على طريق الاحتفال بالمولد النبوي
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالفتاح علي البنوس
خلال زيارة سابقة لي لجمهورية مصر العربية تزامن توقيتها مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، استوقفتني تلكم المشاعر الفياضة التي يبديها السواد الأعظم من أبناء الشعب المصري تجاه هذه المناسبة العظيمة والتي لم تتأثر بالمد الوهابي الذي سعى آل سعود من خلاله للتشويش على المصريين في عقائدهم وطقوسهم الدينية، رغم كل المحاولات التي قاموا بها والتي باءت بالفشل الذريع.
حيث تمثل ذكرى المولد النبوي عيدا للمصريين.
فتباع حلوى المولد ويتبادلون الزيارات وتقام الموالد والموائد والندوات والاحتفالات احتفاء بمولد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .. مشاهد في غاية الروعة ، تعكس مدى ارتباط من يحيون هذه المناسبة بنبيهم وتوقيرهم له وابتهاجهم وفرحهم بمولده .
ولكن ورغم كل ذلكم الزخم الفرائحي الاحتفالي المصري بالمولد النبوي الشريف إلا أن التميز والتفرد في هذا المجال يظل مسجلا باسم اليمنيين ، باسم أنصار النبي محمد ، الذين آمنوا به وبرسالته طواعية استجابة لداعي الله ورسوله ، ولم يؤمنوا بحد السيف كما حال قريش وما جاورها من بلاد نجد والحجاز .. باسم من وصفهم الرسول الكريم بأنهم “الأرق قلوبا والألين أفئدة” ، فلا مجال للمقارنة على الإطلاق.
المشهد الاحتفالي في اليمن غير ، حيث يكاد يكون الفريد من نوعه ، والأول من حيث الزخم الشعبي ، من صنعاء العاصمة والمحافظة إلى عمران وصعدة والحديدة وذمار وإب وتعز والبيضاء وحجة والمحويت والجوف ومأرب وريمة يرسم اليمنيون لوحات الولاء والوفاء لرسول الله في ذكرى مولده ، ليؤكدوا للعالم أجمع بأن النبي ملهمهم ومصدر فخرهم واعتزازهم ، ومصدر سعادتهم وعنوان تميزهم بين الدول وتفردهم بين الشعوب ، حتى وهم يعيشون في ظل عدوان غاشم ، وحصار جائر ، فما يزال ذكره العطر حاضرا في أوساطهم ، وسيرته العطرة يفوح عبقها في الأرجاء ، وأن ارتباطهم الوثيق به ، ومحبتهم له لن تتأثر بهكذا عوامل ومؤثرات خارجية على الإطلاق .
محبة الشعب اليمني لرسول الله محبة صادقة مخلصة، محبة اتباع لا ابتداع كما يحاول البعض تصوير ذلك.. محبة عرفان وامتنان ، خالية من الرياء والتمظهر.. محبة إيمانية خالصة لوجه الله ، طامعة في شفاعة رسول الله ، والفوز بالعطاء الجزيل والأجر والقبول بين يدي الملك الجليل ، وهو ما يميز احتفالات اليمنيين بالمولد النبوي عن سائر الشعوب العربية والإسلامية التي تحتفل بهذه المناسبة الدينية العظيمة التي كان لها أثرها على الكون بأسره ، وبشر بها الخالق جل جلاله من فوق سبع سماوات.
ومما لا شك فيه بأن كل هذا الزخم الشعبي والرسمي المحتفي بهذه المناسبة يعد ثمرة من ثمار المسيرة القرآنية التي أسسها الشهيد المؤسس السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ، وقادها من خلفه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ، ومكسباً من مكاسب ثورة “21سبتمبر” والتي نجحت في الإطاحة بذراع الوهابية السعودية في اليمن الجنرال العجوز الفار علي محسن الأحمر ، مَنْ حارب الاحتفالات بالمولد النبوي، ومارس صنوف الإيذاء في حق المحتفلين بها خلال سنوات بطشه وإجرامه والتي تؤرخ بعدوانه على محافظة صعدة وإشعاله شرارة الحرب الأولى وصولا إلى الحرب السادسة .
بالمختصر المفيد، لا غرابة أن يحظى المولد النبوي الشريف بكل هذا الزحم الكبير في بلد الإيمان والحكمة ، فارتباطهم به وثيق ، ومحبتهم له متجذرة ، والاحتفال بمولده متأصل عندهم كفكر وثقافة وعقيدة وسلوك ومنهج ، فهم يحتفلون بنعمة عظيمة أسداها لهم الخالق عز وجل ، ويستعرضون حال الأمة المزري عندما ابتعدت عن كتاب ربها ، وهدي نبيها ، فصارت غارقة في مستنقع الذل والهوان وتائهة في دروب الضياع والانحراف ، لأنها لم تعظم نبيها ، ولم تتخذ منه القدوة والأسوة الحسنة .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .