المسؤولية العامة منهجية قرآنية غايتُها إقامةُ العدل ودفع الظلم
من وحي المحاضرة الرمضانية الـ15..
موقع أنصار الله || مقالات || منير الشامي
أهم نقاط المحاضرة:
1- من أهم المواقع التي يقع فيها الظلم، موقع المسؤولية العامة، فهو من المواقع الخطيرة والحساسة بمختلف درجاتها، وهذه المسؤولية تعظم وتكبر على من يتحمّلون المسؤولية العامة في مستوياتها العليا بمختلف المجالات، وكل من يشغل موقع مسؤولية معني بأداء مسؤوليته وفق ما يرضي الله بعيدًا عن الظلم.
2- إقامة العدل والقسط هو الهدف الأَسَاسي من كُـلّ موقع من مواقع المسؤولية العامة من أعلاها إلى أدناها، إقامة العدل وإقامة القسط رؤية قرآنية ومنهجية إسلامية وقد غابت هذه الرؤية وهذه المنهجية في تاريخ المسلمين وفي المجتمع المسلم مع تعاقب الزمن، وتغيّرت النظرة إلى المسؤولية حتى أصبحت مغنماً فأصبحت النظرة العامة إلى السلطة حلماً يتوق إليه الكثير رغبة في السلطة والمنصب والجاه والمال، وهذه نظرة سلبية خطيرة جِـدًّا نتج عنها انتشار ظلم كبير جِـدًّا من الداخل ومن الخارج.
3- في أي مستوى تحملت مسؤولية يجب أن تنطلق من منطلق إيماني، وأن تدرك أنك تحملت مسؤولية أمام الله، وأن الله سيحاسبك وأن عليك أن تسعى من خلال مسؤوليتك لترضي الله سبحانه وتعالى، وأنه مهما كان موقعك، وزيراً مديراً مشرفاً بأي مسمى كنت، فأنت تحت رقابة الله سبحانه وتعالى.
نبي الله سليمان وهبه الله مُلكاً لم يبلغه أحد من البشر، مسؤولية كبيرة جِـدًّا وتمكين عجيب وعظيم لم يُمنح لأحد من البشر إلا لنبي الله سليمان -عليه السلام-، فسخّر اللهُ له الجن والإنس والطير والرياح، فكان همه هو كيف يحظى برضى الله، فلم يشعر بالغرور لم يشعر بالكبر لم يطغَ لم يتكبر بل سعى بكل جهده ليرضي الله سبحانه وتعالى، وقصته هو وجيشه الكبير مع النمل أبرز مثال على خشيته لله وقوة ارتباطه بالله، وشكره الدائم لله حرصه حتى على حياة النمل.
4- فالقرآن في قصة نبي الله سليمان يقدم نماذج راقية للأُمَّـة الإسلامية في المسؤول وفي المسؤولية وأداء واجباتها في متابعة مجتمعه وأفراد مجتمعه، تواجدهم غيابهم وأسباب ذلك وقصته مع الهدهد أبرز مثال.
5- نموذج آخر يقدمه القرآن الكريم وهو قصة ذي القرنين، كيف سعى ليقدم ما مكنه الله تعالى ليقيم القسط والعدل وينفع الناس به دون أن يغتر أَو يتكبر أَو يتجبر وكيف يدفع الظلم.
6- الإمام علي -عليه السلام- مثّل أبرز نموذج إسلامي لحمل المسؤولية في نظرته للمسؤولية، في نظرته لغايتها وهدفها وتوضيحه ماذا تساوي المسؤولية (لا تساوي شراك نعل)، وكيف ينظر إليها فأوجز غايتها بقوله: (إلا أن أُقيم حقًّا أَو أدفع باطلاً).
7- نبي الله داوود -عليه السلام- نموذج قرآني لتحمل المسؤولية، وقد وردت قصص له في إقامة العدل وأمر الله له بأن المسؤولية التي منحها الله له هي مِن أجلِ العدل والحكم به وعدم البغي في الأحكام (ولا تشطط).
8- حتى النبي محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- مثل النموذج الراقي لحمل المسؤولية، وخاطبه الله بإقامة العدل والحكم به ونهاه عن الطغيان (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا، إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، أمر الله نبيه ومن تاب معه من المؤمنين بالاستقامة التي تفضي إلى العدل والقسط، ونهاهم عن الظلم والطغيان، ثم ذكّرهم برقابته الشديدة على كُـلّ أعمالهم والخطاب في الآية لكل الأمَّة.
9- على كُـلّ من يقع في موقع مسؤولية عامة، أن يركز على البعد عن الظلم، البعد عن الغرور أينما كانت مسؤوليتك، لا تطغَ لا تتكبر لا تتجبر، في الجانب الأمني كنت مدير أمن لا تطغَ لا تتعامل بالقساوة بالشدة بعيدًا عن الرحمة، في الجانب العسكري في القضاء في أي موقع آخر كنت فيه، احذر الظلم احذر الحيف، التزم العدل في حكمك في معاملتك التزم بالعدل بالقسط، فالظلم ظلمات يوم القيامة.
10- الذين كانوا مستضعفين في الأرض ثم مكنهم الله، أتاح لهم فرصة أن ينفعوا الآخرين، يقدموا الخير للآخرين فمكنهم الله عليهم أن يحرصوا على إقامة العدل أن يبتعدوا عن الظلم أن لا ينسوا ما لاقوه من ظلم ومن طغيان، فلا يذيقون الآخرين مما ذاقوه.
11- أخيرًا على كُـلّ الذين هم في موقع المسؤولية، أن يحذروا من الوقوع في الظلم، أن يبتعدوا عن الظلم، أن يخشوا الله، وعلى الجميع أن يتعاونوا لتحقيق العدل.