من وحي الخطاب .. الزكاة كأداة لمحاربة الفقر
موقع أنصار الله || مقالات || رشيد الحداد
رغم مضي فترة قصيرة على إنشاء الهيئة العامة للزكاة في صنعاء ، إلا أنها أثبتت حتى الآن نجاحاً كبيراً وحظيت باهتمام قيادة الثورة والقيادة السياسية ، وتمضي الهيئة لتجسد تجربة يمنية جديدة في مجال استثمار أموال الزكاة الاستثمار الأفضل من خلال معالجة المشاكل الاجتماعية من جذورها ، فخلال السنوات الماضية كان هذا المورد الهام لا يصل إلى الفقراء وإن وصل إلى البعض منهم يصل على شكل مسكنات مؤقتة غير مجدية ، على عكس اليوم الذي وصلت فيه خيرات الزكاة إلى شرائح واسعة من المجتمع رغم حداثة الهيئة وهو أمر مشجع يؤكد أن مستقبل هذا المورد الهام سيكون كبيراً وأن الهيئة في طريقها إلى لعب دور بارز وهام في سبيل مكافحة الفقر والبطالة والحد من كافة المظاهر الاجتماعية الناتجة عنها .
قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى الخامسة للصمود دعا إلى الاهتمام بالزكاة ودفعها كونها إحدى الفرائض الأساسية في ديننا الإسلامي الحنيف التي اوجبها الله على كلّ مسلم متى توفرت شروطها وأسبابها فهي طهر لأموال المزكّي، وتزكية للنفس.
السيد في أحد خطاباته ذكر أهمية الزكاة ودورها في الحد من الفقر في مجتمعنا اليمني وقال لو أخذت الزكاة من الأغنياء وسلمت للفقراء لن يبقى في هذا الوطن فقير واحد” ، ولمَّح إلى ضرورة أن تلعب الزكاة دوراً هاماً في حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في اليمن من خلال إعادة توزيع تلك الأموال التي فرضها الله وفق مصارفها الشرعية ، خلال خطابه تحدث عن دور الزكاة في خلق فرص عمل وتنمية قدرات ومهارات المجتمع وتحويل الأسر الفقيرة إلى عاملة ومنتجة وبعد أن تتحسن أوضاعها المعيشية والاقتصادية نتيجة تثمير أموال الزكاة واستخدامها في دعم مشاريع الفقراء الإنتاجية يتحولون إلى مزكين ، عوضاً عن آلية المساعدات الوقتية التي تعد حلولاً مؤقتة لا تنهي مشكلة الفقر والبطالة ، وقد تكون تلك الآلية مؤقتة حتى تقف الأسر الفقيرة والمعدمة على قدميها وتتحول إلى أسر منتجة من خلال مشاريع تنفذها الهيئة العامة للزكاة التي بدأت السير بهذا الاتجاه ونظراً لدورها الإيجابي في تحقيق التنمية المجتمعية ومحاربة الفقر، نتمنى أن تتطور بشكل أوسع لكي تساهم في انتشال الآلاف من الأسر اليمنية من حالة الفقر المدقع .
وحتى لا نستبق الأحداث ونطالب بإنشاء صندوق للزكاة كصندوق سيادي جديد كما حدث في بعض الدول، نتمنى أن تخصص الهيئة 50% من أموالها لدعم وتشجيع الأسر الفقيرة على الإنتاج في الريف والحضر ودعم مراكز إنتاجية جماعية تعمل فيها العديد من الأسر في مختلف المجالات، على أن تهتم الهيئة بتدريب الأسر التي لا تكتسب أي مهارات وقدرات إنتاجية وتدفع بالإنتاج الأسري بشكل أكبر.
فهناك تجارب للعديد من الدول كماليزيا والكويت حولت هذا المورد الزكوي الذي يتسم بالاستمرارية إلى مورد استثماري لعب دوراً في رفع معدلات الإنتاج الوطني، وساهم في تأسيس مشاريع إنتاجية استوعبت الآلاف من العاطلين وأنهت معاناة الآلاف من الأسر الناتجة عن الفقر، وعندما يلمس المواطن اليمني خيرات الزكاة ودورها في الحد من الفقر والبطالة وتحسين الأوضاع المعيشية للمجتمع سوف تتراجع ظاهرة التهرب الزكوي وسيمثل ذلك حافزاً كبيراً للعاملين في مختلف المجالات لدفع الزكاة المفروضة ، فخلال السنوات والعقود الماضية لم تكن الزكاة التي تسلم إلى الجهات الحكومية تصل إلى الفقراء ولا الغارمين ولا ابن السبيل باستثناء تقاسمها من قبل العاملين عليها حتى وصل حال المسؤولين في المحافظات والمديريات في بعض السنوات إلى اعتبارها حق الهي لهم فقط تزيد ثراءهم على حساب الفقراء ، ما أدى إلى تراجع المزكين فاتجه الكثير من التجار وأصحاب رؤوس الأموال إلى دفع ما عليهم من زكاة عبر جهات أخرى كمنظمات أو أشخاص نتيجة فقدانهم الثقة بأدائها للجهات الحكومية والسلطات المحلية كون الأثر من أدائها على الفقراء والمساكين منعدم.
والله من وراء القصد .