له أن يتحدث عن الجهاد؟ هو إرهابي فليضرب .
أليست الأمور تتغير وتنعكس؟ فالمصطلحات تتغير، ونحن نتغير فعلينا أن نقعد وهم الذين يتحركون في البر والبحر، وجهادنا عليه أن يُمسخ وتوضع بدلاً عنه كلمة إرهاب، وأنه عملية تعطي الشرعية لأولئك أن يضربوا المسلمين بدلاً من يكون هو مبدأ يعطي الشرعية للمسلمين أن يضربوا أولئك المجرمين الذين هم إرهابيون حقيقيون ألم يقل الله سبحانه وتعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} لمن هو هذا الخطاب؟ أليس للعرب والمسلمين؟ {قاتلوا} ما هو القتال في سبيل الله؟ أليس هو الجهاد؟، هاهو يقول للمسلمين إن الجهاد هو هكذا {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} حيث أن الجهاد شرعية لنا نتحرك على أساسه في ضرب أولئك المفسدين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.
إن كلمة الجهاد تتحول الآن إلى كلمة إرهاب فالمجاهد هو إرهابي، وكلمة جهاد هي كلمة إرهاب.
إذاً فإذا ما سمحنا نحن المسلمين للأمور أن تتغير من حولنا، فإنه المكر في كل شيء، وفي واقع حياتنا، المكر حتى لمفردات لغتنا العربية، كلمة جهاد هي كلمة عربية، وحتى كلمة إرهاب هي كلمة عربية، أولسنا نسمع زعماء العرب هم من يطالبون الرئيس الأمريكي ـ وهو إنجليزي في لغته ـ يطالبونه بأن يفتح قاموس لغته ليفسر للعرب مفردة عربية هي كلمة إرهاب .
فكلمة (إرهاب) هي كلمة داخل كتاب عربي، عندما يقول الله سبحانه وتعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} أصبحنا في واقعنا لا نعرف معاني مفرداتنا العربية، يطالب زعماء العرب الرئيس الأمريكي وهو ليس عربياً أن تفسر سماحته وفضيلته مفردة عربية هي كلمة (إرهاب)، قولوا لنا ماذا تريدون بكلمة (إرهاب)؟ ، أليس هذا هو السؤال الذي يتردد؟.
لماذا لا نرجع نحن إلى القرآن وإلى لغتنا لنعرف ما هي كلمة إرهاب؟ وما علاقتنا بها؟ وأمام من يجب أن يكون الناس إرهابيين؟ وما هو الإرهاب المشروع؟ وما هو الإرهاب الذي ليس بمشروع؟ حتى نحن كلنا مثقفينا وزعماءنا لم نجرؤ على أن نقاوم ذلك الانحراف في معنى هذه الكلمة أن نقاومه وأن نرسخ معناه القرآني {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} كلمة إرهاب في القرآن الكريم تعني أن على المسلمين أن يعدوا القوة بكل ما يستطيعون، بل وأن يلحظوا حتى الشكليات وأن يلحظوا حتى المرابط التي هي في الأخير ستزرع الهزيمة في نفس العدو {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} إن عليكم أيها المسلمون أن تعدواـ هكذا يقول القرآن الكريم ـ وعليكم أيها المؤمنون أن تعملوا بكل ما تستطيعون على أن ترهبوا أعداء الله، هذا هو الإرهاب المشروع، لكننا بدلاً من أن نتحدث عن الإرهاب المشروع نحن من نسمع في وسائل الإعلام الزعماء العرب يتحدثون عن آفة الإرهاب بالمعنى الأمريكي ، وليس بمعناها القرآني. أليس هذا من الغباء؟. أليس هذا من مظاهر تغير الأمور وقلب الحقائق؟.
فعندما نتحدث دائماً عن الجهاد، حتى أولئك الذي ليس لديهم أي روح جهادية عليهم أن يتحدثوا عن كلمة (جهاد) لأن كلمة جهاد في نفسها، كلمة جهاد في معناها هي تتعرض لحرب، أصبحنا نحن نُحارب كأشخاص، وتُحارب أرضنا كأرض، وتُحارب أفكارنا كأفكار، بل أصبحت الحرب تصل إلى مفرداتنا، أصبحت ألفاظنا هي التي تُحارب، كل شيء من قِبَل أعدائنا يتوجه إلى حربنا في كل شيء في ساحتنا، إلينا شخصياً، وإلى اقتصادنا، وثقافتنا، ومن ثم أخلاقنا، وقِيَمِنا، ولغتنا، وبعد ذلك مصطلحاتنا القرآنية، ومن ثم مصطلحاتنا العربية.
فكيف ننظر إلى الأمور تتغير وتنعكس الحقائق إلى هذا الحد، فتغيب كلمة جهاد القرآنية، وتغيب كلمة إرهاب بمعناها القرآني ليحل محلها كلمة إرهاب الأمريكية.
حيث أن كلمة إرهاب تعني كل من يتحرك بل كل من يصيح تحت وطأة أقدام اليهود سيسمى (إرهابي)، أن كل من يصيح غضباً لله ولدينه، غضباً لكتابه، غضباً للمستضعفين من عباده الكل سيسمون إرهابيين، ومتى ما قيل عنك أنك إرهابي فإن هناك من يتحرك ليعمل ضدك على أساس هذه الشرعية الأمريكية التي قد وُضِعَت من جديد.
نحن نعرف جميعاً إجمالاً أن كل المسلمين مستهدفون، وأن الإسلام والمسلمين هم من تدور على رؤوسهم رحى هذه المؤامرات الرهيبة التي تأتي بقيادة أمريكا وإسرائيل ، ولكن كأننا لا ندري من هم المسلمون.
إن التشبث بالقرآن ومفاهيمه ومصطلحاته بحيث لا يترك للأعداء أن يرسخوا مصطلح إرهاب بمعناها الأمريكي أن تترسخ في عالمنا العربي والإسلامي، أن تسيطر على أذهان الناس في البلدان الإسلامية و أن تسبق إلى أذهان الناس، علينا أن نحارب ترسيخ هذه الكلمة، لأن وراء ترسخها ماذا؟. وراء ترسخها تضحية بالدين وتضحية بالكرامة وبالعزة وبكل شيء، حينئذٍ سيُضرب أي عالم من علمائنا سيقاد علماؤنا بأقدامهم إلى أعماق السجون، ثم يعذبون على أيدي خبراء يهود، الذين يمتلكون أفتك وسائل التعذيب على أساس ماذا؟ أنه إرهابي فيكون الناس جميعاً هم من أصبحوا يسلِّمون أن كلمة إرهابي هي كلمة مَن أُطلقت عليه ـ بحق أو بغير حق ـ هو من يصبح أهلاً لأن يُنَفَّذ بحقه العقاب، ومن هو المنفذ المسلمون أم الأمريكيون؟ الأمريكيون أو عملاؤهم ينفذون ما يريدون عمله فيعذبون علماءنا.
وكل من يتحرك ليعيد الناس إلى العمل بكتاب الله هو أيضاً عندهم إرهابي، وكل من يدرس الناس في مدرسة علوم القرآن هو أيضاً عندهم إرهابي، وأي كتاب يتحدث عن أن الأمة هذه عليها أن تعود إلى واجبها وأن تستشعر مسؤوليتها هو أيضاً عندهم إرهابي.
عندما جاء المبعوث الأمريكي إلى اليمن دار الحديث بينه وبين الرئيس حول (ضرورة التعاون على مكافحة الإرهاب، وجذور الإرهاب، ومنابع الإرهاب). هل تركوا مصطلحاً آخر لم يصلوا إليه؟ منابع الإرهاب، وجذور الإرهاب هو القرآن الكريم بالمعنى الأمريكي لكلمة إرهاب هو إرهابي.
هل يسمح بكلمة (جذور إرهاب، ومنابع الإرهاب) أن يكون معناها القرآن الكريم وعلماء الإسلام ومن يتحركون على أساس القرآن؟ بل الحقيقة أن منابع الإرهاب وجذور الإرهاب هي أمريكا، إن منابع الإرهاب وجذور الإرهاب الإجرامي هم أولئك الذين قال الله عنهم {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً )هم أولئك الذين لفسادهم لاعتدائهم لعصيانهم لبغيهم جعل منهم القردة والخنازير، أليسوا هم منابع الإرهاب وجذور الإرهاب؟ أليسوا هم من يصنعون الإرهاب في هذا العالم؟.
هنا سؤال يطرح نفسه: من هو الإرهابي؟ لعل الجواب في نظرك يكون أنا وأنت الذي لا يملك صاروخاً ولا يمتلك قذيفة ولا يمتلك مصنعاً للأسلحة ولا يمتلك شيئاً ولكن الجواب القرآني هو أن أولئك الذي يصنعون أفتك الأسلحة والذين يستطيعون أن يثيروا الحروب والمشاكل في كل بقعة من بقاع العالم وكما أنهم يستطيعون أن يفرضوا على أي شعب من الشعوب المسلمة المسكينة أي عميل من عملائهم ليدوسها بقدمه ولينفذ فيها ما تريد أمريكا تنفيذه إنهم هم الإرهابيون، إنهم منابع الإرهاب وهم جذور الإرهاب.
حيث أن منابع الإرهاب هي من عندهم ومن صناعتهم وصدروها إلى البلاد الإسلامية لتكون ذريعة لاحتلالها والهيمنة على مواردها، وكما أن بلدانهم هي جذور للإرهاب، وثقافتهم هي الإرهاب، وهي من تخرج وتعد الإرهابيين وتهيئ لهم المناخات والطقوس المناسبة ليطأوا بأقدامهم أي بلد عربي مسلم ليتحركوا فيه حسب خططهم المعدة سابقاً في خدمة مشروعهم الشيطاني وأوهامهم التي يشيدون عليها فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مكرهم وكيدهم وحقدهم على الإسلام ونبي الإسلام .
وفي المقابل فإن تربية القرآن وثقافته هي من تنشئ جيلاً صالحاً، وترسخ في الإنسان القيم الفاضلة والمبادئ الإيمانية ليتسنى له أن يتحرك في هذه الدنيا عنصراً خيراً يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وينصح للآخرين ويهتم بمصالح الآخرين فلا ينطلق الشر لا على يده ولا من لسانه، أليس هذا هو ما يصنعه القرآن؟ .
كما يلحظ أن ثقافة الغربيين هي من تعمل على مسخ الفضائل، وأيضا تعمل على مسخ القيم القرآنية والأخلاق الكريمة من ديننا ومن عروبتنا، أو ليس هذا ما تتركه ثقافتهم في الناس؟ فإذا كانت ثقافة القرآن هكذا وثقافتهم كما ذكرنا فشتان ما بينهما فالأولى تصنع الحياة الكريمة والفضائل والثانية تصنع الإرهاب والإجرام وبالتالي يريدون أن يقولوا لنا وأن يرسخوا في مشاعرنا أن ثقافتنا ـ التي هي الثقافة القرآنية ـ هي من تصنع الإرهاب ولكننا نرى في واقع الحياة من الذي يمكن أن يتحرك عنصراً خيراً في هذه الحياة يصنع الخير للناس ويدعو الناس إلى الخير هل هو من يتخرج على أساس ثقافتهم أم من يتخرج على أساس ثقافة القرآن ؟.
نحن إذاً نواجه حرباً في كل الميادين، حرباً على مفاهيم مفرداتنا العربية، وكذلك إذا لم نتحرك قبل أن تترسخ هذه المفاهيم المغلوطة بمعانيها الأمريكية، بمعانيها الصهيونية والتي سيكون من ورائها الشر ستكون تضحيات المسلمين كبيرة إذا ما تحركوا، وتكون الخسارة أكبر كما يحصل في العراق وأفغانستان وفلسطين عندما أهملوا ولم يعدوا أنفسهم لمجابهة هذا العدو التاريخي فحصل ما حصل !!
فعندما نسمع أنهم يريدون أن يتحركوا لمحاربة الإرهاب وجذور الإرهاب، ومنابع الإرهاب فإن علينا دائماً أن نبادر إلى الحديث عن الإرهاب ما هو؟ ونربطه بأمريكا، أمريكا هي التي تصنع الإرهاب للناس جميعاً، وأن اليهود هم من يسعون في الأرض فساداً، وأن من يسعى في الأرض فساداً هو من يصح أن يقال عنه أنه إرهابي إرهاباً غير مشروع.
فلنقل دائماً أن كلمة إرهاب كلمة قرآنية مطلوب من المسلمين أن يصلوا إلى مستواها، إن الله يقول {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} هنا كلمة {تُرْهِبُونَ} يريد الأمريكيون أن تكون كلمة لا يجوز لأحد أن يتحدث عنها، لأن معناها قد تغير فكلمة {تُرْهِبُونَ} قد فسرها الأمريكيون تفسيراً آخر، فمن انطلق على أساس هذه الكلمة القرآنية فإنه قد أُعْطِيَ للأمريكيين شرعية أن يضربوه، والله يقول {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} وإذا ما سمعنا عن كلمة جذور إرهاب ومنابع إرهاب فإن علينا أن نتحدث دائماً عن اليهود والنصارى كما تحدث الله عنهم في القرآن الكريم من أنهم منابع الشر، ومنابع الفساد ، وأنهم هم من يسعون في الأرض فساداً.
وحينئذٍ سننتصر، وإنه لنصر كبير إذا ما خُضْنَا معركة المصطلحات، فنحن الآن في معركة مصطلحات، إذا سمحنا لهم أن ينتصروا فيها فإننا سنكون من نُضرب ليس في معركة المصطلحات بل في معركة النار، إذا ما سمحنا لهم أن تنتصر مفاهيمهم، وتنتصر معانيهم لتترسخ في أوساط المسلمين.