الظلم ومداخلُه وعقوبتُه

أهمُّ نقاط المحاضرة الرمضانية الـ 12

‏موقع أنصار الله || مقالات || منير إسماعيل الشامي

1- الله -سُـبْـحَـانَـهُ وَتَـعَـالَـى- وهو ربُّ هذا الكون بكله، هو القائم بالقسط في حكمه وتقديره وسلطته وقوته، حرّم الظلم على نفسه وجعله محرماً بين عباده، قال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

فهو الإله وحده القائم بالقسط والعدل، وَالمنزه عن الظلم، فلا يظلم عنده أحداً ولا يريد ظلماً للعباد، وأكثر ما حذّر الله منه هو الظلم وهو ما تعاني منه الكثير من المجتمعات التي تفشّى فيها الظلم وجلب عليها الويل والشقاء.

2- وعيد الله بالظالمين وعيد شديد وعيد عظيم، فقال -سُـبْـحَـانَـهُ وَتَـعَـالَـى-: (أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)، ولعنة الله هي الطرد من رحمته، فلا يحظى الملعون بذرة من رحمته، والشيطان أول من وقعت عليه لعنة الله، واللعن من الله قضية خطيرة جِـدًّا، فلعنة الله تعني خروج العبد عن دائرة رحمة الله إلى دائرة سخطه وغضبه ومقته وعذابه.

3- الله -سُـبْـحَـانَـهُ وَتَـعَـالَـى- بقوته وعزته وجبروته وسطوته، أعد للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها، وهذه منزلة مخصوصة لهم، إن وقعوا فيها لا يمكنهم الخلاص منها أبداً.

4- توعد الظالمين بعذاب شديد، ولعنهم في مواضع كثيرة في القرآن الكريم؛ وذلك لعظمة جرمهم بارتكابهم الظلم واقترافهم له، ويوم القيامة لا تنفعهم قوتهم وجيوشهم وأموالهم.

5- عقوبة الظلم منها ما هو في الدنيا ومنها ما هو في الآخرة.

وقد يستغرب الإنسانُ تأخر العقوبة عن الظالمين في الدنيا على قدر ما يرتكبون من ظلم وإجرام وطغيان، وقد وضّح الله حال هذه الفئة من الظالمين، بأن الله أجّل عذابَهم إلى يوم تشخص فيه الأبصار، يكونون فيه في حالة مرزية من الذل والخزي والهوان: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ).

وهناك فئة من الظالمين يحل عليهم غضب الله وعذابه في الأرض، وقد أشار الله إلى هذه الفئة بقوله تعالى: (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ)، وهنا يذكّر الله تعالى عباده وقد سكنوا في مساكن الذين ظلموا أنفسهم، بأخذ العظة والعبرة منهم وتدبر كيف انتقم الله منهم وأخزاهم وأهلكهم، ليدركوا عاقبة الظلم فلا يظلموا ويحذروا الظلم ويتجنبوه.

6- كثير من الناس في مواقع المسؤولية قد يظلمون الآخرين، ليحصلوا على شيء من متاع الدنيا، وقد يظلم القريب قريبه، فيستولي على حقِّه فيظلمه فيوقع نفسه في موضع استحقاق لعنة الله، وقد تحدّث القرآن لو أن للظالم ما في الأرض بكلها من أموال وثروات ونفائس وليس ذلك فقط، بل ومثله معه، لما قُبل منه فدية لنفسه من عذاب جهنم وخزي يوم القيامة.

7- ذكر الله -سُـبْـحَـانَـهُ وَتَـعَـالَـى- عن قرى وأمم وعن عاقبة ظلمهم، وكم من قرية عاجلها اللهُ في الدنيا؛ بسَببِ الظلم، قال تعالى: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ)، قصمنا قضينا عليهم بضربة قاضية ضربة مدمّـرة لهم، فلما أحسوا واستشعروا بأس الله، فرّوا وركضوا هروباً منها، ولم تعد تهمهم مساكنهم وأموالهم فيها، تخلّوا عن كُـلّ ما جمعوه بالظلم وهم يصرخون: يا ويلنا إنا كنا ظالمين، إقرار واعتراف وندم وحسرة، استمروا في ترديد صراخهم بلحظة لم يعد بإمْكَانهم التوبة وقد حلت عليهم لعنة الله، ولم يسكتوا حتى صاروا موتى هالكين (حصيداً خامدين).

وقد ذكر الله لنا ذلك؛ لنحذر الظلم ولكي نعلم أن عقوبة الظلم لا تقتصر على من سبق من الأمم، بل هو واقع يقضي به الله على مرِّ الزمان على كُـلّ من اقترف الظلم واستمر في ارتكابه حتى استوجبت عليه لعنة الله.

8- في القرآن الكريم شرع الله عقوبات في الدنيا على الظلم كالقتل والسرقة وغيرها.

9- إقامة العدل من أهمِّ المسؤوليات على المؤمنين، فهم معنيون بإقامة العدل ومحاربة الظلم وَالتصدي له وللظالمين، حتى يكون العدل هو السائد وهم مأمورون بذلك وملزمون به، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ)، وقال الله تبارك وتعالى: (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)، وقال جلَّ من قائل حكيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ…).

يجب على الإنسان أن يكون حريصاً على إحقاق العدل، بدءاً بنفسه وأن ينصف الآخرين من ظلمه لهم بأي أمر من الأمور، وأن لا يحابي قريباً له لا يعينه على الظلم مهما بلغت درجة قرابته منه، ومهما كان الظلم صغيراً أَو كَبيراً فالله أولى بالخشية من ارتكابه واقترافه.

10- هناك تركيز كبير في شرع الله على إقامة العدل وإقامة القسط، والتصدي للظلم ومواجهة الظالمين لوقف ظلمهم.

قد يعجبك ايضا