اليمن… كورونا يـضـاعف كارثة العدوان والحصار
|| صحافة ||
مع ظهور أول حالة إصابة بفايروس كورونا “كوفيد 19” ، والتي أعلنت عنها السلطة المحلية في حضرموت ، تواجه بلادنا تحديات ومخاطر يصعب التكهن حول نتائجها ومآلاتها ، على وقع استمرار العدوان والحصار الذي تسبب في تدمير النظام الصحي في اليمن ، كما أدى الحصار السعودي الأمريكي والإماراتي على اليمن إلى أزمة في الأدوية والمواد الطبية الأساسية ، على أن ما يجب تأكيده اليوم بأن « السعودية ، ودويلة الإمارات ، والولايات المتحدة الأمريكية» ، تتحمل مسؤولية مباشرة عن وصول الوباء عبر منفذ الشحر ، وعليها تحمل التبعات عن تداعيات تفشيه وانتشاره لا سمح الله.
الثورة /عبدالرحمن عبدالله
وفي ظل التهديد الذي تفرضه أول حالة إصابة بالفايروس التاجي «كوفيد 19» والتي أتت إلى حضرموت عن طريق ميناء الشحر ، فإنّ بلادنا بحاجة لترميم القطاع الصحي ليكون خط الدفاع الأول في مواجهة فيروس كورونا والتصدي لانتشاره وتفشيه ، إلا أنّ الحصار والعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي يحول دون ذلك ، وهو ما يبرز ويكشف عن أشكال الإرهاب الأخرى التي تمارسها أمريكا وأدواتها الأقليمية ، «الإمارات والسعودية وإلى جانبها دول أوربية تبيع السلاح والمواقف السياسية للتحالف السعودي» ، ضد اليمنيين الذين لم يخضعوا للإملاءات والأحكام والأجندات الأمريكية المشبوهة.
يضيف القرار الأمريكي الذي أصدره ترمب بوقف المساعدات عن اليمن ، تحديا جديدا للبلاد التي تعاني من أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم ، وعلى ما يبدو فإن ترمب الذي تواجه بلاده اليوم من تفشي وباء كورونا وتسببت في وفاة ما يقارب 10 آلاف أمريكي ، وإصابة ما يزيد عن 400 ألف ، يستعد لمواجهة انتشار أوسع للوباء في بلاده بقرار قطع المساعدات الإغاثية عن اليمن ، والضغط على المنظمات العاملة في بلادنا لاتخاذ قرار بخفض 75 % من المساعدات المقدمة ، وتوقيفها.
الإدارة الأمريكية وأدواتها “الإمارات السعودية”تتحمل المسؤولية المباشرة عن وصول كورونا في اليمن
«كورونا» الذي سجلت أول حالاته في اليمن بمحافظة حضرموت ، مع مواصلة النظامين السعودي والإماراتي العدوان العسكري على اليمن وفرض الحصار الظالم بمنع الوقود والدواء والغذاء من التدفق ، تتزامن مع قرار واشنطن بتوقيف المنظمات الإغاثية عن تقديم المساعدات حتى للمحتاجين، ومع السعي العدائي من قبل النظامين الإماراتي والسعودي لإيصال كورونا إلى اليمن ، ومع تسجيل أول حالات الإصابة به قدمت من الإمارات عبر ميناء الشحر ، يصبح تحالف العدوان ويكشف عن كل أوجه القبح والبشاعة لديه ، والمكنوزة في أنظمة مرتعدة وخائنة ومجرمة ، تقتل اليمنيين منذ خمس سنوات وبغطاء العالم المنافق الذي يتجرع علقم كورونا المصنوعة أمريكيا ، والمنتشرة بأدواتها الأقليمية.
بعدما رفض التحالف العدواني «السعودي الإماراتي والأمريكي» فتح مطار صنعاء للحالات الإنسانية ، وفرض قيودا مشددة على مطاري عدن وسيئون، أقر في خامس أسبوع من تفشي كورونا في عديد من دول العالم رفع معدل الرحلات الجوية إلى أعلى المستويات في تاريخ الحصار، ليصل إلى مطار عدن في يوم واحد ، 800 يمني من مصر ومن دول أخرى كتركيا ودول الاتحاد الأوروبي التي كان الوباء قد انتشر فيها ، المصادر في المطار، أكدت حينها أنه لم يتم إجراء الفحوصات لمئات من القادمين من القاهرة ، كما وصل إلى مطار سيئون الواقع في وادي حضرموت، المئات من اليمنيين يومياً في غياب إجراءات السلامة الصحية.
بالتزامن لم تتوقف المحاولات السعودية الإماراتية في إدخال أعداد كبيرة من المرحلين والوافدين ، ومن بينهم جنسيات أجنبية هندية وأفارقة ، حيث تفيد المعلومات أن النظام السعودي ، وبعد استنفاره في ترحيل المعتمرين اليمنيين ، قام بإنشاء معسكرات خاصة بالأفارقة على الحدود ، وترحيلهم عبر شبكات من المهربين الذين يعملون مع المخابرات السعودية لإيصالهم إلى المدن والمحافظات اليمنية ، الأمر الذي جعل السيد عبدالملك الحوثي ، مسبقا يحمل الإمارات والسعودية وأمريكا المسؤولية المباشرة عن أي انتشار للوباء ، مؤكدا أن أي وصول للكورونا إلى اليمن سيكون بفعل وإشراف أمريكي عبر أدواته السعودية والإمارات وسيتم التصدي له على أنه عمل عدائي.
العدوان “السعودي الأمريكي الإماراتي” على اليمن ، ووباء كورونا
عندما شن التحالف السعودي الأمريكي عدوانا عسكريا على اليمن في مارس 2015 ، كانت البلاد بالفعل الأكثر فقراً في العالم العربي ، بعد انتهاء خمسة أعوام وبداية العام السادس وفي ظل استمرار العدوان البربري ، والحصار الهمجي الشامل ، أصبحت اليمن واحدة من أكثر الأماكن فقرا في العالم ، إذ أن حوالي 24مليون نسمة من السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة ، يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة ، وفقًا لبعض التقديرات ، فقد توفي أكثر من 112000 شخص كنتيجة مباشرة للعدوان وتردي الخدمات الصحية ، وإغلاق المجال الجوي أمام الرحلات الجوية المدنية التي جعلت أكثر من 200 ألف مريض يعجزون عن السفر إلى الخارج للعلاج ، كما أن موجات الأوبئة التي ضربت السكان منذ العام 2016م ، أخضعت أعدادا من اليمنيين للأمراض التي يمكن الوقاية منها ، كما يعاني 3 ملايين نسمة من الجوع التام نتيجة للحرب الاقتصادية التي يشنها تحالف العدوان السعودي الأمريكي ، وتدميره المتعمد للبنية التحتية الحيوية ، بما في ذلك المستشفيات.
يقع اليمن وسط جغرافيا بيولوجية موبوءة بالفايروس التاجي كورونا ، حيث في الشمال المملكة السعودية التي يجتاحها الوباء ، ومن الشرق عمان الذي انتشر فيه وباء كورونا ، ومن الجنوب والغرب ساحل ممتد إلى القرن الأفريقي الذي يوفر غطاء لتهريب الأفارقة القادمين من أثيوبيا وإريتريا وجيبوتي.
الحرب العسكرية السعودية الأمريكية الإماراتية التي تشن على اليمن ، منذ مارس 2015م، عندما تدخل تحالف بقيادة السعودية وأمريكا وسبع عشرة دولة أخرى ، حولت الوضع الإنساني في البلد الفقير ، إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم ، إذ أن المنشآت والمصالح تعرضت لتدمير واسع وأدت الغارات الجوية التي شنها طيران التحالف السعودي الأمريكي إلى توقف المصانع عن العمل ، وتعطيل خمسين في المائة من المرافق الصحية ، فإجمالي 5056 مرفقا صحيا ، توقف منها 2477 إثر استهدافها بالغارات الجوية السعودية الأمريكية ، كما أن الحصار المشدد من قبل البحرية الأمريكية والسعودية على واردات الغذاء والدواء والوقود يهدد بحصول المجاعة الجماعية ؛ إذ أن 16 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي ، بينما يعاني 3 ملايين شخص من سوء التغذية ، ووفق تقديرات فإن أكثر من 24 مليون شخص بحاجة فعليا إلى مساعدات إنسانية.
حكومة المرتزقة.. بعد بيعها لأجهزة الفحص حولت المدن إلى محاجر للموبوئين من الإمارات والسعودية
رغم الإجراءات الحكومية التي اتخذتها حكومة الإنقاذ في صنعاء ، بدءاً بإغلاق المنافذ ، وافتتاح مراكز للعزل ، وتدريب طواقم طبية وتجهيز فرق استجابة طبية في مختلف المنافذ ، عانت المحافظات الجنوبية والشرقية الخاضعة لسطوة المرتزقة والاحتلال من فوضى وتسيب ، إذ لم تتخذ الحكومة المغتربة أي إجراءات تذكر ، بقيت عدن والمكلا وحضرموت مفتوحة أمام تدفق المهاجرين الأفارقة وأمام العائدين من مصر والسعودية والإمارات ، ورفضت حكومة عدن التجاوب مع المبادرة التي وجهتها صنعاء بتشكيل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة الجائحة ، وإغلاق المنافذ ، متجاهلة التحذيرات من مخاطر الانفلات المروع إزاء الوباء الكارثي ، وهو ما يفسر ظهور الحالة المصابة في ميناء الشحر ، والتي اختلطت بأكثر من 120 مواطنا قبل اكتشافها.
سبق وأن وجه السيد عبدالملك الحوثي النصح إلى حكومة المرتزقة وذلك في خطابه بمناسبة اليوم الوطني للصمود 26 مارس ، قائلا: ” يجب أن يكونوا على حذر، ربما كما باعوا أنفسهم في المعارك قد يتم الاعتماد عليهم لنشر كورونا في مناطقهم وإيصاله إلى اليمن ” مضيفا “إذا لم يكن المرتزقة حذرين من كورونا فهذا سيكون إفراطًا رهيبًا في الغباء وخسارة فادحة لهم” ، أمر يمكن تفسيره على ضوء المخاطر التي تواجهها المحافظات الخاضعة لسطوتهم وسيطرتهم.
ناهيكم عن بيعها لأجهزة الفحص ، فبعد أن تلقت أجهزة فحص حديثة من دولة الكويت ، تبيّن أنها قد باعتها إلى مستشفيات خاصة ، فإنها حتى اللحظة لم تتخذ أي إجراءات احترازية للحد من الجائحة ، وفي الحقيقة فإنها اتخذت كل ما من شأنه إيصال الوباء إلى اليمن ، وتعاملت مع الجائحة بانفلات ووظفته إعلاميا وسياسيا بشكل لا أخلاقي ، رغم التحذيرات الموجهة إليهم من أن وصول الوباء لن يعفيهم من الإصابة ، ونشطت تحركات شعبية في عدن وحضرموت تطالبهم بإغلاق المطارات في وجه الرحلات الإماراتية والسعودية ، وإغلاق المنافذ ، إلا أن الحكومة المشار إليها ولأنها مرهونة كليا لما يقرره الضباط السعوديون والإماراتيون ، فقد أباحت عدن وحضرموت والمهرة وسقطرى لقوم النهابة السعوديين والإماراتيين ، ومن المباحات أن تستخدم هذه المناطق والمدن كمحاجر للموبوئين من الإماراتيين والسعوديين.
قرار أمريكي لا أخلاقي بقطع المساعدات
مع تفشي وباء كورونا ، واستمرار تحالف العدوان في شن الحرب الهمجية على اليمن، ومنع سفن الوقود من الدخول والغذاء والدواء ، تضاعف التحدي الذي يواجهه اليمنيون ، ما ينذر بكارثة إنسانية قد تتسبب في وفاة نصف مليون شخص حسب تقديرات وزارة الصحة العامة والسكان، وفي ظل هذه الظروف جاء القرار اللاأخلاقي الذي أصدره رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بتعليق المساعدات عن اليمن ، وإعلان منظمات الإغاثة العاملة وقف 75 % من إجمالي المساعدات الإنسانية ، ليعبر عن انتكاسة مريعة في العمل الإغاثي للأمم المتحدة والمجتمع الدولي ، وإعلان صارخ عن انتهاء عصر الإنسانية الشعاراتية ، وبداية مرحلة مكشوفة ومجردة من قيم التضامن بين بني الإنسان ، إذ أن التقديريات تشير إلى أن وقف المساعدات الإنسانية وخفض فرق الإغاثة الدولية لدعمها يمكن لتفشي COVID-19 أن يطغى بسرعة على جهود الاحتواء ، ويجعل واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية في العالم أكثر خطورة لا قدر الله.
هذا الإجراء اللاأخلاقي هو جزء من قائمة طويلة من إجراءات الحرب الأمريكية التي اتجهت منذ البداية نحو تشديد الحصار وتضييق الخناق على اليمنيين في معائشهم ، وحرمانهم من المرتبات بقرصنة وظائف البنك المركزي ، واتخاذها منذ البداية شكلا من العقاب الجماعي والتجويع الجماعي للسكان، كما أن ظهور وباء كورونا الذي انتشر في معظم دول العالم ، يجعل اليمن يواجه تحديا صحيا قاهرا من الصعب التكهن حول نتائجه ومآلاته ، والأمل معقود على أن يبقى اليمن في مأمن من هذا الوباء ، والرهان على الله وحده في حفظ بلادنا ووقايتها شر الوباء الفتاك.
لقد قضت الحرب العدوانية السعودية الأمريكية على اليمن منذ عام 2015م على ما كان حتى من قبل نظامًا صحيًا ضعيفًا للغاية ، فقد انهار نظام الرعاية الصحية بسبب سنوات العدوان والحصار ، وبات غير مجهز لخدمة السكان في الظروف الطبيعية ، وقبل أن نواجه خطر وتحديات ,COVID-19 ، رغم ذلك تسعى وزارة الصحة جاهدة لحشد الإمكانيات والحصول على الإمدادات اللازمة لمواجهة أي خطر لانتشار محتمل للوباء ، لكن قرار الأمم المتحدة بوقف 75 % من المساعدات جاء ليشكل ارتدادا صارخا عن الالتزامات الإنسانية ، ويضاعف من التحديات والمخاطر التي يواجهها اليمنيون.
ومع ذلك تحالف العدوان يواصل غطرسته والمرتزقة يتواطأون لإدخال الوباء والمنظمات تنهب المساعدات.