اليمن ينجو من عار التطبيع
موقع أنصار الله || مقالات || زيد البعوة
تبعات وآثار ونتائج الخيانة والفساد تتفاقم مع مرور الأيام وتكبر وتستفحل، وتكون ثمارها كارثية على الوطن والشعب خصوصاً عندما تكون نابعة من هرم السلطة ومن صنَّاع القرار، وعندما يكون وراءها أطماع استعمارية أجنبية واستجابة وانبطاحاً وارتزاقاً من الداخل ممن هم في موقع المسؤولية، وعندما تترافق مع الخيانة والانبطاح والأطماع الاستعمارية خطوات عملية سياسية وأمنية واقتصادية وحتى عسكرية تبدأ في السر ثم تترجم في الواقع إلى مواقف تكشف عن نفسها بالتدريج ولو بعد حين ، وإذا لم يتم تداركها قبل أن يغرس المستعمرون أنيابهم في جسد الوطن ومخالبهم في جسم الشعب فمن الصعب التخلص منها والتغلب عليها في فترة زمنية وجيزة وبدون تضحيات وصحوة اجتماعية شعبية، لأن خونة الوطن والشعب ومن ورائهم الاستخبارات والسفارات الأجنبية يهندسون مشاريعهم الهدامة بحيث تكون النتائج مضمونة والكوارث كبيرة وخطيرة، كما كان يحصل أيام حكم السفارات الأمريكية والبريطانية والغربية للجمهورية اليمنية في عهد النظام السابق العميل..
كان اليمن يتدحرج في دهليز الوصاية الخارجية ويهرول إلى مزبلة العار والتطبيع مع الصهاينة عبر العملاء الخونة الذين باعوا ضمائرهم ووطنيتهم وقضايا أمتهم وكرامة وحرية واستقلال شعبهم وعزة ورفعة أمتهم وجعلوا تلبية رغبات السفير الأمريكي والسفير البريطاني شغلهم وعملهم ، وتلك الوثائق التي كشفها المتحدث باسم القوات المسلحة بالأمس تكشف بالأدلة الواضحة والدامغة مدى الانحطاط الذي وصل إليه أولئك السفلة العملاء إلى مستوى استقبال صهاينة في عاصمة العروبة وعاصمة الإيمان والحكمة بهدف تطبيع العلاقات مع إسرائيل بكل وقاحة وهم يدركون جيداً أن الشعب اليمني يرفض ذلك جُملة وتفصيلاً، لكن الأمريكان والصهاينة والعملاء كانوا يهندسون عملية التطبيع في الخفاء وفي دهاليز السياسة والخيانة حتى استكمال مشروعهم الذي فشل بفضل الله وبفضل وعي وصحوة وثورة الشعب اليمني..
تلك الوثائق السرية والخطيرة التي عثر عليها الأمن القومي اليمني في صنعاء بعد قيام ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر في السفارة الإماراتية وغيرها والتي تكشف حجم ومستوى العلاقات التي كانت في حالة تنام وتصاعد بين الكيان الصهيوني والنظام السابق العميل إلى حد تبادل الزيارات وتوقيع الاتفاقيات، هذه الوثائق الخطيرة اكد صحتها صحفيون صهاينة بعد نشرها وهذا ما ينبغي أن يأخذ منه اليمنيون العبر والدروس كيف كان الكثيرون منهم مخدوعين من قبل النظام السابق الذي كان يستهين بهم وبكرامتهم ومواقفهم وقضايا أمتهم، وماذا لو استمر الحال كما كان عليه، إلى أين كانت ستصل الأمور؟
من على حافة الهاوية أنقذت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر اليمن واليمنيين من السقوط في مستنقع التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي كان أولوية بالنسبة للأمريكيين والبريطانيين والصهاينة وكان الأمر مستساغاً ومقبولاً من قبل النظام السابق العميل وكانت الأمور تجري في هذا الاتجاه، وقد أثبتت الأحداث والمتغيرات منذ عام 2014م إلى اليوم أن النظام السابق كان يمضي باليمن واليمنيين إلى قعر جهنم وإلى مربع التطبيع والخيانة والخزي والعار، ولولا ثورة الشعب اليمني وإطاحته بمنظومة الفساد والارتزاق والخيانة لكان اليمن اليوم في قائمة العار والتطبيع التي يتسابق إليها اليوم عدد من ملوك الأعراب وفي مقدمتهم عيال زايد وآل خليفة وآل سعود ولصوص الثورة في السودان العسكريين العملاء بقيادة المدعو حميدتي..
بعد افتضاح أمر العملاء الخونة في النظام السابق الذي كان يحكم اليمن على الطريقة الأمريكية، وبعد أن تم العثور على وثائق سرية تكشف مدى الانبطاح والارتزاق الذي كان يسير عليه النظام العميل والذي وصل به الحال إلى حد تدشين مشروع الخيانة العظمى المتمثل في التطبيع مع الكيان الصهيوني ومنح السفارات الأجنبية التحكم الكامل في القرار السياسي والسيادي لليمن ، ولهذا يمكننا القول بكل ثقة إن ثورة الـ 21 من سبتمبر منحت اليمن واليمنيين حصانة من الانزلاق في وحل التطبيع وخيانة الأمة ومقدساتها وقضاياها وفي مقدمتها قضية فلسطين والمسجد الأقصى، وإن هذه الثورة طهرت جسد الجمهورية اليمنية من جراثيم الخيانة والتطبيع وفيروسات الوصاية الخارجية..
أحلام الصهاينة والأمريكان فشلت، وخيانة العملاء المفسدين المطبِّعين خابت واندثرت وبقي اليمن حراً مستقلاً شامخاً عزيزاً يقف إلى جانب قضايا أمته وفي مقدمتها قضية فلسطين والمسجد الأقصى ، وها هو الشعب اليمني منذ ست سنوات يواجه دول تحالف العدوان بقيادة أمريكا وتنفيذ آل سعود وعيال زايد وآل خليفة ومن معهم، ويقول للطواغيت والمستكبرين والعملاء المرتزقة والمطبَّعين إنه شعب حر لا يقبل الاستعمار والوصاية ويرفض التطبيع مع الصهاينة، ولا يمكن أن يقبل أن يكون في قائمة الخزي والعار والتطبيع لأن الذي يليق به هو ما هو عليه اليوم في ميدان الجهاد والكفاح والمقاومة وساحة التضحية والاستشهاد ومناهضة للمشاريع الاستعمارية الأمريكية الصهيونية، وسيبقى كذلك حتى يأتي أمر الله ويتحقق وعده بالنصر والتمكين للمؤمنين المجاهدين في سبيله.