الإمام علي.. القدوة والمنهج
موقع أنصار الله || مقالات || عبدالفتاح علي البنوس
تمثل شخصية الإمام الكرار علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه ، علامة فارقة في التاريخ، فالسجايا والصفات التي تحلى بها، والمكانة التي كان يحتلها عند الله ورسوله، والتربية والتنشئة التي تعلمها في المدرسة المحمدية وسار على خطاها على يد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والتكريم الإلهي المستحق له، جعل منه قدوة مثلى ، ومرجعية عظمى، وقائداً فذاً، أرسى كل قيم ومفاهيم الدولة ، دولة المؤسسات، دولة النظام والقانون، دولة العدالة والمساواة ، دولة الوسطية والاعتدال ، دولة البناء والتحديث ، دولة الجهاد والمواجهة، دولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دولة جسد فيها الإمام علي النموذج الراقي، فكان أول من يخضع لأنظمتها وقوانينها ولوائحها وفي صدارة الملتزمين بها، فلا امتيازات ولا استثناءات.
أعاد الاعتبار للدولة الإسلامية وقد كان النموذج المثالي لولي الأمر المسؤول الذي يرعى مصالح الرعية ويحرص عليهم، فكان شوكة في نحور الأعداء، ومصدر رعب في قلوب المرجفين والمنافقين، وعنوان النصر والتمكين للمستضعفين، وملاذا للمظلومين، وملهما لكل المؤمنين، فكان الحاكم العادل، والمجاهد المقدام، والفارس الضرغام، والإمام المشهود له بالنزاهة والورع والتقوى والاستقامة، وقف ضد الطغاة والمستبدين ، وحارب البغاة والمنافقين ، ووقف في صف الضعفاء والمساكين.
كان في الإدارة والقيادة علما ، وكان في الاقتصاد خبيرا ، وكان للعلم بابا ، وكان للزهد أهلا، وللبذل والتضحية والفداء مثلا ، وللحق رمزا، حارب كافة صنوف الفساد والعبث بالمال العام ، وأعلن الحرب على الفساد ، وقادها بنفسه ، وكبح جماح الفاسدين وعمل على الإطاحة بهم ، طاعة لله ورسوله وعملا بمقتضى الدين وأحكامه، وأوامره ونواهيه، ومكن المؤمنين المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والاستقامة من تولي شؤون الرعية ، وأحاطهم بالنصح والإرشاد والتوجيهات السديدة التي تعينهم على أداء مهامهم ومسؤولياتهم على أكمل وجه، حارب الشللية والمحسوبية والوساطات، ووضع معايير لشغل الوظيفة العامة في مقدمتها التقوى والكفاءة ، والقدرة على نفع الناس وتقديم الخدمات لهم.
جسد ( عليه السلام ) القدوة الحسنة في حياته ، فكانت أقواله مطابقة لأفعاله ، لم يداهن أو يجامل أو يحابي حتى أولاده وأقرب المقربين منه ، لم يخلف لأولاده درهما واحدا، ولم يورث لهم الدور والقصور، ولم يترك لهم المزارع والبساتين الوارفة، ولم يقتطع لهم الأراضي الشاسعة ، كما فعل ولاة وطغاة الجور والظلم والفساد، ولكنه غرس فيهم القيم والمبادئ الفاضلة وبذر فيهم بذرته الطيبة التي جعلت منهم أئمة يقتدى بهم، أئمة كانوا خير خلف لخير سلف.
هذا هو الإمام علي عليه السلام، الذي نتشيع في حبه ونحتفي بشخصيته، فمن كان يحب الإمام علي فعليه أن يسلك مسلكه، ويسير على خطاه ، ويقتفي أثره، ويجعل منه القدوة والمثل الأعلى، الإمام علي لا يريد منا أن نكون سطحيين وأن يكون حبنا له مجرد شعارات ومهرجانات ، في الوقت الذي لا نتخلق بأخلاقه، ولا نتأدب بآدابه، ولا نلتزم بمنهجه، الإمام علي كان قدوة في القول والعمل، وعلينا أن نكون كذلك إذا ما أردنا أن نحوز على رضاه ونحظى بشرف مرافقته في الجنة.
بالمختصر المفيد، محبة الإمام علي إيمان، وبغضه نفاق، وهنئيا لمن حاز بمحبته على رضا الله ورضوانه، واستحق المقام الكريم في علياء جنانه، وتعسا لمن حاد عن الطريق وحرم من فضل محبته ، ووقف في صف الباطل، مجاهرا ببغضه وكرهه للإمام علي ، فاستحق المقام في الأدوار السفلية في جهنم وبئس القرار.
الله الله في تقوى الله و السير على خطى وسلوك ونهج ومسار الإمام علي قولا وعملا، لأننا بدون ذلك نضحك على أنفسنا، وهذا ما لا يرضاه لنا الله ورسوله ووصيه وخليفته من بعده، بطل الأحزاب، وفاتح خيبر، ومدمر قوى الضلال والكفر والإلحاد.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.