من يتصدّون لمنع ذكر الله هم من يتصدّون لمنع ذكر رسوله
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالإله محمد الشامي
مما يبعَثُ الأسى ويورثُ الحزنَ أنْ تجدَ في وسطَ أمَّةٍ أرادَ اللهُ لها أن تكونَ خيرَ أمةٍ أُخرجت للناس، اختلافاً حول ذكرِ الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وتعظيم وذكر رسولها، من رفع اللهُ ذكرَه وهيئة ذكره (فرادى أَو جماعاتٍ)، وصفة الذكر (سراً أَو جهراً) في المساجد وعقب الصلوات أَو في خارجها، والقرآنُ بين يديها وبنصوصٍ صريحةٍ وقاطعةٍ بوجوب ذكر الله ذكراً كَثيراً وتسبيحه بكرةً وأصيلاً، وفي كُـلِّ الأوقات كما وردَ في العديد من الآيات..
ورغم هذا نجدُ البعضَ ممّن ينتسبون إلى الإسلام يعملون بكلِّ جهدٍ واجتهادٍ وعبرَ هيئات ومؤسّسات دينية على قطع صلةِ الأمَّة الإسلامية بربِّها وخالقها، بمنعِ ذكر الله حتى داخلَ بيوت الله، تحت مسمى “البدعة”، واعتبار ذكرِ الله أَو الاجتماع لذكره في بيته بدعةً وضلالاً يؤدي بالذاكرين إلى النار!!، خلافاً لصريح القرآن كقوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) فلم يخص ذكراً من ذكرٍ، وقوله: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) وقوله: (إِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ) (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) أي بالدعاء والذكر الله عقب الصلاة.
أيضاً (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) هذا الذكر هو الأذكار المعروفة التي كان المسلمون ومنهم اليمنيون يردّدونها في مساجدهم ومجالسهم ومناسباتهم الخَاصَّة والعامّة منذُ قرونٍ من الزمن، ولا نكيرَ ولا تبديعَ ولا تفسيقَ بينهم، حتى جاء الفكرُ الوهَّـابيُّ من نجدٍ ومعه مروّجوه ودُعاته، وتوغّل وانتشر في المناهج المدرسية والمعاهد العلمية والمنابر الإعلَامية والدينية في الداخل، فصار ذكرُ الله بدعةً، والصمتُ أَو الانشغالُ بالكلام غير ذكر الله سُنةً حتى بالمساجد، وتحوّلت معظمُ المساجد وعقب الصلوات إلى مقابرَ لا تسمع فيها ذكراً لله، ولا حتى الصلاة على رسول الله والمعروفة بالصلاة الإبراهيمية، والتي صار الجهرُ بها أَو آيةِ الكرسي أَو حتى الجهر بالدعاء بدعةً وشركاً وذنباً لا يُغفَرُ في تصوّر من حملوا الفكرَ الوهَّـابي التكفيري، فإذا كان هذا في حَـقِّ الذاكرين والذاكرات لله كَثيراً، فما بالكم بذكر رسول الله وتعظيمه وتوقيره ورفع ذكره، سواءً في ذكرى مولده أَو هِجرته أَو ليلة الإسراء به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
كُلُّ هذه الذكريات والمناسبات الإسلامية، وكُلُّ هذا الإحياء لرسول الله؛ للتذكير به مولداً أَو مبعثاً ورحمةً ونوراً ونذيراً وهادياً إلى صراط مستقيم، وسراجاً منيراً ومُخرِجاً لنا من الظلمات إلى النور ومن الشرك إلى التوحيد ومن الكفر إلى نعمة الإسلام ومن النار إلى الجنة، هذه النِّعمُ العظيمة التي أنعم اللهُ بها على عبادِه على يد رسوله الخاتم محمد -صلى اللهُ عليه وعلى آله-، يعتبر الحديثُ والتذكيرُ بها في نظر من تشرّبوا الفكرَ الوهَّـابيَّ “بدعـــةً”، حسب زعمهم، مع أن أكثرهم لا يفقه على الإطلاق معنى البدعة المنهي عنها، ولا السُّنة الحسنة المأمور بالاستنان بها، سوى ترديد عبارات كالببغاء.
ولهذا لا غرابةَ إن استنّفر البعض وأعلنوا حالةَ الطوارئ؛ للصدِّ والمنع، أَو التثبيط أَو التشكيك في مشروعية الاحتفال والاحتفاء بالمولد النبوي الشريف، سواءً في المساجد أَو في مجالس أَو قاعات أَو ساحات عامة؛ لأنَّ الرسولَ في فكرهم وثقافتهم المغلوطة رجلٌ مثلُ غيرِه من الرجال، أَدَّى رسالةً ومات، وأن تعظيمه وتوقيره ورفعَ ذكره من الشركيات والبدع.. إلى آخر مزاعمهم.