الشعوبُ العربية والتطبيع.. موقفٌ مفقود وعدوٌّ يسود
موقع أنصار الله || مقالات || منير الشامي
تواجهُ الشعوبُ العربيةُ آفةَ التطبيع بصمت مطبق وغفلة مريبة دون أن يدركوا مغبة هذا الصمت وعاقبة تلك الغفلة.
ولا أجدُ من تفسير لهذا الحال المخيف الذي تعيشه كُـلُّ الشعوب العربية، هل عمهم الجهل إلى درجة أن أصبحوا لا يعلمون أن صمتهم أمام ما يجري من تطبيع مع أعداء الله إنما هو إعلان ضمني برضاهم، وأن رضاهم هذا يجعلهم في منزلة المطبعين تماماً والمواليين لأعداء الله الذين نهى ربُّهم عن توليهم لهم؟!
أم أن الضلالَ تغشّاهم لدرجة أن باتوا لا يفرّقون بين المعروف والمنكر، فكان ذلك سبباً لتفريطهم بمسؤوليتهم تجاه دينهم وتخاذلهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فعصوا أمرَ ربِّهم بذلك؟!
أم أن هذا الحال الذي وصلوا إليه يعكس نجاحَ عدوهم في تدجينهم وضرب نفسياتهم وفوزه فيهم بتجريدهم حتى من هُويتهم الإسلامية وخلس دين الله من قلوبهم، فعموا وصموا عما يضمر لهم عدوُّهم من الشرِّ ونسوا أن هدفه الأول كان وما يزال القضاء على غالبيتهم واستبعاد بقيتهم والاستيلاء على أوطانهم، لإقامة حلم دولته الممتدة من أقصى المغرب العربي إلى أقصى شرقه ومن أقصى حدوده الجنوبية إلى أقصاها الشمالية؟!
ألم يعد في كُـلِّ قوم منهم رجل رشيد واحد يبصّرهم ضلالهم ويهديهم للخروج من واقعهم المظلم إلى فضاء العزة والكرامة ونور القرآن وقبس الرسالة؟!
ألم يعد فيهم رجل رشيد يزيل الأوقار عن آذانهم، علّهم يسمعون ما يصرح به اليهود من معتقدات يؤمنون بها وأنهم ينظرون إليهم كعبيد خلقوا لخدمتهم ومسخرين لإسعادهم، أَو يزيل الغشاوة عن أبصارهم ليقرؤوا ما يردّده الصهاينة وما يصفوهم به من أوصاف، وأن أبسطَ وصف يصفون العرب به بأنهم دواب موسى، ويستحيل أن يقبلوا بسلام حقيقي معهم؛ لأَنَّهم مُجَـرّد مطايا للركوب ولا يمكن أن ينظروا إليهم بغير هذه النظرة؟!
ألم يعد في كُـلّ قوم رجل رشيد يشرح لهم عبارات النشيد الوطني الذي يردّده اليهودُ في كُـلِّ محافلهم وما فيه من تهديد ووعيد بالعرب؟!
ألم يعد في كُـلّ قوم منهم رجل رشيد يوقظهم من غفلتهم ويردُّهم عن تيههم ويقول لهم إن صمتكم عن جرائم التطبيع التي تقوم بها أنظمةُ النفاق من أعراب الجزيرة وأنظمة النفاق والخيانة من بقية الأمصار هو إقرار منكم بالخضوع للصهاينة ومولاة لهم بالطاعة واعتراف لهم بالسيادة والريادة والقيادة عليهم، وأن صمتهم هذا تفريط بقضية الأمة الأولى وتأييد منهم لليهود بإبادة إخوانهم الفلسطينيين، وإشهار معلن منهم بدخولهم حظيرة النفاق من أوسع أبواب الشيطان؟!
ألم يعد في كُـلّ قوم منهم عالم تقي أو ناصح صادق أو عاقل مشفق عليهم أو صاحب قرآن يصدع فيهم بالحق ولا يخاف في الله لومة لائم؟!
أياً كان السبب، فلن يكون لكم حجّـة تحتجون بها عند ربكم حتى ولو لم يبق فيكم رجل رشيد ولا عالم تقي، ولا مؤمن ناصح، ولا عاقل متدبر، فاعقلوا أيها الغافلون وانظروا حولكم، فكلُّ الأحداث حجج من الله عليكم وآيات بينات قد جعلها اللهُ لكم ظاهرة بينة بالغة إلى كُـلِّ فرد فيكم، وستشهد عليكم جوارحكم بما رأت من قائد اليمن ومن قائد الضاحية في لبنان ومن كربلاء ومن إيران، وما سمعت من دعواتهم لكم ومن تحذير ومن نصح لكم ومن نذير، فأفيقوا قبل الفوات وقبل أن تكونوا في عداد الأموات، فما زال في وقتكم متسع لتفوقوا من غفلتكم وتعودوا إلى رشدكم وتتوبوا من جريرتكم وتقفوا حيثُ أمركم ربُّكم لتدافعوا عن دينه وتعلوا كلمته، فالقرار لكم وإلى الله عاقبةُ الأمور.