العدل أساس الحكم
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالفتاح علي البنوس
العدالة مغيبة ، والإنصاف غائب ، في غالبية المحاكم والنيابات على مستوى المحافظات والمديريات ، شكاوى المواطنين تعج بها رفوف وأروقة مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا ووزارة العدل وهيئة التفتيش القضائي ، كان ذهاب السواد الأعظم من المواطنين الذين يبحثون عن العدالة والإنصاف للقضاء ، من أجل الحصول على حقوقهم المغتصبة والانتصار لمظلوميتهم ، على اعتبار أن القضاء هو المعني بتحقيق العدالة وانصاف الناس ومنحهم حقوقهم المشروعة .
ولكن الحاصل للأسف الشديد أن الكثير من القضاة لم يتعاملوا بمسؤولية مع قضايا الناس ، وجعلوا من المحاكم محطات لعرقلة العدالة أحيانا ، وتأخيرها أحيانا أخرى ، والتلاعب والمتاجرة بها ، سنوات يقضيها ( الغرماء ) في المحاكم على أمل الحصول على الإنصاف وأخذ حقوقهم ، يعانون كثيرا ، ويتكبدون خسائر كبيرة ، وتستمر إجراءات المحاكمة لسنوات طويلة دون أي مبرر لذلك ، وهو ما يخلق بيئة حاضنة ( للسمسرة والرشوة والارتزاق ) ، وغيرها من أساليب الابتزاز التي تسيئ إلى هيبة ومكانة وسلطة القضاء ، وتسهم في التأثير سلبا على ثقة المواطنين في المحاكم والقضاء ، وتدفع الكثير منهم للذهاب لأخذ حقهم بأيديهم ، ليدخلوا بعد ذلك في ثارات وحروب ومشاكل وصراعات تتوارثها الأجيال المتعاقبة ، كنتيجة طبيعية لاختلال ميزان العدالة المائل ، الذي ما يزال يعاني من الاهتزاز وعدم الاستقرار ، رغم الجهود المبذولة من قبل القيادة الثورية والسياسية التي تنشد إصلاح القضاء وتحقيق العدالة والقضاء على الاختلالات وأوجه القصور القائمة ، والتي تعد حصيلة لإرث تراكمي ظل وما يزال يعاني منه القضاء اليمني ، ويحتاج إلى ثورة تصحيحية كبرى تعيد الأمور إلى نصابها ، يستقيم معها ميزان العدالة ، ويتحقق الإنصاف لكل المظلومين وأصحاب الحقوق المعتدى عليها والمغتصبة .
إذ يتطلب الأمر العمل على إصدار لائحة خاصة بالقضايا المنظورة أمام المحاكم تتضمن مدة زمنية محددة ، لإجراءات التقاضي والنطق بالأحكام ، حسب نوعية القضايا ، لوضع نهاية للتطويل والمماطلة في المحاكم ، كما تتضمن مدة زمنية لتنفيذ الأحكام النهائية المعمدة من المحكمة العليا ، وأعتقد جازما بأن إصلاح القضاء كمنظومة تشريعية عدلية يتطلب إمكانيات هائلة وجهود جبارة وإرادة قوية ، وقد لا يتأتى ذلك في ظل المرحلة الراهنة ، وإلى حين استقرار الأوضاع ووقف العدوان ورفع الحصار ، وتوفر الظروف المهيئة للشروع في إصلاح القضاء وإعادة ثقة المواطن اليمني فيه ؛ أرى أن يتم تفعيل هيئة الإنصاف التابعة للمكتب التنفيذي لأنصار الله على مستوى المحافظات والمديريات ، والذي سيحد كَثيراً من المظالم وكافة أشكال التعسف التي يتعرض لها المواطنون ، والعمل على تفعيل هيئة التفتيش القضائي التابعة لمجلس القضاء الأعلى وتصحيح مسارها وتنظيفها من قضاة (الدفع المسبق) أصحاب الكروش والذمم و الجيوب الكبيرة ، الذين تعاملوا مع القضاء على أنه حصالة نقدية ( تعود عليهم بالمال الوفير ) ، والحد ما أمكن من الفساد الذي ينخر في جسد القضاء ، والذي يمارسه بعض القضاة ووكلاء النيابات والعاملين في السلك القضائي .
في حضور وتحقيق الإنصاف في أوساط المجتمع ، سيغيب الظلم والتعسف وستمنح الحقوق لأصحابها ،ويتحقّق العدل ، ويستقيم ميزان العدالة المائل، ويستعيد المواطن ثقته بالقضاء ، الذي سيكون الملاذ الآمن لكل صاحب حق اغتصب عليه ، أو ملك أخذ منه ، أَو صاحب قضية عادلة يبحث عن حكم قضائي ينتصر لقضيته ، وصدقوني لو تم تفعيل هيئة التفتيش القضائي وهيئة الإنصاف وتعامل كل من فيها بشفافية وإنصاف وعدالة دونما محاباة أو مجاملة أو لف ودوران ، فإن البلاد ستنعم بالعدل والإنصاف والأمن والأمان وسيصلح الله لنا كل الأحوال ، فالعدل أساس الحكم ، وبدونه تتحول الحياة إلى غابة موحشة ، تستوطنها الوحوش المفترسة ، والتي يحكمها قانون الغاب القوي يأكل الضعيف ويفتك به ويستقوي عليه .